اتصل بنا
 

انتبه.. أمامك دوّار

مدير مركز ابن رشد للثقافة العربية في استراليا

نيسان ـ نشر في 2018-09-06 الساعة 22:15

نيسان ـ "سيارة أخرى تصطدم بالعمود اللعين" قال صديقي لزوجته بعد أن أطل من شباك بيته باتجاه مصدر الصوت.
هذا العمود الفولاذي يحمل لوحة مرورية باهتة الطلاء تقول: "انتبه، أمامك دوّار". ولهذا العمود أسبقيات كثيرة بالإيقاع بسائقين لا ينتبهون لوجوده أثناء محاولتهم الاصطفاف.
المشكلة أن الدوار غير موجود! فقد أعيد منذ سنوات تخطيط وتقطيع الأراضي مع التزايد السكاني لمدينة إربد والحاجة للتمدد الأفقي، وتحولت المنطقة من طريق إلى مساكن. ومن ضمن التغييرات، أزالت البلدية الدوار، ولكن يبدو أنها نسيت إزالة العمود الذي يحذر من الدوار غير الموجود. ولسوء حظ سكان الحي وزوارهم، جاء العمود في زواية غير مكشوفة في منطقة اصطفاف السيارات..
وتضامنا مع ضحايا العمود، قرر صديقي- دكتور الجامعة والمؤمن بالتفكير الإيجابي وأخذ زمام المبادرة وهذه السواليف، قرر أن يكتب إلى البلدية للمطالبة بإزالة العمود، وهو الذي عاش لسنوات في أستراليا وجرب جدوى التواصل بين السكان والبلدية..
وفي الرسالة، فصّل صديقي للبلدية المشاكل المترتبة على وجود العمود في زاوية (عمياء)، والأضرار المادية التي لحقت بعشرات السيارات التي اصطدمت به، وأن العمود هو أصلا لدوار غير موجود، وأنه وأنه..
وعلى اعتبار أنه لا يراسل البلدية كل يوم، وأنه يوجد مجال في رسالته لسطرين إضافيين، وعلى قاعدة النكتة الشهيرة في الأردن "ينعى خاله ويصلح ساعات"، أضاف صديقي العبارة التالية في آخر الرسالة: كما ونريد حاوية قمامة بالقرب من العمارة، ثم شكر سيادة المحافظ وكافة العاملين في البلدية، وعبّر عن وافر احترامه وامتنانه لهم وأرسل الرسالة.
وبالفعل، تحركت البلدية بسرعة. فلم يمض يومان إلّا ووُضعت حاوية قمامة بجانب العمارة. وعلى ما يبدو أن البلدية (ما صدقت) على اعتبار أن السكان عادة يطلبون إبعاد الحاويات عن منازلهم بسبب الروائح والفئران.
أما العمود، فهو ما زال صامدا حتى اللحظة ويوقع المزيد من الضحايا بين الحين والآخر، ربما ليكون شاهدا على حقبة الدوار التاريخية، أو على الإبداع الإداري في القطاع الحكومي الأردني..

نيسان ـ نشر في 2018-09-06 الساعة 22:15


رأي: يوسف الريماوي مدير مركز ابن رشد للثقافة العربية في استراليا

الكلمات الأكثر بحثاً