اتصل بنا
 

عن بني حسن.. الحضور والغياب وسؤال القبيلة والدولة

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2019-09-01 الساعة 22:59

نيسان ـ تمهيد: كان رابع رمضان 2018 ، مسرحية معدة مسبقا، هدفها وصول طرف الى الحكم، استنادا الى مشروع (التوريث)، عبر المجيء بالرزاز (الرجل الطيع )الى الرابع، تحت عنوان الدولة المدنية التي تهدف الى خلق قاعدة جديدة للحكم، متسلحة بفريق متخصص في اعداد المحتوى وصناعة الرأي العام يجلس اليوم على راس مؤسسة غير دستورية.
يشكل مشروع الرزاز قطيعة مع بنية الحكم القديمة (دولة الريع) التي عنوانها مؤسسات الدولة والعشيرة والجيش، في سعي الى خلق بنية جديدة عنوانها مدنية الدولة ودولة الانتاج، وترشيق القطاع العام بهدف ظرب ظهير مؤسسات الدولة عبر استهداف جمهورها، وضرب العشائرية في مقتل، تمهيدا الى خلق نخبة جديدة تتوائم مع العهد الجديد.
نجح الرزاز في انجاز ضرب مؤسسات الدولة، عبر افراغ الادارة العامة من نخب الادارة العليا والوسيطة، اضافة الى تمكن الرجل من ازاحة خصومه داخل السستم، الذين تحولوا من خصوم للمشروع الى ادوات له ، عبر ضرب راس المؤسسات التي كانت تناكفه، واخيرا بداء مسار ضرب العشائر، عبر استفزازها وتقديمها على شكل قطاع طرق او متسلقين او محاولة اخراجها بشكل يؤدي الى تشكل قناعة ان تلك العشائر لم تعد قاعدة الحكم ولا تدين بالولاء له.
هذا مسار عام يمكن تلمسه وهو مسار معقد وشائك ولكن اين بني حسن من هذه الرؤيا والمشروع.
تمهيد ثان : خلال العامين الماضيين يمكن قراءة بني حسن في صورتين، الحضور في ميدان راشد الزيود قبل عام ونصف، والسؤال عن البلاد واحوالها واين بني حسن مما يجري كانت تقديرات الدولة ان عدد الحضور تجاوز (1500) شخص، والصورة الثانية مؤتمر الولاء والانتماء في مدينة الامير محمد في الزرقاء قدر عدد الحضور ب (80 )شخص حيث جرى تجهيز مقاعد لعدد يصل الى عشر الاف شخص.
في الاجتماع الاول سعت الدولة بكل طاقتها الى افشال اللقاء، وكان السؤال في ذلك اللقاء عن احوال البلاد والاصلاح والفساد وفي جوانب اخرى اين بني حسن من السلطة والنفوذ والثروة، لم يتمكن اي طرف من الاطراف التي كانت في صحن الدوار في حينها من الاجابة على تلك الاسئلة ليتطوع مجموعة من الشباب لمحاولة الاجابة على تلك الاسئلة مؤسسين الى ما سمي حراك بني حسن، كان الحراك يرفع اسم القبيلة ويرفع شعارات وطنية في ذات الوقت في دلالة ومفارقة تجمع النقيضين معا على سطح واحد، الا ان الحراك لم يتمكن من اعادة المعتصمين الى الدوار مرة اخرى ولم يتمكن احداث اختراق داخل جسم القبيلة على المستوى العملي وان كان هناك حالة واسعة من التعاطف مع شباب الحراك.
امس تم تنفيذ مؤتمر للولاء والانتماء مدعوم من قبل مؤسسات الدولة التي كانت تسعى في ذات الوقت الى افشال المؤتمر في تناقض ومعادلة عصية على الفهم الا في حال ربطها بمسار تفكيك البنية القديمة وركائز النظام السياسي القديم واحد اهم اركانها (العشيرة)، فالجهات التي كانت تحاول تحمل (جريرة) هذا اللقاء على مستوى محافظة الزرقاء عمدت الى الاستعانة بعناصر غير مؤهلة لأنجاز هذا المؤتمر اضافة الى اعلان مقاطعة ورفض دعوة شيوخ بني حسن لحضور الفعالية، اضافة الى اختيار مدينة الامير محمد للشباب بوصفها نقطة (غلق امني ) كلها كانت اسباب تدعو الى لجعل اللقاء تحت الراعية الامنية ولعل الرسالة الاخطر هي التي قالها المتحدث الشديفات الذي قال ان بني حسن اليوم (تبحث عن حقوقها المنقوصة) في ربط عجيب مع تيار قذر تأسس في البلاد منذ عقود.
يمكن القول ان رسالة بني حسن (بالغياب) عن الفعالية، تحمل دلالة كبيرة عنوانها رفض مسار (الولاء والانتماء) والبحث عن صيغة جديدة تتجاوز الصيغة التي اعلن النظام السياسي مفارقته لها وسعيه لخلق مساره الخاص.
ان ازمة الحضور على الدوار وازمة الغياب عن المؤتمر تحتاج الى اجابة وافيه من قبل نخبة وطنية قادرة على هزيمة مسار تحويل بني حسن الى قبلية في سياق الحقوق المنقوصة وتدفعها الى ان تكون احد روافع التغيير الذي ينشده الاردنيين.
اذا ما رحل الرزاز غدا فأن الاثار التي تركها الرزاز وحملة المباخر لمشروع التوريث تركت جروح غائرة في شكل الدولة سرعة في هدم البنية القديمة فعلا ولكن المسار الجديد والمستجد وطنيا سيكون نتاج للقوى التي تتبلور اليوم في الاردن عنوانها استعادة البلاد سلطة وموارد واعادة تعريف ركائز الدولة الجديدة من مؤسسات وعشائر وجيش بكل تأكيد.

نيسان ـ نشر في 2019-09-01 الساعة 22:59


رأي: منصور المعلا كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً