اتصل بنا
 

من الدولة العميقة للدولة الرخوة.. مساحات للموت العبثي

صحافي وكاتب

نيسان ـ نشر في 2018-11-04 الساعة 09:48

نيسان ـ من ذاكرة ما زالت عامرة بمشاهد جثث الأطفال، يدب فينا الرعب ونرتجف، الى مشهد هلع ذويهم على فلذات اكبادهم الذين جرفتهم السيول الجارفة في فيضانات البحر الميت أو في تفريغ المخبولين في المينا بمصر أحقادهم السوداء في صدور أطفال ابرياء فدخل مصيرهم في المجهول والغياهب تلقينا دروسا وعبرا في قيمة المواطنة والانسان وضراوة حقد البشر وحقد الطبيعة على البشر.
فيما يبدو ألاكثر رعبا، مشهد ارتفاع منسوب المياه من العبارات التالفة اصلا وتدفقها المرعب، الى الشوارع والمناطق الجرداء والماهولة وحدوث الانهيارات وتهدم الجسور وما نجم عنه، من ارباك عام وفوضى عامة وتدفق الدماء من الصدور البريئة والاستغراق في الاستعراض العام.. نترحم على أطفالنا ونعلن استمرارية دورة الحياة مقرونة بالغضب والإصرار على المساءلة والعقاب والرد الأشد والصارم على المارقين من الامة.
فمن اللامعقول واللامقبول، أن اول شتوة نفترض إن نحتفي بها، فإذا بها توحى او تؤشر اننا دولة تسير بطريقة "يا غافل الك الله "وان كل الكلام عن الاستعدادات للشتاء هو لزوم ما يلزم لا اكثر ولا اقل واستعراض "كاميراتي"، وضحك على اللحى يغرقان في التخبط والارباك وفوضى الاعلام وغياب الوضوح وتعدد الروايات كما لا يجوز السكوت على من يتقن تعليم وتلقين الكراهية والحقد وهكذا تأبط شر.
ففي كل عام وربما في كل وقت، نستنفر أولا ونستفز أخيرا، فإذا بكل مواسمه المطرية التى نؤمن انها، نعمة اجمالا تتحول في ليلة وضحاها أو نقلبها ونقلب المعطيات،.. لنقمة فإذا بحالنا ليس بخير وإذا بناصرعى تفشي الاهمال والعبثية وشيوع اللامسؤولية واضطراب الموقف الرسمي واضطراب النفسيات والعقول وندعى زورا وبهتانا انهم مجاهدين في سبيل الله والحق.
وإذا بالتمام والكمال، الذي نزهو به ونتمتع به ونستمع لنغماته مجرد هشاشة مزمنة، تعبث ببعض مؤسسات دولتنا الأردنية والدولة المصرية التى غادرتها صفة وطبع الدولة العميقة ، لتغدو دولة رخوة حيث يصيبها أو الصح يضربها البلاء بسهولة الطبيعي منه والادمي، اما على غفلة أو من صنع ايدينا مما يعطي انطباعا اننا او يبدو أننا تحت ظلال دولة مغطاة "بقشة" وتغط في سبات عميق من الاوهام والأحلام وعدم المسؤولية وتفشي تدني قيمة الإنسان إلى أدنى المستويات والفساد وعمى الألوان !
لا يشفي الغليل الجمعي، الذي تأذى وجرح جرحا عميقا من الصعب أن يندم.. مما جرى للطلبة في البحر الميت والأطفال في المنيا وللمواطنين يوم الخميس الأسود وأمس الاول، الا ان تبسط الدولتان بعد أن تستعيدا كل عافيتهما وكل صحوهما.. عدالتها الشاملة الحقيقية، فتاخذ بالقانون حق الأطفال بالحياة الذي سلب منهم، بغياب أدنى حس بالمسؤولية الوطنية، واستفحال الاهمال وبالتالي والضروري، ان تأخذ حق الأهالي بأطفالهم الشهداء الذين ضاعوا بشتوة وبفيضان حاقد بشري وطبيعي كله نتانة وكراهية الطبيعة والانسان.!
إيقاعات أول شتوة واخر مسرحيات الإرهاب الاعمى، نشاز اما أخرها فقد كان لحنا جنائزيا مهابا.
ربنا لا تمتحنا باعز ما لدينا. هو الأردن آخر ما لدينا وأم الدنيا أهم ما لدينا...!!

نيسان ـ نشر في 2018-11-04 الساعة 09:48


رأي: هشام عزيزات صحافي وكاتب

الكلمات الأكثر بحثاً