تبني أبناء مردخاي لصفقة القرن:عصفوران بحجر واحد
أسعد العزوني
كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية
نيسان ـ نشر في 2018-06-19 الساعة 14:06
مثّل تبني أبناء مردخاي الدونمي سلول الخيبريين الصهاينة المغتصبين لأرض الحجاز الهاشمية لصفقة القرن ، صدمة قوية لمن لا يعرفون حقيقة هذه العائلة وأصولها ومن أين جاءت وكيف سيطرت على أرض الحجاز بعد القضاء على الهاشميين الذين أسسوا مملكة الحجاز الهاشمية عام 1916،وما دور كبيرهم عبد العزيز في بيع فلسطين لليهود عام 1915.
لكن العارفين ببواطن الأمور والنسّابة الذين تتبعوا أصول هذه العائلة ،لم يصدمهم تبني أبناء مردخاي'مرخاي' لصفقة القرن ،وقيام الحفيد 'مبس'الملقب بالدب الداشر ،بإستكمال ما بدأه جده عبد العزيز من التوقيع على وثيقة للمندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس ،يتنازل فيها عن فلسطين لليهود،كما انه هو الذي قضى على مملكة الحجاز الهاشمية وأصر على مغادرة الهاشميين لأرض الحجاز الطاهرة ،حتى يخلو لهم الجو و'يبيضون ويصفرون 'كما تفعل القبرة عندما لا تجد من يهدد وجودها.
كانت البداية السيئة من قبل عبد العزيز بتحديد معالم المنطقة لمئة عام ،حيث نفذ ما ورد في وثيقة كامبل السرية ،وفي مقدمتها زرع كيان غريب في المنطقة ،ولم تقف الموافقة على زراعة مستدمرة إسرائيل الخزرية الصهيونية الإرهابية النووية ،بل تعهدوها بالتمويل والدعم ،وبإحباط كل محاولات النيل منها وخاصة الثورة الفلسطينية المعاصرة التي دمروها بوعدهم الكاذب للقيادة الفلسطينية أن الدولة الفلسطينية المستقلة في جيوبهم.
وها هي النهاية الأسوا على يد الحفيد المراهق سياسيا الذي تحالف مع المتمسح بالإنجليكانية والجمهوريين الرئيس الامريكي المؤقت وغير الشرعي دونالد ترامب وصهره الصهيوني جاريد كوشنير،وتبنيهم لصفقة القرن التي تغلق الملف الفلسطيني نهائيا ولصالح الصهاينة ،وتقضي أيضا على الأردن الرسمي ممثلا بعميد الهاشميين والوريث الشرعي للحكم في الحجاز جلالة الملك عبد الله الثاني ،وهو بذلك يصيدون عصفورين بحجر واحد.
يحقق أبناء مردخاي سلول الصهاينة المغتصبين للحكم والأرض في الحجاز ،الحلم الصهيوني بإقامة إسرائيل الكبرى القوية والغنية والقادرة على إستقبال'المسيخ المنتظر'كي يقود الحرب الأخيرة ضد المسلمين 'هرمجدون'،وهم بذلك شركاء في المشروع الصهيوني منذ البداية ولولاهم لما قامت مستدمرة إسرائيل.
أليسوا هم من ألغى الجهاد في مؤتمر دكار الإسلامي منتصف ثمانيات القرن المنصرم ،وهم أصحاب المبادرات الإستسلامية 'فهد وعبدالله'التي شطبت حق العودة للاجئين الفلسطينيين ،ومع ذلك ركلها السفاح شارون بقدمية وركلهم معها ،وكافأهم بعد فرضها على قمة بيروت 2002 بإعادة إحتلال العديد من المدن الفلسطينية ،ومحاصرة الرئيس عرفات.
أما العصفور الثاني فهو التخلص نهائيا من شبح التهديد الهاشمي الذي يقض مضاجعهم ،خاصة وان هاشميي اليوم لهم دولة فيها جيش قوي ولها علاقات عالمية واسعة ويحظى عميد الهاشميين الوريث الشرعي للحكم في الحجاز جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين ،الذي وجه لهم العديد من الضربات اتلقاضية في المحافل الدولية ،ويجد من يستمع له، بكل الإحترام في هذه المحافل .
الحقد المردخائي السلولي على الهاشميين قديم ،وهناك تناقض رئيسي بين الطرفين ،فأبناء مردخاي مغتصبون لأرض الحجاز وهم طارئون عليها عثر عليهم المندوب السامي البريطاني السير بيرسي كوكس،ومكنهم من الإستيلاء على الحجاز ،بينما الهاشميون هم سادة قريش الذين إختار الله منهم نبيه محمد هاديا للبشرية جمعاء ،وهم أصحاب الحق الشرعي في الديار المقدسة الحجاز.
إمتحن المردخائيون عميد الهاشميين جلالة الملك عبد الله ،حتى وهو في عقر دارهم وزارهم بدعوة منهم،ووجدوا أنه صلد لا يلين للضغوط ولا للتهديات المبطنة وغير المبطنة ،وإكتشفوا انه ليس 'بيضة 'في أيديهم يكسرونها متى يشاؤون ،كما إكتشفوا انه صعب المراس ،رغم واقع الأردن وما هو مفروض عليه من حرمان مما انعم الله عليه في باطن أرضه المقدسة التي خلقها الله وخصها بشرف عظيم ان تكون أرض الحشد والرباط،والمنطلق لتحرير فلسطين عندما تكتمل شروط التحرير.
هذا ما يغيظهم ،إذ كيف لملك بلد مثل الأردن فرضوا عليع العيش تحت 'الصدقات' أن يكون ندا لهم ،وهم الذين بلغوا مرحلة الثراء الفاحش ووصلوا حد السفه،لأنهم يبعثرون اموال شعبهم الجائع يمنة ويسرة شراء للذمم وضمانا للوجود وابقاء لعدم ثقتهم بشعبهم ،ناهيك عن ان احدا في العالم لا يحترمهم ،إذ كيف يحترم السفهاء؟
حاولوا الإنتقام من عميد الهاشميين الذي صفعم اكثر من مرة وفي أكثر من موقع وموقف،بأن حاصروه ماليا ،وحاولوا تدبير الإنقلاب عليه ، وتمنوا لو انهم إستطاعوا النفاذ للحراك الأردني الأخير،لكنهم وبحمد الله فشلوا في كل محاولاتهم ،وإرتدت دائرة السوء عليهم في عملية الخزامى التي حدثت قبل خمسة وأربعين يوما بهدف التخلص من الدب الداشر الذي إختفى بعدها لنحو شهر كان يتلقى العلاج عند أبناء عمومته في تل أبيب.
حاولوا معه كي يتنازل لهم عن وصاية المقدسات العربية في القدس ،ودفعوا له خمسة مليارات دولار ،لكنه رفض بكل الإباء الهاشمي وقال انهم لو اعطونا مئة مليار دولار فلن نقبل،وهاهم يضعون اللمسات الأخيرة مع ترامب وصهره الصهيوني كوشنير للإعلان عن صقة القرن ليتخلصوا من الهاشميين وإلى الأبد كما يهيأ لهم.
نيسان ـ نشر في 2018-06-19 الساعة 14:06
رأي: أسعد العزوني كاتب وصحافي وخبير في الشؤون الفلسطينية