اتصل بنا
 

(ضرب تحت الحزام) ..'بوتفليقة' وبعبع ١٩٩٢ وفزاعةأنقسام البلاد..

صحافي وكاتب

نيسان ـ نشر في 2019-03-06 الساعة 13:06

نيسان ـ في الجزائر للوهلة الاولى، هناك تصور ان الرئيس الجزائري متمسك حتى آخر رمق بالسلطة ولكن ثمة من يرى إن الرجل مجرد صورة وخلف الصورة مؤسسة عسكرية (جيش التحرير الوطني وبقايا جبهة التحرير) وبعض من قوى سياسية ما يزال ينظر لها بوقار سيما وهي أنجزت بتضحيات دامية الاستقلال الوطني الفريد من نوعه والذي كلفها مليون شهيد وحالت دون فرنسة الجزائر أو تبعيتها جسدا وروحا للأم الروؤم.
ولكن ما يقلقها في ذات الوقت الإمكانية الواردة لعودة حقبة العشرية السوداء التى دخل فيها الجزائر في صراع مسلح أهلي مع فصائل تتبنى افكار الجبهة الإسلامية للإنقاذ آلتى دامت من ١٩٩٢ إلى ٢٠٠٦ وحصدت ما حصدت وبالتالي ينقسم الجيش وتنقسم وتتشظى بلاد المليون شهيد كما كان مرسوما لها في عام ١٩٩٢ بحيث تقع فريسة الفوضى والخراب كما أصاب سورية وليبيا وكما كان مقررا لتونس وعلى الطريق السودان.
إلا إن الجيش و بوتفليقة بالذات وبقية باقية من جبهة التحرير الوطني الجزائري ووعي شعبي أدركوا خطورة المنزلق الذي يراد للجزائر إن تذهب إليه طواعية فكانوا جميعهم في المرصاد وبعون خارجي فرنسي تحديدا ومن دول الجوار فقلبوا الطاولة واخرجوا بطلوع الروح الجزائر من الوقوع في الهاوية وأطلقوا ورشة محدودة للاصلاحات.
وحتى لا نفهم بشكل مغلوط، الحراك في الجزائر، حتى الآن والجيش والأجهزة الأمنية الجزائرية تتجنب الصدام وتقفز عن أوامر ما يصدر عن تيار القبضة الحديدية في الدولة لانه مؤمن أشد الإيمان.. انه حراك يملك عقل هادئ لا يشعل حرائق بل يضيء انوار ساطعة ليقرا الجمع الجزائري تجربة الحقبة العشرية السوداء وتجربة "علي كافي وزروال وبوميدين وبن بيلا ومحمد بوضياف والشاذلي بن جديد وفرحات عباس من قبل وحتى بوتفليقة والقائمة تطول من زعامات الجزائر من هم في السلطة والمعارضة كعباس مدني وعلي بلحاج وبالطبع يقرأون بدقة مستقبل الجزائر حتى ولو ظلت الصورة معلقة على الجدران أفضل بكثير من أن تفعل فعلها السكين في الجسد وتغير من معالم الجغرافية والديموغرافيا فالوحوش تتهيأ للانقضاض في كل لحظة.
اثق واومن أحيانا بان" الفزاعات" تكون بمثابة دواء مر"علقم" لكنه أقل ضررا من الجراحات والغوص في الدماء رغم إن الصورة العامة في الجزائر وما يربطها بالحياة بعض من رمق ووخز ابر تطيل الحياة إلى أن يكتب واقع الحال وما في بطنه من تطورات في ال ربع الساعة الاخيرة ، ما هو مرسوم من نهايات بالتاكيد لا تصنع مزيدا من بطولات واصنام للعبادة والالوهية من جديد بقدر ما تاخد بهذا البلد الذي نحب وكان مفخرة لكل قوى التحرر في العالم إلى بر الامان والوحدة والسلم الأهلي باستحقاق.
في المحصلة دوائر السلطة في الجزائر بحسب كبريات الصحف الفرنسية التى تكثف من تغطيتها للحدث الجزائري هذه الايام اجمعت إنها لا تملك حلولا بديلة وإن احزاب المعارضة ايضاعاجزة ومشلولة وان الجيش لن يقف طويلا صامتا في وجه الإرادة الشعبية حتى ولوكانت قيادته تؤيد بقاء صورة النظام الحالي بحجة الحفاظ على الاستقرار.
وان الرئيس بوتفليقة رغم هرمة فهو شخصية ميكافيلية شديدة الذكاء وذات طموحات كبيرة لا توقفه الاعتبارات الأخلاقية وكبر عمره واعاقته الجسدية وإن قدر الجزائر في المدى المنظور سيظل معلقا ومرهونا بصورة على الجدار لكن يحركها جيش حرفي وقيادة ستالينية من طراز جديد تقاتل للبقاء على ماهو قائم وفق رغبة قوى الوضع القائم.
ويظل السؤال وهو سؤال خطير طرحته صحيفة النيويورك تايمز في افتتاحيتها امس.. "هل صحيح ووفق مجريات ما يجري في السودان والجزائر إن النظام العربي بات عفنا حتى النخاع وفقد اي مصداقية في نظر العالم والغالبية الساحقة من سكان المنطقة فيما يخص عجزه عن تقديم حلول حقيقية وناجحة للخروج من المأزق الاقتصادي والاجتماعي غير الحلول الوهمية الاستعراضية والمصحوبة بحزم ثقيلة من التدابير القاسية آلتى تثقل الشعب".
وقد يبدو السؤال الاخطر والأكثر وجاهة إن أزمة النظام العربي الماثل الآن في السودان ومصر والجزائر.. هي أزمة تفرد بالسلطة و الاستئثار بالرأي ومصادرة الرأي الآخر إن لم يقصئ بيعدا عن الأذان والانظار.
مادبا /٥/٣/٢٠١٩

نيسان ـ نشر في 2019-03-06 الساعة 13:06


رأي: هشام عزيزات صحافي وكاتب

الكلمات الأكثر بحثاً