28
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2018-06-14 الساعة 16:55
هذا الرقم ليس عمري بطبيعة الحال فأنا دخلت في مرحلة الشيخوخة ،ولا هو أيضا تاريخ ميلادي ،بل هو عدد أعضاء حكومتنا الرشيدة التي أدت اليمين الدستورية أمام سيد البلاد الهاشمي الملك عبد الله الثاني بن الحسين بعد ظهر اليوم الخميس ،وقد تم تعيينهم في الحكومة الإصلاحية التي كلف برئاستها الخبير الإقتصادي المعروف والمعتمد من قبل البنك الدولي د.عمر الرزاز،بعد أن اطاح الحراك الأردني الأخير بحكومة الملقي.
قبل الغوص في التفاصيل نود التنويه إلى الدول العظمى في العالم تحرص على ان يكون لديها حكومات رشيقة ،فها هو الدستور الأمريكي يحدد عدد أعضاء القوة العظمى في العالم المانحة للعالم الثالث والتي تحمي العديد من الأقاليم الغنية والكبيرة ويبلغ حجم إقتصادها 16 تريليون دولار على أقل تقدير،ما بين 14-17 وزيرا، بينما يوجد في حكومة الصين التي تجهّز نفسها لخلافة امريكا في قيادة العالم 18 وزيرا فقط ،وقد قلص الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدد اعضاء حكومته إلى 22 وزيرا.
أما نحن في الأردن ذلك البلد الصغير والذي لا يتجاوز عدد سكانه 10 ملايين نسمة بمن فيهم المقيمين واللاجئين ،ونعيش على المعونات الخارجية المذلة التي تكبل قرارنا السياسي وتصادره ،نشكل اليوم ونحن في أسخم أوضاعنا الإقتصادية وزارة تضم 28 وزيرا....يا للهول.
بدلا من تسول المعونات الخارجية المذلة والمشروطة من الآخرين الذين يحاصروننا ماليا وإقتصاديا ويعملون على خنقنا سياسيا ،ويرغبون بتجريدنا حتى من شرعية وجودنا ،كان من الأولى أن نضغط على أنفسنا ونضبط نفقاتنا ونتخلى عن سياسة التنفيع والدولة الريعية والولاء والإنتماء الكاذبين النفعيين.
الخطوة الأولى في ذلك تشكيل حكومة رشيبقة ذات خصر نحيل لا يتعدى عدد فرسانها 14 فارسا،وربما يكون هذا الرقم كبيرا بسبب إمكاناتنا المتواضعة حد الصفر،والأفضل ان يتم تقليص الرقم إلى عشرة فقط كحكومة طواريء،تكون مهمتهم النهوض بالبلد وتقديم الخدمات الأفضل للشعب وتطبيق ما يرد في كتاب التكليف السامي نصا وروحا،وليس تسمين أرصدتهم في البنوك من خلال لهط العقود الحكومية السمينة ،وتنفيع أبنائهم وبناتهم وزوجاتهم ،من خلال تأسيس شركات خاصة لهم تستحوذ على عقود الحكومة الهبرة ،وتأمين الوظائف العليا لهم وبرواتب فلكية ،بناء على انهم أبناء ذوات.
وعلينا ان نتجنب طريقة إعادة التدوير الممجوجة وإعادة إنتاج بعض الوزراء الذين أثبتوا فشلا ذريعا في الحياة العملية، قبل إنقاذهم وتعيينهم وزراء في الحكومة كحمولة زائدة غير قادرة على الإنتاج ،وهذا امر مكروه عند تشكيل الحكومات لإعتبارات أهمها أنهم موالون و'قدموا خدمات للبلد'.
كان يتوجب وتمشيا مع الظروف الصعبة التي يمر بها الأردن ،القيام بدمج وزارات بعينها وإلغاء وزارات اخرى لا داعي لها ،فعلى سبيل المثال يمكن دمج وزارتي التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي بوزارة واحدة ، وكذلك وزارتي الصناعة والتجارة والعمل، والخارجية مع التخطيط والمياه والبيئة والسياحة والآثار والزراعة ، والتنمية الإجتماعية والثقافة ،والنقل والبلديات والشؤون البلدية والداخلية ،ولا داعي للعديد من الوزارات مثل شؤون رئاسة الوزراء وتطوير القطاع العام .
نحن نطالب بالإصلاح وبمحاربة الفساد ،ويأتون لنا بحكومة تكرس الفساد وتنبذ الإصلاح ،ومع ذلك نشكو من الفقر والطفر والبطالة وقلة ذات اليد وإنعدام الموارد الطبيعية ،وقد ورد في المثل الشعبي الدارج 'صبرك على نفسم ولا ضغط الناس عليك'..اللهم إني قد بلغت اللهم فأشهد
نيسان ـ نشر في 2018-06-14 الساعة 16:55
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية