اتصل بنا
 

استقالة الشحاحدة.. هل اخطأ الوزير فوجبت استقالته أم أنه 'كبش فداء' لتنجو طائرة الرزاز ؟

للتواصل مع الكاتب:

نيسان ـ نشر في 2020-04-03 الساعة 17:57

استقالة الشحاحدة.. هل اخطأ الوزير فوجبت
نيسان ـ إبراهيم قبيلات....لم نعتد في الأردن على سماع قصص حقيقية، يتحمّل بها المسؤول أو الوزير المسؤولية الأخلاقية والإدارية والسياسية عن أخطاء وقعت في وزارته وقطاعه، لكن إبراهيم الشحاحدة فعلها، وقدّم نموذجاً جديداً في الإدارة الأردنية.
"إدارة" راكمت الأخطاء طوال سنوات عمر الدولة، فواصلنا "الطبطبة"، و"التزريق" و"التصفيق"، وعندما اصطدمنا بجدار فايروس كورنا تكشفت عوراتنا وسوءاتنا الإدارية، فماذا نفعل؟.
لا شك أن خطوة الوزير شجاعة ومقدرة، ولا سيما أنها تأتي في وقت بالغ الحساسية من عمر الدولة الأردنية المنهمكة كثيراً في مواجهة جائحة كورونا.. لكنها لا تكفي إذا كنا نريد العبور بسلام، من نفق الفساد الإداري قبل أن ننفذ من أنياب كورونا.
نريد أن نرى الأصفاد بأيدي كل المتورطين بملف الارتزاق من إصدار التصاريح من وزراء ومسؤولين وموظفين ومرتزقة ومأجورين، عرّضوا البلاد والعباد للخطر، وزرعوا الأجواء بألغام وقنابل ستكون قابلة للانفجار في قابل الأيام، إذا لم تقدم الحكومة معالجات حقيقية وبمنتهى الشفافية، تمنع انزلاقنا من شرفة كورونا إلى قاع التكسّب والتنفيع .
اليوم، انتشرت استقالة الوزير إبراهيم الشحاحدة على المواقع الإلكترونية وصفحات الناشطين، وانتشر معها كلام الوزير وإيثاره، وحرصه على موظفيه، ورفضه تحويلهم الى النائب العام من دون ان يثبت إدانتهم وتورطهم بملف التصاريح، مع مناداته بوضع كامل الملف على طاولة التحقيق.
في الحقيقة "أزمة التصاريح" لم تقف عند وزراة الزراعة فحسب، بل إنها أغرقت مؤسسات كثيرة، وهناك حديث عن أسماء بعينها، منهم مسؤولون وفاسدون ارتبطت أسماؤهم بملفات كثيرة، ومن بينها "الدخان"، ولا نعرف إذا كانت الحكومة تنوي "التطهر" منهم في قادم الأيام، أم أنها ستكتفي بالشحاحدة باعتباره "كبش فداء"، وتطوي ملف التصاريح.
بالنسبة للخبراء في القطاع فإن الشحاحدة لم يخطئ ولم يمارس فساداً، كل ما في الامر انه اجتهد في تقدير حاجات القطاع الزراعي، الذي ظهر عارياً من أي خطة استراتيجة خلال أزمة "كورونا"، وأنه كغيره من قطاعات رئيسية تعمل بالقطعة، رغم أنه صمام الأمان الغذائي لنحو 10 ملايين يعيشون على الأرض الأردنية بعد أن أوقفت المملكة كامل خطوط الاستيراد طيلة أيام حظر التجول.
تقول الأرقام أن الأردنيين يستهلكون حوالي 4 ملايين بيضة يويماً، و600طن حليب، و6 الاف طن من الخضار ، وهي خطوط إنتاج لا ينفع معها إلا الرعاية اليومية، حيث أن عمرها قصير، ويستحيل تخزينها أو التعامل معها بنفس طويل.
يعد الأردن يومياً حوالي 750 ألفاً من الدجاج الطازج، و20 طناً من الدجاج المسحب، إلى جانب 60 ألف بقرة منها 30 ألف بقرة حلوب.
نذكر هذه القطاعات باعتبارها خطوط إنتاج يومي، ولابد لها من رعاية دائمة لتبقى قادرة على مد الأردنيين بحاجتهم اليومية من مواد أساسية، وإلا سنكون أمام خيارات صعبة، تتساوى فيها خطورة الفايروس مع خطورة الجوع، فمن لم يمت بكورونا سيمت بغيرها .
كل تلك القطاعات الحيوية، وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال لذكرها لن تكفيها 11 ألف تصريح، لتواصل العطاء اليومي، فوقعت الكارثة.
ندرك أن الحكومات المتعاقبة تركت قطاع الزراعة يواجه تحدياته منفرداً، وظلت دائما تذهب باتجاه الاستيراد لكل شيء، وحين احتاجت الحكومة إنتاجها الزراعي المحلي وجدت نفسها في مأزق، فالقطاع شبه منهار تماماً، بعد أن تفشت في جسده أمراض ضعف الإدارة العامة، وغدا وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
الخطير في المشهد أننا اليوم أمام كارثة تأمين الإمدادات الكافية للسوق المحلي ولا سيما أننا على أعتاب قطف ثمار الموسم الصيفي من مزروعات الشفا والصحراء، فكيف سنؤمن احتياجتنا اليومية وسد الفجوة الغذائية ونحن ندخل القطاع غرفة الأنعاش؟

نيسان ـ نشر في 2020-04-03 الساعة 17:57


رأي: ابراهيم قبيلات

للتواصل مع الكاتب:

الكلمات الأكثر بحثاً