اتصل بنا
 

اتفاقات سرية تساهم بارتفاع عمليات بيع الكلى في الأردن

نيسان ـ نشر في 2019-06-23 الساعة 09:51

x
نيسان ـ قررت عائلة العشریني ضرار إنھاء معاناة ابنھم البكر عن طریق شراء كلیة لھ من أحد أقاربھم، ضاربین بعرض الحائط أي تخوفات ”أمنیة“ أو عقوبات جزائیة تصل حد ”الحبس والغرامات المالیة بتھمة جریمة الاتجار بالبشر“.
ووفق تحقيق استقصائي نشرته صحيفة الغد فإنّ قیودا قانونیة تسبب الموت البطيء لعائلات أردنیة تمنع التبرع الا من قرابة من الدرجة الاولى حتى الخامسة أحیانا او الانتظار على القوائم الوطنیة للتبرع، ما دفع بأسرة ضرار الى شراء ”عضو بشري من جسم قریبھم“ للتخفیف من آلامھ الجسدیة والنفسیة بسبب فشل كلوي یتعایش
معھ طیلة حیاتھ.
حاول ضرار من سكان محافظة الزرقاء التعایش مع مرضھ المزمن، لكنھ بحسب قولھ خلال فترة اعداد التحقیق ان ”أملھ كبیر بنجاح عملیة زراعة كلیة تنھي ألمھ وتوقف حسرات والدتھ لعدم تطابق انسجتھا مع انسجتھ“.
بتكتم شدید، عقد أھل ضرار اتفاقیة ”مقایضة التبرع بالكلى مقابل بدل مالي“ مع أحد اقاربھ على أن یحظى بملكیة منزل صغیر في احدى المناطق الشعبیة بعد نجاح العملیة.
تكللت الاتفاقیة، بالنجاح، وبدأ الطرفان سلسلة اجراءات طبیة عاشھا الطرفان من أجل اثبات تطابق الأنسجة وزمرة الدم، وصولا الى لجنة في مستشفى البشیر الحكومي التي وافقت على إجراء العملیة المجانیة بعد الاطلاع على الأوراق الرسمیة والطبیة والتأكد من عدم ارتكاب جریمة اتجار بالبشر.
قبل أیام معدودة فقط من اتمام صفقة البیع ”المخفیة“، فاضت روح ضرار بصمت وجسده مربوط بأسلاك تفلتر دمھ عبر جھاز الكلى الاصطناعي في احد المستشفیات الخاصة. تبخرت أحلام بائع عضوه البشري الثلاثیني رائد (اسم مستعار)، إذ كان یطمح الى تحسین وضعھ الاجتماعي والاقتصادي، بحسب حدیثه قائلا: ”تعرضت لضغوطات نفسیة واجتماعیة غیر مباشرة من أقاربي، لكنني حسمت أمري لإنقاذ قریبي من جھة والتخلص من ایجار شھري یرھق میزانیتي من جھة ثانیة“.

سیارة ثمن كلیتھ
سبعة آلاف دینار كانت كلفة شراء الكلیة، ولا سیما أن قائمة الانتظار الوطنیة للتبرع بالأعضاء تتجاوز 300 منتظر في بلد لا تغطي فیھ نسبة المتبرعین بالأعضاء 10 % من المحتاجین.
”الفقر والبطالة والجھل بالقانون“ دفعت بشاب ثلاثیني ان ینزع كلیتھ لابن عمھ الشاب زیاد لإنھاء معاناة غسیل كلیتھ في احد المستشفیات الحكومیة التي استمرت اكثر من 5 سنوات.
غمرت الفرحة والدي زیاد (اسم مستعار)، لكنھا كانت ممزوجة بالقھر لعجزھما عن توفیر ھذا المبلغ وفي الوقت ذاتھ تحقق حلمھما باسترجاع حیاة ابنھما وانھاء معاناتھ بحسب قول والدتھ فبعد اكثر من 6 أشھر من المد والجزر مع ”بائع الكلى خفض المبلغ الى خمسة آلاف
دینار لأن حلمھ ان یشتري سیارة صغیرة یعمل علیھا (سرفیس خاص) في شوارع محافظة اربد.
رغم أن ثمة فروقات بین حلم والدة المریض وبائع كلیتھ، الا أن المصالح العاطفیة والمالیة توافقت بین الطرفین، ضاربین بعرض الحائط ”قوانین تمنع الاتجار بالبشر او احتمالیة رفض إجراء عملیة مجانیة في مستشفیات حكومیة اذا تسرب خبر“صفقة البیع لإدارة المستشفى“.
أجریت عملیة زرع الكلى للشاب العشریني زیاد في مستشفى الامیر حمزة قبل سنتین مضت، وتكللت بالنجاح، حسبما اضافت والدتھ، الا انھا فضلت عدم البوح عن تفاصیل الاتفاقیة والعملیة ودفن سر ھذه الصفقة بكل تفاصیلھا المفرحة والمؤلمة معا بین الاقارب.
إذا تمكنت اسرتا زیاد وضرار من انجاز صفقة شراء الكلیة في الاردن، فإن ما یقارب 399 مریضا بالفشل الكلوي ینتظرون بفارغ الصبر ان یرن ھاتفھم لیحقق احلامھم قبل ان تضرم النار بھا، وتفترش قبورھم قبل ساكنیھا.

