اتصل بنا
 

الاردن.. من الاحتجاج الى اختلاط الرؤية

صحافي وكاتب

نيسان ـ نشر في 2018-07-01 الساعة 09:36

نيسان ـ

لا نريد ان نقلل من ما يجرى في الاردن - هذه الايام- عبر الدخول في دائرة توصيف الحراك السياسي المتواتر باطلاق شتى التسميات عليه من كونه اواعتباره ثقافة احتجاج تحتل مكانها وسط مطالبات خدمية يحتاجها المكون الاردني الى اختلاط الرؤية عند الاردنيين فهل هم ذاهبون الي التغيير السياسي بمفهومه الانقلابي -الرائج - ام انهم يلهثون نحو الاصلاح الشامل 0

كما اننا غير معنيين بما يردده الشارع العربي او الدوائر الاجنبية التي لم يعد لها هذه الايام سوى الحديث عن دور- مين- بعد مصر وتونس وان حجار الدمينو في المنطقة تنزلق بمتواليات لافتة او ان- السبحة العربية تكر- لان في هذا تقليل مقصود من قيمة واهمية الحدث ودلالاته العميقة وارتكازا علي مايبدو ان العقل العربي غدا منذ قرون مضت حبيس الخمول والهزائم 0
كذلك نحن لا نحطب في- ثقافة الاحتجاج وفي الاصلاح والتغير- و لا نرغب ان نضيع في الطرق والمسالك الوعرة التي دخلت فيها الحياة السياسية الاردنية في بعديها الرسمي والشعبي منذ ان عزاها الصخب والضجيج على خلفية القرار الملكي بحل المجلس النيابي الخامس عشر وانتخاب مجلس نيابي – السادس عشر – عبر قانون انتخابي شابته مغالطات واشكالات عديد ومنها الدوائر الوهمية التي فرضت ايقاع المقاطعة من قبل قوى اليمين الاردني – الاخوان المسلمون – وبعض قوى اليسار والشخصيات المستقلة0

الا ان الضجيج السياسي الاردني لم يتوقف عند حد الاعتراض علي موبقات سياسية بامتياز صنعها وغرق فيها العمل البرلماني سواء في خروج البرلمانيين الاردنيين عن الاعراف والاصول في تجربة البرلمان الخامس عشر سواء انتخابه بالتزوير اوسلوكياته وبالضرورة ينطبق الحال على البرلمان الحالي انتخابا وسلوكا وصولا الى ما يشغلنا الان وهو الحدبث المتواصل عن الفساد ومطاولته خطوطا حمراء تعارف الاردنيين على عدم الاقتراب منها .

فهذه العناوين السياسية الاردنيه الفضفاضة والغارقة في التفاصيل بمنحى تحليلي يمتاز ايضا بالفضاضة تركت ايقاعات رنانة وضاغطة علي المراقبين والمحللين الذين لم يلتقطوا انفاسهم من تداعيات الاحداث في تونس ومصر بقالبهما الانقلابي الشعبي هذه المرة وليس- العسكري- واذا بهم امام صدمة التغيير الشامل الذي روجت له الادارة الاميركية على مختلف مستوياتها في ايحاءات كاذبة انها كانت تدري بما هو قادم على تونس ومصر وخططت له لكنها على الارض بريئة منه تماما وما كان عليها الا ان تلحق الحدث وتغرقه بالتصريحات والخطابات والايماءات والايحاءات 0

وهذا الايحاء الامريكي بالتورط في احداث المنطقة في تونس ومصر واستلحاق اليمن والبحرين والجزائر وليبيا والايحاء الباطني والعلني لللاردن انه ليس بمنأى عن ما يجرى في المنطقة ما اوهم الاردنيين نظاما سياسيا ومؤسسات امنية وقوى سياسية لتلهث كي تخرج من عين العاصفة باقل الخسائر اوان تدخل في اتونها فتربح اضغاث احلام واهام 0

التحصيل الحاصل من هذا السرد السياسي بما فيه من مشاهد تبعث عل الملل والذي يلوذ به بعض من المراقبين والمحللين وعلى- طريقة البقاء على السطح- كان ينقصه بعض الدقة والارشفة من ناحية قراءة مجريات وسياقات العشرية الاولى لحكم الملك عبدالله الثاني التي حملت مبادرة الاصلاح الشامل في الاردن بقنواته الدستورية ولكنه تعطل او احبطها الافراط بالحس الامني.


لذا نحن هنا نقرأ مشاهد احتجاجات داهمت الشارع الاردني انطلاقا من بلدة ذيبان 37كم جنوبي عمان بمشاركة العشرات من المواطنين الذي غلبهم الفقر والتعطل والحرمان وارتفاع الاسعار والاحساس ان ماهو قادم عليهم اسوأ سيما وان نائب رئيس الوزراء في حكومة سمير الرفاعي السابقة- الصحفي ايمن الصفدي- بشرهم تلفزونيا بقرارات اقتصادية صعبة0
وانتشرت علي مدى- خمس جمع- او اكثر وعلى وقع انتفاضة- سيدى بوزيد- بتونس و - ميدان التحرير- بالقاهرة الحراكات الاحتجاجية الاجتماعية المطلبية والرافضة لحكومة المحافظ سمير الرفاعي الذي توارث المنصب الثاني في الاردن اباعن جد ما اخاف مؤسسات الحكم في الاردن على مختلف مستوياتها سواء في القصر الملكي اوالاجهزة الامنية واقنعها اولا ان الامريكان وراء ما يجري في المنطقة وثانيا الحاجة الملحة لتنفيس الاحتقانات واجراء عمليات جراحية في الجسد السياسي الاردني والاقتراب من نبض الناس 0
لكننا في الاردن- يصعب الرحيل على وقع الانقلاب الشعبي - لاننا بامتياز ننجح دائما بالمزج بين رغبات الشارع وبما يمور به من احلام ومطالب وغضب لانه يخشي دائما من تبعات الانقسامات الافقية والعامودية ان -هي تمترست - في المكون الاردني بكل اطيافه لان مشا هد الدم حية في الذاكرة الاردنية فتبقي تئن0

وننجح في المزج الذكي لان- الحظ دائما -الى صفنا حين نؤكد علي ان ذلك لايستقيم الا حين نشرع للاصلاح ونعيد للدستور مهابته وهيبته ونسري في عروق العقد الاجتماعي دماء اردنيه جديدة تنشغل بالهم الاردني- بطهارة- وبلا اغراض ضيقة0

بالتاكيد نجحنا في الاردن منذ عام- 1989 - في التاسيس للديموقراطية الدستورية البرلمانية وللعمل الحزبي واحتجنا الي اكثرمن ثلاثة عقود حتى ننجح في تسييد ثقافة الاختلاف حتي مع مؤسسات النظام السياسي الاردني واقناعه انه المبادر الى الاصلاح منعا من الدخول في دائرة التعيير الانقلابي الذي نرغب هذه الايام القبول ببعده الايجابي السلمي لان ابعاده الاخرى لها اكلاف باهضة يدفعها المحيط من سمعته واستقراره وامان اجياله

نيسان ـ نشر في 2018-07-01 الساعة 09:36


رأي: هشام عزيزات صحافي وكاتب

الكلمات الأكثر بحثاً