اتصل بنا
 

مع الجيش حتى يستكمل عملية الحجر على الطبقتين؛ السياسية والاقتصادية

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2020-04-03 الساعة 19:56

نيسان ـ يشكل تعاظم دور القوات المسلحة في المشهد الاردني تهديدا ومصدر قلق للكثير من الاطراف على اعتبار ان هذا التدخل يشكل طريقا للاستبداد والديكتاتورية.
هذه المخاوف الخافتة تختفي امام حالة من الالتفاف حول الجيش والذي يظهر بشكل جلي في انسجام الناس واستجابتهم لقرار الجيش وتثمين الكثير من الخطوات التي اتخذها مؤخرا، ولكن هناك قصة لم ترو حول الجيش احاول هنا الاضاءة على بعض جوانبها.
الدولة الحديثة نتاج جملة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية، هذا على المستوى الدولي والتاريخي، الا ان بلادنا التي خرجت من عباءة الدولة العثمانية ومن ثم الاستعمار او الانتداب الخارجي والذي حدد اطر الدولة الحديثة من حيث جغرافيتها وشكل نظامها السياسي.
الاردن الدولة وقفت على جغرافيا فقيرة وغياب للحواضر المدنية او البرجوازيات الوطنية، وهو ما وضع مؤسسات الدولة عنوانا لتشكل الدولة والمجتمع حيث كان الجيش والتعليم هما العناوين التي صهرت الناس في بوتقة واحدة.
لعب الجيش دورا على المستوى الوطني بكل تاكيد وساهم في التصدي لقضايا الامة وعلى رأسها القضية الفلسطينية في حرب 1948 وحرب 1967 ومعركة الكرامة الخالدة.
وساهم الجيش العر بي في فتح الافق للتحول الديمقراطي بعد قرار طرد كلوب باشا ومنع انزلاق البلاد للفوضى في محطات لاحقة.
الملفت ان الجيش العربي وقف الى جوار الجيش السوري في 1973 رغم ان ذلك الجيش قبل 3 سنوات من ذلك التاريخ كان يقوم بهجوم على المملكة وصلت حتى مشارف بلدة النعمية في اربد، وهو دليل روح هذا الجيش العربي وتساميها.
لعل الجيش العربي الذي رفض ان يقف في حفر الباطن في مواجهة العراق بعد احتلال الكويت، اكد في محطة اخرى على روحه العربية والانسانية الفريدة.
يمكن القول ان الجيش العربي غاب عن المشهد الوطني منذ توقيع اتفاقية السلام، حيث تحول الى قوة دولية عكست بشهادة دول العالم احترافية هذا الجيش وصلابة رجاله، الا ان غياب الجيش عن المشهد المحلي ساهم في تكاثر مراكز القوى، وتصعيد مؤسسات ونخب طارئة ساهمت في تجريف منجزات الدولة وعلى رأسها منجز الجيش وهو استقرار الدولة وتراكم منجزاتها في مختلف الميادين.
منذ تنامي الازمة السورية عاد الجيش للحضور الوطني، مترافقا مع تصاعد خطاب القوى المحسوبة على المؤسسة وخصوصا بيان الاول من ايار للمتقاعدين العسكريين، وهو ما كشف عن حجم الغضب داخل قلب مؤسسات الدولة، وهو ما فتح الافق للمؤسسة العسكرية للعب دور اطفاء الحرائق خصوصا لدى شريحة محسوبة عليه، ليساهم دور المؤسسة في تجسير الهوة وترميم القنوات التاريخية بين الجيش ومتقاعديه .
يمكن القول ان المؤسسة العسكرية تمكنت من ضبط ايقاعها مقدمة نموذجا في الاستجابة للتحدي ومواجهته، غير ان جائحة كورونا ساهمت في دفع المؤسسة الى قلب الازمة الوطنية على مستوى الادارة العامة وعجز وانتهازية الطبقة السياسية غير المؤهلة وغير المؤتمنة على البلاد وهي تمر في تحد خطير وغير مسبوق.
نحن نعيش لحظة عزل الجيش للطبقة السياسية والاقتصادية في استجابة للتحدي المتمثل في مخاطر كورونا وبائيا واقتصاديا واجتماعيا، وهو تحد لا يؤهل ايا من الاطراف القائمة اليوم في السلطة على مواجهته، في ظل غياب اي بديل موضوعي على المستوى الوطني قادر على توفير حل للازمة ويمتلك برنامج او رؤيا او حتى شرعية وطنية عامة.
انطلاقا من هذا التقدير اعتقد ان من واجب القوى الوطنية ان تذهب بكل قوة من اجل الوقوف مع الجيش على مستوى مواجهة الجائحة الوبائية، والعمل على اسناد الجيش في الالتزام بالحجر في المنازل، ودعم موقف الجيش لاستكمال عملية الحجر النهائي على الطبقة السياسية والاقتصادية التي تمثل جائحة وطنية لا تقل عن الجائحة الوبائية.
ان الجيش العربي ليس عسكرتاريا، او جهة انقلابية، بل هو صمام الامان القادر على انجاز التحول التاريخي الذي لم تتمكن القوى الحراكية والاصلاحية من انجازه، وبالتالي نحن امام لحظة التحول علينا ان نقف بكل قوة مع خيار تطهير البلاد وبائيا وسياسيا للبدء في انجاز التحول التاريخي الذي طال انتظاره.

نيسان ـ نشر في 2020-04-03 الساعة 19:56


رأي: منصور المعلا كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً