اتصل بنا
 

الحرية.. صرخت بها أعماقنا المظلمة في خريف عربيّ متساقط الأوراق

نيسان ـ نشر في 2018-10-08 الساعة 10:28

x
نيسان ـ بقلم آية جنيد ..منذ زمنٍ طويل والحريّة مبتغى أهل الأرض من عهد هدى شعرواي وقاسم أمين وغيرهم الكثير ممن تعجز الأسطر عن إحصائهم .
الحُريّة التي تغنينا بها خلال السنوات الثماني الماضية حتى استنزفت كلّ قطرةٍ من دمائنا القانية وما زالت !
الحُريّة التي بُحَّت الحناجر وهي تصدح بصدى حروفها الخمسة في أرجاء خمس دولٍ عربيّة ، فيهتزُّ لها عرش الطواغيت المبجّل مع كلّ نفسٍ يصعّدُ في سماء هذه الأوطان ..
الحريّة التي صرخت بها أعماقنا المظلمة في خريف عربيّ مدبلج متساقط الأوراق قبل إثمارها !
نحن الذين جهلنا معنى الحريّة منذ عقود بعيدة وبقي مختزنٌ لدينا ما يريده لنا أعداؤها قبل ولادتنا في أرحام أمهاتنا ، نحن الذين لا نملك رأس المال لشراء جبالٍ من القوة لتحطيم السدِّ المنيع في ذواتنا المنشطرة عنّا حين يُلفظُ صوت الحرّية !
لم يُخطئ شاعر دمشق -نزار قباني- عندما جعل الحياة إنساناً يمشي على ساقين ،ساقٌ للحرية وساقٌ للاستقلال والخطأُ الفادح الذي ارتكبناه مجدداً أنّا أردنا أن نمشي على ساق الحريّة دون الاستقلال وحينما بُتِرَت هذه الساق نادينا باسم الاستقلال وأردنا أن نسير بقدم واحدة فباتت الحياة عرجاء إلى أن شُلَّت الثانية فلا نحن حصلنا على حقّنا المستباح في الحرية ولا نحن نلنا أملنا المنشود في الاستقلال !
الاستقلال الذي نريده سنحصل عليه عاجلاً أم آجلاً بل ليس مسعىً حقيقيّاً تتجمهر من أجله الشعوب الثائرة والدليل على ذلك هو أنّنا رأينا الذين حصلوا عليه ماذا حلّ بهم !
بل الشيء الذي يبعُد مناله هو تلك الحريّة التي ورثناها مقيّدة بأغلال العادات والتقاليد والأعراف والأمثال والحكم المجتمعيّة الجائرة !
أين الحريّة من أمٍّ ترضى الذلّ وعَيش العبيد مقابل أن تربي أطفالها وتحافظ عليهم من جوع الأمان وحياة التشرد ..؟!
أين الحرّية من أبّ ينهال بفيضٍ من الشتائم أو الضرب المبرح لكون ابنته أبدت رأيّها في خاطبٍ أتى بهِ ولم ترَ فيه الرجل المناسب !
ماذا أورثتنا الحريّة في الحين الذي تتلقى فيه عجوز تعدّت الستين من عمرها وفلذّة كبدها ينهرها ويُوصدُ الأبواب في وجهها لتفتح له الزوجة الكريمة باب غرفته ؟!
ماذا وماذا وماذا ...
الحُريّة ليست مجرّد حروف نرددها في الأفواه ثمّ إذا أتت نرفضها أونأخذ منها شكلاً آخر مغايراً لجوهر الصواب !
بل إنّ قيمة الحياة برمّتها هي كرامة الإنسان وحريّته التي تجعل منه فرداً أهلاً للمسؤولية !
حررّوا أفكاركم من قيد التقليد الأعمى ، حرروا أنفسكم من غلّ الثأر الأشقى ، حررّوا الأجيال من وصمة عار ستبقى دامغةً على وجوههم إن جهلتم يوماً أنّ الحُرية لا يملكها إلا الأتقى ...

نيسان ـ نشر في 2018-10-08 الساعة 10:28

الكلمات الأكثر بحثاً