عن الراي العام والاهتمام العام

نيسان ـ تراجع الاهتمام العام بالقضايا اليومية التي كانت قبل فترة قصية تشغل حيزا مهما من النقاشات الافتراضية والتي تنحصر في العادة بقضايا فردية او فئوية، في شكل من الالهاء اليومي.
منذ ما يقارب الشهرين اثير عدد من القضايا ذات البعد الفردي او البعد الجانبي الفئوي الا ان مستوى الحماس العام لمناقشتها او التفاعل معها كان متواضعا بشكل ملحوظ .
يمكن القول ان محطات الراي العام سواء حول قانون الضريبة ورحيل حكومة الملقي وما تلاها من خيبات نتيجة للاستعصاء المتشكل نتيجة للإخفاق حكومة الرزاز ساهم في صدمة عميقة في الراي العام الا ن ازمة المعلمين التي توجت بنصر عام للشعب الاردني كانت احد اهم الاسباب الموجب لتموضع الراي العام وانزياحه نحو شكل ما من التراخي المقصود خصوصا ان المجتمع اكتشف في اعقاب تلك الجولة ان النظام السياسي ليس معنيا بحماية عموم الناس بل بحماية فئة معينة وشريحة معينة.
يتوهم البعض ان مسار الاعتقال والتخويف الممارس يوميا اضافة الى الاختراقات على مستوى الباقورة والغمر، ومع تمكن السلطة من وضع الناس اسرى لوعد بتحسين اوضاعهم سواء على مستوى المعاشات او الحزم الاقتصادية هي التي ساهمت في اكساب السلطة جولة ما بعد ازمة المعلمين وهي في طريقها لتفكيك تلك التجربة ومحاصرتها ومنع تكرارها .
حقيقة ما يجري ان الاردنيين اليوم في انتظار جولة انتظام جديدة ستكون جولة صعبة ومفصلية، ستكون على شكل موجة عاتية خصوصا مع اصرار السلطة على خنق اي تعبير (شاذ) على حد وصفها يمكن القياس عليه على مستوى النقابات والبرلمان.
يمكن القول ان غازي الهواملة وصداح الحباشنة ونموذج لمعلمين ليسوا اكثر من نماذج بسيطة تعبر عن القناعات العميقة في قلب المجتمع والممنوعة من التعبير عن نفسها او الافصاح عن توجهاتها، لن يساهم المزيد من كبتها الا الى تصاعد الحالة وتعاظم شعورها بالتهميش والاقصاء فاتحة الطريق لاكثر الخيارات الراديكالية سياسيا واجتماعيا، اما مسار افساح المجال لهذه الحالات في الظهور الى سطح الاحداث فهو خيار مكلف لا احد قادر على احتماله او التجاوب معه.
ربما يتراجع الاهتمام العام او يتصاعد في قادم الايام الا ان جولة تشكل رأي عام قادمة لا محالة وهي في طريقها الى التأسيس لشكل واطار جديد لا احد قادر على كبحه.