المكم من فشلكم وفقركم الفكري ..
نبيل عودة
كاتب
نيسان ـ نشر في 2018-03-17 الساعة 18:34
نبيل عودة
*طرحت تساؤلات وليس تحريضا حاقدا، اتهموا علي سلام بالفشل السياسي والإداري. سألتهم: هل يشمل الفشل الإداري رفض علي سلام إبقاء البلدية دارا مغلقة امام أبناء الناصرة، كما كان الحال في أيام الجبهة الغابرة؟! – هل في السؤال إهانة؟ وسؤال آخر: هل عزلكم عن إدارة بلدية الناصرة هو فشل سياسي لعلي سلام؟ *
*******
ردا على مقالي عن 'ميزانية بلدية الناصرة بين حابل الجبهة ونابل شباب التغيير'، هاجمني جبهوي – شيوعي (الحسن أخو الحسين) يتهمني ان دافعي للكتابة هو الحقد على الجبهة، معللا ان السبب اني لم احصل على ما اطمح به، وانا لم اطلب شيئا، كنت، قبل تقاعدي وعملي بالصحافة، مديرا للإنتاج في الصناعات الثقيلة، بدخل شهري مرتفع جدا، وشروط عمل ممتازة، وهناك مسالة أوجل فضحها حين رغبت ان اتفرغ للأدب والثقافة والنشاط الحزبي، فحاولت الحصول على وظيفة مدرب مهني ، فجرى اختيار شخص على أساس عائلي، الموضوع لم يشغلني رغم سلبيته الكبيرة، وكونه يشير الى ان المحسوبية التي اوجعت الجبهة راسنا ضدها كانت لغوا. قد اعود لذلك الموضوع اذا استمروا بغيهم وتهجماتهم. ليتهم يناقشون ما اطرح في السياسة، او الفكر، او الفلسفة او الاقتصاد، او حتى الثقافة. ويتخلصوا من أوهام ان من ينتقدهم حاقد عليهم. لا أحد يولد حاقدا، الحوار والنقد واختلاف الرأي هو امر صحي لمن يعقل.
لم اكتب أي كلمة يمكن ان تعتبر ضمن لغة الحقد او التشهير. مقالاتي في الانترنت واضحة للجميع، طبعا من حاولوا بفهمهم المشوه والصبياني، رغم شهادات بعضهم الأكاديمية، ان يوجهوا لي إهانة شخصية، وجهت لهم صفعات ساخرة، لأنهم لا يستوعبون الحوار او الجدل اذا كانوا حقا وصلوا لشيوعيتهم بالدراسة والقراءة والوعي الشخصي، وليس كنافذة انتهازية منفعية. ولكني على ثقة مطلقة ان قيادات تنظيمهم بينها وبين الفهم الماركسي المحيط الأطلسي بكل اتساعه.
في مقالي المذكور أعلاه، طرحت تساؤلات وليس تحريضا حاقدا، مثلا اتهموا إدارة البلدية التي يرأسها علي سلام بالفشل السياسي والإداري. سألتهم: هل يشمل الفشل الإداري رفض رئيس البلدية علي سلام إبقاء البلدية دارا مغلقة امام أبناء الناصرة، كما كان الحال في أيام الجبهة الغابرة؟! – هل في السؤال إهانة؟ وسؤال آخر: هل عزلكم عن إدارة بلدية الناصرة هو فشل سياسي لعلي سلام؟ - هل هناك إهانة من سؤالي؟ وكتبت ضمن مقالي توضيحا: صحيح ان لعلي سلام 8 أصوات، رغم انه حصل على أكثر من 60% من أصوات الناخبين، فالانتخابات لم تعاد للعضوية والا كان لعلي سلام بحساب بسيط 13 عضوا في مجلس بلدية الناصرة! – هل في هذه الجملة اقلال من حجمهم واهانة لفشلهم؟
الم يكن من الأصح لمن يدعون المنطق السياسي والفكري والثقافي، ان يردوا، اذا كان لهم ما يقال بشكل عقلاني وبصيغة تصلح للحوار؟
ذلك العبقري ومثله عدد آخر من الذين يتوهمون انهم مبصرون في بلاد العميان، هم نتاج تفكير مغلق لا يرى أعضائه ولا قياداته ابعد من ارنبة أنوفهم ..حالة مؤسفة لم يثبتوا اطلاقا ان لهم باع عقلاني صالح للطرح لنفهم ما يؤلمهم، او ليفسروا سبب خسارة حزبهم التاريخي ،بتاريخه المجيد في النضال (وهذه حقيقة تاريخية سياسية لا يمكن انكارها وهي فخر لتاريخ حزبهم وليس لمن حولوه الى ساحة صراع انتهازي)، خسارة لشخص بلا حزب، هو السيد علي سلام، جاء أصلا من صفوف جبهتكم ، حيث كان نائبا للرئيس الجبهوي في بلدية الناصرة ثم قائما بأعماله لمدة عشرين عاما، قبل ان تحاولوا التخلص منه بطريقة التآمر والخداع!!
لا تنسوا امرا هاما اني كنت داعما لكم ضد علي سلام أيضا. ورغم ذلك صحيفتكم فرضت علي المقاطعة الشخصية. السبب اني انتقد (ولا اشتم) واطرح رؤيتي الخاصة، قد تكون على صواب او يجانبها الصواب، لكنها مادة للحوار والتفكير وتطوير الوعي.
