اتصل بنا
 

في تداعيات الاضراب العام

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2018-05-31 الساعة 11:50

نيسان ـ

نجحت النقابات المهنية اليوم في تنفيذ اكبر اضراب في تاريخ الاردن حيث حشد لهذا الاضراب عشرات الاف في مختلف مدن ومناطق البلاد في رسالة واضحة تحمل مضامين سياسية عميق للنظام السياسي وبرامجه الاقتصادية وطريقة ادارة للبلاد.
المهم في هذا التحرك هو ما توصلنا اليه امس وعبر عنه اليوم الرنتاوي بالقول 'ان الفلسطينيين عادوا الى السياسة عبر الاقتصاد وهو ما سيفرض معادلة جديدة في البلاد' وهو امر وتشخيص دقيق من خلال تتبع زخم المشاركة الفلسطينية في اضراب اليوم سواء في النقابات او اضراب المحال التجارية والشركات الخاصة والتي تعود ملكيتها بشكل رئيس لهذه الكتلة الاجتماعية التي عبر عنها عريب.
ذلك في شكل عودة الفلسطينيين الى السياسة اما عوامل تلك العودة فتتشعب وتتنوع وهذه محاولة لحصر بعض جوانبها.
اولا انتهاء مفاعيل حقبة ثانية 'الدولة والاخوان' حيث بدأ مشوار هبوط الحركة الاسلامية مع بداية الموجة المعاكسة للربيع الاخواني مع تخلي الولايات المتحدة عن دعم هذا الخيار منذ اغتيال السفير الاميركي في طرابلس اليبية وسقوط مرسي وتداعي النموذج التركي وعجز الاخوان عن احداث التغيير محليا وتقليم اضافر هذا التنظيم وانقسامه على ذاته وبداية خسارته مواقعه في اتحادات الطلبة والبلديات والبرلمان (كتلة الاصلاح خليط من اخوان وتحالفاتهم )واخيرا في النقابات.
هذا على صعيد تراجع الاخوان اما على صعيد مؤسسات الدولة فقد بدأ التراجع مع التعديلات الدستورية 2015 وتنامي قوة مؤسسة الديوان وتغولها على باقي مؤسسات الدولة اضافة الى ضعف الادارة العامة وتراخي قبضة الدولة وعجزها عن الايفاء بمتطلبات الاردنيين في ملفات الصحة والتعليم والخدمات.
مسار تداعي الدولة وتراجع دورها جاء في ضل انهاك تلك المؤسسات تاريخيا للشعب الاردني عبر التسلط عليه واحتكار تمثيله والعبث فيه في الوقت الذي كان الشعب الاردني يودع هويته ومصيره في اطار مؤسسات الدولة استنادا الى كونه جمهورها التاريخي منذ ازمة ايلول العام 1970، وهو التاريخ الذي باتت فيه الكتلة الفلسطينية تمثل من قبل فصائل المقاومة واحزابها وخصوصا حزب الاخوان المسلمين.
اليوم عمليا انتهت مفاعيل صيغة المعادلة الاردنية المستقرة منذ سبعينيات القرن الماضي وهناك كتلة اردنية مخذولة من قبل مؤسسات الدولة وكتلة فلسطينية تحررت من خطاب فصائل المقاومة الخشبي وخصوصا اجيال ما بعد اوسلو وابناء العائدين من الكويت والتي تشكل الجيل الثالث الذي باتت شعارات العودة والتحرير والمقاومة وهذه الكتلة اليوم انخرطت في الفعل الاحتجاجي في ظل ارباك وضعف مؤسسات الدولة.
اذا كان الفلسطينيين انتقلوا من الحياد الى الفعالية في ظل انتقال النظام السياسي من حالة الصلابة الى حالة السيولة فأن هذا الانتقال يتزامن مع تطورات بالغة الدقة على صعيد القضية الفلسطينية وصفقة القرن التي تعتبر عمان هي المحطة النهائية التي سيكون عليها تحمل تبعات ادماج اسرائيل في المنطقة.
القضية ليست قضية قانون ضريبة او برجوازية او البيروتاريا القضية قضية هوية دولة ومصير وطن .

نيسان ـ نشر في 2018-05-31 الساعة 11:50


رأي: منصور المعلا كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً