اتصل بنا
 

جنبلاط زعيم (تويتر)

نيسان ـ نشر في 2016-04-23 الساعة 12:36

جنبلاط زعيم (تويتر)
نيسان ـ

الاستقالة التي ينوي الزعيم وليد جنبلاط تقديمها، ليست إنسحاباً من العمل السياسي. أراد أن يرفع تجربته إلى مستوى "العمل الحر"، بالربط بين إعلانين: "النظام اللبناني هو أقوى نظام في العالم"، بالنظر إلى الترابط المصلحي بين الطبقة السياسية والطوائف، والفساد فيه، وبين تأبينه تجربة الأحزاب السياسية.

في إعلانه، أراد جنبلاط النفاذ من المسؤولية عن أزمة فساد كشفتها أزمة النفايات، وأرّخت لمرحلة جديدة من الصراع بين القوى السياسية والشعب، خسر المواطن فيها تلك الجولة. سينجح في ذلك، على الاقل شكلياً، لكن تجربته السياسية مستمرة. ملعبها هذه المرة، "تويتر". وهي اللعبة الأكثر تأثيراً، والأكثر إغراءاً.. وتتسم بجرأة غير معهودة، وقدرة على الإنتقاد وشن الهجمات وكسب الحروب.

في إنسحابه، ينقل جنبلاط الممارسة السياسية التقليدية، إلى موقع النقد. يعين نفسه كاشفاً فسادها ودهاليزها، من غير أن يُحسب عليها. بدأ تلك الممارسة، بتأكيده أنه جزءٌ من الفساد. لكنه، لن يبقى فيه. سينسحب، تاركاً أثر الإعتراف. وينطلق منها، إلى موقع سياسي متقدم، حيث يفعّل البوح، بلا حرج، والإنتقاد، بلا إدانة. اختار الموقع السياسي الأقوى، ليس زهداً، لأن استقالة جنبلاط لا تعني الإنسحاب، بل هي إمعان في تكريس موقع سياسي، يزيد حيثيته، ويضاعف أثره.

من المشهد المباشر، ينتقل جنبلاط إلى الشاشة. يبعث الرسائل المرفقة بالرسوم والتعابير الشكلية. هو يدرك أن لعبة التغريد في "تويتر"، تتيح لأي زعيم سياسي يتسم بجرأة على الاعتذار، التراجع والتصويب بسلاسة. وعليه، يمحو جنبلاط تغريدة، كأن شيئاً لم يكن. ذلك أن التغريد، في حالة جنبلاط، لا يرتب على مسؤول سياسي منسحب، موقفاً دائماً. هنا، يثبت أنه يخالف العرف الرائج لدى سياسيي العالم، بأن التغريد هو بمثابة تصريح رسمي. حوّله زعيم "الحزب التقدمي الاشتراكي" إلى رسالة، (وهي التجربة الأولى في العالم)، تحتمل الهزل والجد معاً، والقسوة واللين.

التغريد مساحة تغري جنبلاط. فهو ينطوي على عبثية تشبه المشهد السياسي المنسحب منه. وتحتمل ممارسة المتناقضات: الإنسحاب والإنخراط، والنفاذ والضلوع. لكنها فعلياً، حولته إلى "باروميتر" السياسة، ناقدها، والقائم عليها. وبينهما، مساحة أوجدها لنفسه لتحسين فرص تحقيق حساباته الداخلية والإقليمية، أو لتكريس موقعه الوسطي، تمهيداً لتسليم نجله تيمور حقيبة بلا أعباء ثقيلة.

زعامة جنبلاط، فعلياً، تنتقل من الإنخراط المباشر إلى الإنخراط بالوكالة، ومن النقد الذي يرتّب اعتذارات إلى النقد خلف الشاشة. زعامة، تنتقل بسلاسة إلى منصة "تويتر".

المدن

نيسان ـ نشر في 2016-04-23 الساعة 12:36

الكلمات الأكثر بحثاً