تعويضات متضرري حرب الخليج بين العتيبي وسيف والبنك المركزي والحكومة الأردنية
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2018-03-23 الساعة 16:36
كانوا يرفدون الإقتصاد الأردني سنويا بالمليارات على شكل تحويلات بنكية،وكانوا ينعشون الأسواق ويدعمون ذويهم وأقاربهم سنويا عندما يأتون إلى الأردن لقضاء عطلة الصيف ،كي يروحوا عن أنفسهم عناء الغربة وتأثيرات طقس الصحراء بقيظها صيفا وبردها القارس شتاء ،ويبتعدون عن الرطوبة المعجونة بالرمل الطحيني الناعم 'الطوز'.
إنهم نحو 300 ألف أردني كانوا يقيمون معززين مكرمين في الكويت ،ويعملون بجد وإخلاص لنهضة هذا البلد الذي فتح لهم أبوابه وهيأ لهم كل فرص الحياة والنجاح والإبداع بغض النظر عن بعض الممارسات ،ولكننا نتعامل مع النهايات والنتائج ،فقد كانت الكويت مصدر رزق معتبر.
لا شيء يدوم إن خيرا او شرا، فلا نعمة تدوم ولا نقمة تستمر إلى الأبد ،وهذه هي سنة الحياة التي إستنها رب العزة من فوق سبع سنوات قبل أن يكتمل الخلق وثبتها في اللوح المحفوظ ،ولتكون هذه السنة عبرة لمن يريد أن يعتبر .
بعد الكارثة التي خطط لها من يريدون لهذه الأمة أن تندثر ولضرب أربعة عصافير بحجر واحد ،وهي:معاقبة الأردن وتدمير إقتصاده إنتقاما من رفض الراحل الحسين الوقوف مع حرب الأمريكان والفرنجة ضد العراق لرغبته بأن يكون الحل عربيا ،والثاني معاقبة الفلسطينيين لإجبارهم على الموافقة على أي حل إستسلامي،والثالثة وهم الأكثر خطورة الإنتقام من الكويت التي سجلت في ذلك الوقت نهضة عالمية وأصبح يشار إلى إسمها عالميا بالبنان، لنمط الحياة فيها ولديمقراطيتها وإحترامها لحقوق الإنسان،ولحضورها الدولي المحترم ،تماما كما هو الحال بالنسبة لدولة قطر اليوم،بينما الرابع فهو إستكمال مخطط الحرب العراقية –الإيرانية الذين خططوا هم انفسهم لها مع الأمريكان والصهاينة لشطب العراق عن الخارطة ،حتى يخرجوا بهويتهم الصهيونية الحقيقية ويعلنوا صفقة القرن التي تشطب القضية الفلسطينية والأردن الرسمي.
ولذلك كان من بين أهدافهم تجييش العالم ضد العراق بعد أن ورطوه في الكويت ،وأسهموا هم انفسهم بالتوتر الذي شهدناه ومنعوا الراحل الشيخ زايد من حل المشكلة على طريقته المعروفة، حيث قال أنه إذا كانت العشرة مليارات دولار التي يطلبها صدام من الكويت تحمي الأمة فانا سأدفعها من جيبي ،فتم الإتصال به وإخباره أن الأمر اكبر منه ،وطلبوا منه سحب كلامه فكان ما كان ،ودخل الجيش العراقي الكويت وحدث للكويت ما حدث وتشرد إخوتنا الكويتيون كما تشرد الفلسطينيون بسبب خطط أبناء الحصن ،وفرض على من كانوا يعملون في الكويت من الأردنيين والفلسطيين تشردا جديدا وهجرة أخرى.
كانت الكويت تحتضن نحو 350 ألف أردني وفلسطيني عادر منهم للأردن نحو 300 ألفا ،عانوا ما عانوا بعد أن صرفوا مدخراتهم وعجزوا عن العثور على فرص عمل لهم ،لعدم وجود خطط حكومية لذلك ،ولا داعي للتوغل اكثر في هذا الملف لأن فتح الجروح النازفة يفاقم المعاناة.
المهم وهذا جوهر المشكلة أن أحد العائدين من الكويت وهو السيد يحيى العتيبي بادر لتأسيس جمعية تعنى بهؤلاء 'اللاجئين الجدد'للمطالبة بتعويضاتهم من حكومة الكويت ،وطلب من الراغبين مبالغ مالية بدأت ب 500 دينار أردني،ويعلم الله أن مبلغا مثل هذا لم يكن متوفرا عند الغالبية ،فلجأوا وأنا منهم إلى زيادة حجم الديون علّ وعسى أن يفرجها الله .
وليس سرا القول أن هؤلاء اللاجئين الجدد تحولوا إلى نمط حياة لم يكونوا معتادين عليه، فقد باعوا ممتلكاتهم وسياراتهم بأسعار بخسة وتعرضوا للإستغلال ، وفشل غالبيتهم ممن أرداوا دخول السوق وإشتروا مكاتب تجارية في شارع الجاردنز على سبيل المثال وإنتهوا إلى خسارات قاتلة ، بعد أن فشلوا في تلبية طلبات نسائهم وأبنائهم ،وإنتهى الكثيرون منهم إلى حضيض المعاناة من فقر وحرمان وظلم ذوي القربى وإهمال الحكومة ،وتعمقت بينهم نسب الطلاق وما إلى ذلك.