اقرار أمني بصفقات سریة
فیما أقر مصدر أمني مطلع بوجود صفقات لبیع الكلى بین أردنیین تتم بشكل سري،لكن اثباتھا في غایة الصعوبة كونھا ضمن دائرة الاقارب، تحفظت لجان طبیة على الموافقة للمتبرع الحي بسبب قناعات تولدت لدیھا بأن المتبرع تعرض الى ضغوطات او انھ متردد.
وترتئي اللجان عدم الإفصاح عن الاسباب الحقیقیة لرفضھا عملیة التبرع بین الأقارب، وفقا لمصدر رسمي في وزارة الصحة الذي استند بقولھ لـ إلى المادة 4 من قانون الانتفاع بالأعضاء لعام 1977 وتعدیلاتھ والتي تنص على أنھ ”لا یجوز ان یتم التبرع بالعضو مقابل
بدل مادي او بقصد الربح (...) وان یوافق المتبرع خطیا، وھو بكامل ارادتھ وأھلیتھ على نقل العضو من جسمھ وذلك قبل إجراء عملیة النقل“
ورغم ھذا الإقرار الأمني لم تسجل وحدة الاتجار بالبشر منذ عام 2016 حتى منتصف العام الحالي 2019 أي جریمة انتزاع أعضاء بشریة، كونھا ”جریمة صامتة“ یتطلب اثباتھا وقتا جھدا من الاجھزة الامنیة التي تعمل تحت مظلة عده قوانین بذات الاختصاص.
بینما أشارت المادة 10 من قانون الاتجار بالبشر رقم 9 لسنة 2009 إلى ”أنھ یعاقب بالحبس لمدة ستة أشھر كل من عمل لوجود مخطط ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص علیھا في المادة (9 (من ھذا القانون (متضمنة نزع الاعضاء) او علم بوقوع احدى تلك الجرائم ولم یقم بتبلیغ
الجھات الرسمیة
حققت وحدة الاتجار مع شاب (18 عاما) بعد وفاة والده لمعرفة أسباب تبرع الأخیر بكلیتھ، حول ما إذا ما كانت عملیة التبرع بمقابل مالي أم لا، حسبما أكد ذووه لـ ”الغد“. یستغل ”بائع كلیتھ لأقاربھ حاجتھم الماسة لجزء من جسمھ ولا خیار آخر أمامھم، إلا دفع المبالغ المالیة مستفیدین من دائرة قانون الانتفاع بالأعضاء وتعلیماتھ والذي یسمح بالتبرع من شخص حي من درجة القرابة الاولى وحتى الرابعة واحیانا الخامسة او المتوفین دماغیا.
ھذا السلوك، اعتبره بعض الخبراء في الاجتماع والأخلاقیات الطبیة مؤشرا خطیرا على انھیار التكافل المجتمعي في الأردن وتحولا في منظومة القیم التي تستند إلیھا الأدیان السماویة والقانون والاخلاق.
ولم یلق خبیر الاخلاقیات الطبیة الدكتور ھاني جھشان باللائمة على سلوكیات أھل المریض فقط الذین یبحثون عن طوق نجاة لأبنائھم، بل اعتبره قصورا قانونیا ورسمیا بتشجیع ثقافة التبرع بالاعضاء.
قال الجھشان ”أي مبلغ للمتبرع غیر مقبول قانونیا ولا اخلاقیا غیر أن الحل یكمن بتشجیع حملات التبرع بالأعضاء والأنسجھ والخلایا، وتوسیع دائرة القرابة بتوصیة من ادارة المركز، مع توفیر امكانیة نقل الاعضاء بواسطة طائرة ھیلكوبتر من المستشفى الذي حصلت بھ
الوفاة الى مستشفى المتلقي“.
وأوضح اختصاصي الارشاد النفسي الاجتماعي موسى مطارنة أن المریض بأمس الحاجة لعضو بشري یمنحھ فرصة العیش ”فلماذا یضطر أن یقایض قریبھ ثمن حیاتھ، ھذا بحد ذاتھ خرق في السلم الاجتماعي وتبدید للقیم الوطنیة والدینیة والأخلاقیة المغروسة في افراد المجتمع
الاردني“.
أما أسرة المریض المقیدة بالقانون فستشعر بالقھر والإحباط، وتفقد معنى الحیاة ورمزیة علاقة القرابة والاخوة القائمة على العطاء والتضحیة بعیدا عن المصالح المادیة،قال ”كثرة البائعین مؤشر على قلة المتبرعین وضعف الانتماء للوطن“.
من جھتھ اكد مدیر مدیریة المركز الاردني لزراعة الاعضاء الدكتور عبد الھادي بریزات ان المدیریة أولت جھدا مكثفا لرفع نسب المتبرعین من احیاء ومتوفین دماغیا، وذلك عن طریق نشر ثقافة التبرع في الجامعات والمنشآت الصحیة ودور العبادة وتوزیع بطاقات التوصیة
للتشجیع على التبرع بالأعضاء.
وبناء على ذلك، حصلت زیادة في نسبة التبرع من الأحیاء بمعدل 1.8 % وارتفعت درجة القرابة من الدرجة الأولى والثانیة حتى الدرجة الخامسة.
كما ساعد المركز في تطویر الإجراءات التشریعیة للتبرع ونقل وزراعة الأعضاء في الأردن من خلال التنسیق المستمر مع دائرة الافتاء العام، الذي أكد ضرورة بذل أسباب التحري الكافیة من قبل الجھات الطبیة والقانونیة والرقابیة لیكون الامر على سبیل التبرع وبما یساھم في توسیع
درجة القرابة من المتبرعین الاحیاء.
تبادل الكلى بین المرضى قید الدراسة
كما تابعت مدیریة المركز الاردني حالات الوفاة الدماغیة المبلغ عنھا، حیث تم توثیق 67 تبلیغا عن حالات وفاة دماغیة محتملة، 17 حالة في القطاع الخاص و50 في القطاع العام وتم اتباع البروتوكول المعتمد في التعامل مع ھذه الحالات، وفق بریزات