هل هذا الأمر بات يتناقض مع نهج التثقيف في حزبكم؟ وبات يعتبر الحادا بخرافات ماركسية يمارسها حزبكم ولا علاقة بفكر ماركس بها، دون وعي ودون محاولة فهم المتغيرات العميقة في الفكر والفلسفة الماركسية وما بعد الماركسية.
انا لست عدوا ودعمتكم في انتخابات الكنيست أيضا، من رؤيتي ان طرحكم السياسي هو الأفضل، وقد ادعمكم مرة أخرى...انا لا أحقد، انا اكتب قناعاتي. صحوتي للواقع الجبهوي والشيوعي بدأ مع الانقلاب على الشخصية السياسية، الكاتب، الشاعر، المفكر، الاعلامي والمثقف سالم جبران عام 1993 (او 1992) لا اذكر التاريخ تماما. حدث ذلك في مؤتمر الجبهة لإقرار تركيبة القائمة للكنيست. وكان سالم هو المرشح الذي اجمع عليه الحزب الشيوعي بصفته الشخصية المركزية في الحزب الشيوعي على الاطلاق .. أيضا الذي انقلب عليه صوت له، وفي اللحظات الأخيرة انقلب عليه بدعم عناصر فاسدة سياسيا، وربما نفذت مهمة تثير شكوكا كبيرة بمن يقف وراءها. ما حدث يعتبر وصمة عار على الحزب وقادته العواجيز الذين لم يتدخلوا لوقف المهزلة. انا توجهت لهم شخصيا ان يحترموا قرارات حزبهم، ويحافظوا على دستوره، رد المرحوم توفيق طوبي بقوله: 'يا رفيق ... هل تريد ان ينقسم الحزب؟'.
اجل لينقسم. حزب لا يحترم قراراته ويخاف من فرد يتمرد على قرارات كان هو جزءا منها ..هذا حزب ميت. لم اتلق ردا!!
أيقنت ان الحزب يكتب ورقة نعيه، وانا لن أكون أشبه بسمكة ميتة يجرفها التيار.
تحدثت بغضب وعلى سمع العشرات، باني لن أبقى عضوا في حزب جبان لأن 'شخص ما' قرر ان يتمرد وان ينسف قرارات حزبية .. وان يفرض نفسه على قائمة الكنيست.
اقترب مني رفيق اعزه واحترمه وكان اول مثقف تثقفنا ماركسيا على محاضراته، لن اذكر اسمه، لكنه كان رئيس سلطة محلية في منطقة عكا، ومناضل معروف فصل من التعليم مع عشرات المعلمين، بسبب مواقفه الوطنية، طلب مني أن أصمت وانه يريدني لحديث خاص. ابتعدت معه الى زاوية بالقاعة (اعتقد ان الاجتماع كان في قاعة بولس في يافة الناصرة) وقال لي: ان ما يقوم به ذلك الرفيق (أعتذر عن ذكر اسمه ايضا) 'يخرب الحزب ويخرب الجبهة'، وطلب مني ان لا اتصرف بعصبية، 'لأن مصلحة الحزب ومستقبله أهم من قائمة الكنيست..' موقفي كان ان ما يجري لا يمكن ان اقبله. بالنسبة لي هذه نهاية طريقي في هذا الحزب، اعطيت له اربعة عقود من عمري، ولن اكون تافها لأعطيه ما تبقى من عمري'!!
كتبت استقالتي بنفس الجلسة وقدمتها لقيادة الحزب، وغادرت الى الهواء النقي. ومنذ ذلك الوقت بدأت مراجعاتي للفلسفة الماركسية ونظريات ماركس المختلفة، وبدأت اكتشف التزييف الكبير، وتجدون الأجوبة في كتابين لي نشرتهم بالانترت أيضا، 'الفلسفة المبسطة وقصص تعبيرية ساخرة -نبيل عودة' او كتاب 'ماركس يتبرأ من الماركسيين - نبيل عودة'
لذا انا لست حاقدا على مضللين وتافهين جعلت قياداتهم منهم اضحوكة، شلت تفكيرهم وجعلتهم ببغاوات بلا عقل.
انا ماركسي، ولكني لست منغلقا على كل ما سجله ماركس بل لي نقد حول العديد من القضايا والنظريات الماركسية ورؤية حول نواقصها وجوانب تطويرها، لكن هذا لا ينفي ان ماركس من اهم فلاسفة القرن التاسع عشر والأكثر تأثيرا على التطور الفكري والسياسي في القرن العشرين.
نقد النظرية، او من يدعون انها 'ملكهم طابو' ليس حقدا يا جاهلين، نقدها ونقضها هو لتطويرها، هكذا تتطور العلوم، هكذا يتطور الوعي، هكذا يتطور الأدب ايضا، لكني لا ارى اي شخصية شيوعية او جبهوية ، قادرة على استيعاب مضامين الفكر الماركسي الذي يدعون تمثيله وهم يفتقدون للقاعدة الفكرية وللفهم النظري لماركس والماركسية.
نيسان ـ نشر في 2018-03-17 الساعة 18:34
رأي: نبيل عودة كاتب