ومع هذا فقد كانوا يأملون من السيد يحيى العتيبي أن يحصل حقوقهم وينقذهم من مآسيهم التي طالت حتى أعماق النفس ومست حتى نخاع الكرامة ،وكان العتيبي يقول لهم على الدوام أن محكمة بروكسيل ستنظر في القضية وأن الحكومة الكويتية تميل للتسوية الودية وهكذا دواليك ،وتبين أن الجمعية أصبح لها إستثمارات محرم على المنتسبين لها الإطلاع عليها ،وأن المنتسبين الذين يعيشون ضنك الفقر يرون موظفي الجمعية وهم يعيشون حياة الأمراء ومع ذلك لم يفلحوا بعمل شيء.
قبل أيام أشعلت تصريحا لأحد المسؤولين السابقين في جمعية متضرري الخليج وهو المحامي أدهم سيف صالونات الأردنيين السياسية والإجتماعية والإقتصادية ،عندما قال على إحدى الشاشات الأردنية أن حكومة الكويت مشكورة إستجابت لأوضاعنا الصعبة ،وسلمت الحكومة الأردنية نحو 4 مليارات دينار أردني لتسليمهم حسب الكشوف المعدة للمتضررين عام 2009 ،مؤكدا أن البنك الأردني وبتعليمات حكومية حول المبلغ إلى الإحتياطي العام للدولة وان جهات رسمية سيادية تفاوضت مع الجمعية على منح كل متضرر ما نسبته 35% من نصيبه الذي قررته مشكورة حكومة الكويت.
حركت هذه التصريحات الراكد وفجرت الدمل من جديد لينزف صديدا ودما معا ،فكم دمر الفقر أسرا وعائلات كانت مستورة ،وكم من رجل جرى إذلاله لحاجته ،وجرى الإتصال بالسيد يحيى العتيبي فما كان منه إلا الإنكار وحلف الأيمان الغلاظ أن هذا كذب وإدعاء وإفتراء من المحامي سيف المطرود من الجمعية ،ولكن الحامي سيف ما يزال متمسكا بموقفه ويؤكد صحة كلامه.
أنا شخصيات لا أعرف الرجل لكنني أؤومن بكل حرف تفوه به ،فهو يعرض أرقاما ويتحدث عن جهات رسمية ويكشف أسرار دولة ،ولو كان لديه بعض الوهم او الخلط لإختفى كفقاعة صابون أو ما أشبه ،ولكننا لم نسمع مسؤولا أردنيا نفى ما اورده السيد أدهم سيف.
ولأغراض الشفافية والنزاهة إتصلت به هاتفيا وسمعت منعه نفس ما تحدث به سابقا ،وأفادني أنه بصدد الإتفاق مع مكتب محاماة لتقديم طلب رسمي للديوان الملكي العامر، كون جلالة الملك عبد الله الثاني هو ملاذ الجميع وان مثل هذه القضية لن يحلها إلى تدخل جلالته الإجابي ،كما انهم ينوون تقديم طلب رسمي قانوني للبنك المركزي كي يفرج عن التعويضات وإلا فإن القضاء الأردني النزيه سيكون هو الحكم.
وتاليا أورد ما جاء على لسان السيد أدهم سيف من بيانات للمعنيين بالموضوع:
الأخوة أعضاء جمعية متضرري حرب الخليج المحترمون
بالأمس أطلعني احد الأعضاء على كشف مسرب من داخل البنك المركزي الاردني فيه اسماء المتضررين ومبلغ استحقاقتهم لكل عضو وشاهدت اسمي موجودا من بين الأعضاء بالكشف والمبلغ المستحق لي وهو ثلاثمائة الف دولار فله كل التحية والتقدير، وكلي أمل ورجاء للشرفاء في اردننا الحبيب وعلى رأسهم جلالة الملك عبد الله بن الحسين ورئيس الوزراء ووزير المالية، ان يفكوا كربتنا وتسليمنا استحقاقتنا والموجودة في البنك المركزي الاردني من اواخر عام 2009 وعام 2010 مع كل التحية والاحترام
الاخوة الاعضاء المحترمون
قبل يومين نشرت ان حقوقننا موجودة في البنك المركزي الاردني وقد تسرب كشف من البنك المذكور فيه بعض الاسماء ومبالغ مستحقاتهم وارسل صديق كنت مكلفه بشان هذا الموضوع اسمي ومبلغ مستحقاتي انا شخصيا لا املك اية كشف ولكن الصديق قال الاسماء موجودة والمستحقات موجودة وهي مضمومة الى الاحتياطي العام للدولة والحل النهائي بيد جلالة الملك عبد الله ومن ناحية الصديق كلفته بارسال الكشف فاعتذر وقال انا متضامن معكم وحزين لهذا الامر ولكن مافي باليد حيلة وقال من ائتمنك لا تخونه فلم يبقى امامنا الا جلالة الملك ، باعتقادي ان حل الموضوع بات قريبا بهمة سيدنا جلالة الملك وكل الشرفاء.