حول امكانیة إدراج برنامج تبادل الكلى بین العائلات الأردنیة، المعمول بھ في بعض دول العالم وبشكل أقل في بعض دول الإقلیم تعھد بریزات بـ ”عرضھا ومناقشتھا على لجنة لأخلاقیات الوطنیة في المدیریة“.
یذكر أن عدد الحاصلین على بطاقة التوصیة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة بلغ 890 شخصا، حسب احصائیات المركز الذي رصد 1823 عملیة (1713 كلى، 109 كبد، 1 قلب )، واجریت في القطاعین العام والخاص خلال الاعوام 2011 – حتى النصف الأول من العام الحالي. .
وما زالت الطفلة اخلاص تركي 14 عاما من سكان النعیمة بمحافظة اربد بانتظار موافقة مدیریة المركز الاردني لزراعة الاعضاء لزرع كلیة لھا من متبرع خارج دائرة الاقارب تطابقت انسجتھ مع انسجتھا، فیما توفیت الطفلة رانیا 16 عاما وھي تنتظر دورھا بكلیة مطابقة تزرعھا في جسمھا، لكن كل ما خلفتھ وراءھا بصمة أكادیمیة یشھد لھا معلماتھا وزمیلاتھا بالمدرسة في منطقة الخالدیة بمحافظة المفرق.
الغد

نيسان ـ نشر في 2019-06-23 الساعة 09:51

الكلمات الأكثر بحثاً