اتصل بنا
 

لا أريد أن أكون الملك

نيسان ـ نشر في 2018-03-15 الساعة 16:35

x
نيسان ـ

أن تكون ملكاً وسط تربة اجتماعية وسياسية عميقة التعقيد، مهمة ليست سهلة.
ينتشر في أوساط الأردنيين شريط فيديو اليوم أعقد من تسجيل أمس 'صفقوا'، في التسجيل يؤكد الوزير والسياسي السابق على أنه قادر على ان يفرض على الدولة أن 'تدير بالها عليه'، تحت طائل جبروت العشيرة.
السياسي في التسجيل يؤمن بأحقية وراثته للكراسي والمناصب، وان على الدولة ان 'تدير بالها الدولة عليه'... 'مش بكيفها'. 'غصب عنها'.
المتابع للتسجيل، والتصفيق والترحاب الذي استقبلت به كلمة هذا السياسي يقف مشدوها من حجم وسع المسافة بين ما نقوله حول 'الدولة المدنية' وبين 'مجتمع قريش' الذي نعيش فيه.
هي جاهلية أخرى، وربما أعمق من الجاهلية الأولى، وأكثر تعقيدا منها، بالنظر إلى خلطة 'الشيزوفرينيا المجتمعية' التي تفسد خرائطنا السياسية.
سبق لجلالة الملك عبدالله الثاني أن أشّر إلى المسألة، في أكثر من مناسبة، كان آخرها قول جلالته خلال لقاء بكلية الأمير الحسين بن عبدالله الثاني للدراسات الدولية في الجامعة الأردنية مجموعة من طلبة الكلية.
في اللقاء تحدّث الملك عن عوامل تساهم أحيانا في بقاء المسؤولين غير الكفؤين في كراسيهم، من بينها؛ الخوف من إغضاب أقاربه وعشيرته، وهو الأمر ذاته يحدث عند الحديث عن سيادة القانون.
ما لا يدعو الى الضحك بل الحزن هو ذهاب كثير من نخبنا في 'تنظيرهم' نحو الحديث عن مدنية الدولة.
تلتفت الى خطابهم، المحمول عبر كلمات كبيرة، ثم تنظر الى تسجيل 'المسؤول السابق الذي يلتحف بعشيرته، ثم تهمس لنفسك: مطولين لنصل؟.
ليست هناك عصا سحرية يمكن ان تقود الناس الى 'العدالة'، لكن الاستنتاج الاخير الذي يمكن الوصول اليه اليوم هو أن ما هو مؤكد ان مفردات المجتمع وانظمته تشكل عائقاً حقيقياً أمام الانتقال إلى مربع الدولة المدنية.
'دولة مدنية' ستبقى محض فكرة خيالية طالما تعكس هويتنا الاجتماعية تسجيلات مصورة فتكرّس في أعماقنا هوية العشيرة على حساب هوية الدولة، ثم نتمسك بالفساد السياسي والإداري طالما أنه يهدد مصالح أقاربنا وأبناء عمومتنا.
نريدها دولة مدنية بنسخة جديدة، نعلقها على الجدران، نسخة لا تقترب من امتيازاتنا وفسادنا وغطرستنا.
إن هددتم سلة الامتيازات والاعطيات الحل موجود ولا يحتاج سوى توزيع رقع دعوى سريعة لأفراد العشيرة، نطلبهم إلى اجتماع، ثم نفرغ به كامل عجزنا وحقدنا وكراهيتنا بعد أن نكون هيئنا المناخ بإبر حقن وريدية ترفع من مستوى العشيرة وحقوقها المسلوبة.

ملاحظة : الوزير الغاضب سبق له وأن شغل منصب وزير سبع مرات؛ إذ حمل حقيبة وزير الشؤون البلدية أربع مرات، فيما لم يحالفه الحظ بأكثر من دورتين لحقيبة الشؤون البرلمانية، مقابل مرة واحد لحقيبة لنائب الرئيس.

وسبق للسياسي أيضا أن كان عضواً في مجلس الأعيان لثلاث مرات، وعضوا في مجلس النواب لمرتين.

السؤال : كيف نرضيك يا معالي الوزير؟

نيسان ـ نشر في 2018-03-15 الساعة 16:35

الكلمات الأكثر بحثاً