اتصل بنا
 

الناطقون الإعلاميون اين هم ؛ في مواجهة فائض لغوي وافلاس معلوماتي

نيسان ـ نشر في 2020-04-17 الساعة 09:37

نيسان ـ حين طرحت معالي جمانه غنيمات مشروع هيكلة الإعلام قبل عام تقريبا ، كان ملحا جدا تنفيذه وتم تعميمه على كافة الجهات المعنية لكنه لقي مصرعه ودفن في ادراج المكاتب ، ليضاف إلى جملة من التوجهات الضرورية في هذا القطاع التي لا زالت تراوح مكانها ، اليوم يقف معالي وزير الإعلام امجد العضايلة كواجهة إعلامية للبلد كله وليس الحكومة فقط في تعبير عن أهمية الإعلام في إدارة الأزمة ، يشرف العضايلة بنفسه على كل ما سيقال ، ويدقق في كل ما يجب أن يعطى لناس أو لوسائل الإعلام المختلفة محلية ودولية ، وهي مهمة يدرك الرجل نفسه جسامتها وتأثيراتها في الوعي العام .
عودة إلى مشروع هيكلة دوائر الإعلام في الحكومة وزاراتها ومؤسساتها وهي التي لو كتب لها أن تنجح كتوجه رسمي لصنعت الفارق وغيرت الكثير من تداخلات الحالة ، في البلاد نحو 120 ناطق اعلامي في مختلف دوائر الدولة ، لم يظهر منهم أحد ليتحدث في قضية الساعة أزمة وباء فيروس كورونا وارتباطها بأداء وزارته أو مؤسسته أو حتى تأثيراتها عليها ، عدا عن أن الظهور الإعلامي ينحصر في الردود على الشكاوى في الوضع الاعتيادي على حساب التوعية والتثقيف المعلوماتي والقانوني بدور وزارته أو مؤسسته .
وهم باختصار مقسومون إلى قسمين الأول هو مجرد ديكور مالي واداري وإعلامي أما القسم الثاني فهو يعاني من فقدان القدرة على تجاوز مرجعيته الإدارية أو الوزارية لان الوزراء ايضا وتبعا لهذا التقسيم ينقسمون إلى نوعين ايضا الاول عاشق للاعلام ومصاب بهوس فضيع لظهور الإعلامي وبناءا على هذا الحال يهمش ويلغي وربما يصل الأمر حدود الإلغاء الكامل لدور الإعلامي وان تطلب الأمر فإنه يلجأ إلى اختيار العاجزين منهم إعلاميا ليضع المادة الصحفية على أسمائهم فقط دون أي حراك اعلامي من اي نوع حتى ساد نمط " اعلام وزير " على اعلام وزارة في غالبية الوزارات ، بينما النوع الآخر تتطلب وظيفته ومهامها منح كوادره الإعلامية هامش حركة بسيط نظرا لأهمية تقنية يحتاجها الموقف الإعلامي نفسة لدى بعض المسؤولين والوزراء ، إضافة إلى وجود كوادر إعلامية متمكنه ترفض أن تتخلى عن مهامها الوظيفية .
سجلات هيئة الإعلام الأردنية تشير إلى وجود نحو 400 موقع الكتروني اخباري بغض النظر عن الفاعل منها والمعروف أو غير المعروف ، وتشير ايضا إلى 33 إذاعة وعشرات القنوات التلفزيونية محلية ودولية من خلال مندوبيها ومراسليها ، هذا كله يجعل من العبء الإعلامي كبيرا على المسؤول ما يحتم تقسيم العمل وتصنيفه ومنح الكوادر الإعلامية في الوزارات والمؤسسات الحكومية دورها في إدارة هذا العبء لكن الحقيقة مؤسفة إذ يطغى توجه الاحتكار والسيطرة الإعلامية على الغالبية وهو ما يجعل من الأخطاء تتكرر .
الناطقون الإعلاميون لم ينطقوا بشيء قبل انتشار وباء الكورونا حيث كان مطلقوا الإشاعات أو متلقفوا المعلومات غير المكتملة يديرون الساحة المجتمعية على كافة الاتجاهات سياسية اقتصادية اجتماعية وغيرها مستغلين وبقوة الصمت الإعلامي والخرس الادائي في تغذية وسائل التواصل الاجتماعي بما يريدونه من أفكار خلقت وعيا مزيفا ومغلوطا وبنت رأيا عاما تجاه دولة وحكومة وشخصيات سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية مفعما بالتشكيك وبنية هز الثقة وخلق التخوف من المصداقية وهي استراتيجية إعلامية وعاها البعض ام استخدمها بعدم وعي تقوم على صناعة ما يعرف برهبة الاحتمال وابقاء الرأي العام مشوشا تجاه كل شيء .
منع اتخاذ اتجاه وبناء موقف في هذه الحالة يعتبر إنجازا لدى تجار الكلمة ، وبعيدا عن نظرية المؤامرة والتي لا استبعدها شخصيا في حالة التروية الإعلامية التي تستهدف بنية المجتمع والدولة من قبل الأعداء وعملائهم فإن الوضع القائم من حيث غياب الناطقين الإعلاميين والكوادر الإعلامي الرسمية يفتح سوقا سوداء إعلامية على المستوى المحلي يبني من خلاله " مستثمرون إعلاميون خاصون " شراكات ما تحت الطاولة مع جهات ذات علاقة حتى تتحول الساحة الإعلامية برمتها إلى معادلة مستفيد ومستفاد منه ، وهي التي من خلالها يستبعد الإعلامي الرسمي لمصلحة الإعلامي غير الرسمي الذي يمتلك القدرة على أداء أدوار لا يقبل بها الاول .
فلسفة الخبر الصحفي وادبيات الإعلام المهني وتوخي الصالح العام منها باتت في الجيب الصغير للمسؤول يمنح من يؤمن بها هامشا لا يكفي حتى لسعال بينما يعطى الميدان برمته للخبر القادم من وراء المهمة الرسمية ومن خارج السياق المعلوماتي والوظيفي .
في ظل جائحة كورونا وبعيدا عن الإجراءات الصحية العلمية أو الخطوات الأمنية والعسكرية وما يصدر عنها من معلومات دقيقة وحازمة وواضحة ، فإن الآخرين يغرقون في الإنشاء ويضيعون في السرد بينما تولى تجار الكلمة تصنيف الأفكار وحتى تاطيرها والاقلام المؤجرة باتت تتحول الى مهمة تصنيف الناس بين متبرع وطني وغير متبرع بخيل ، وأصدر البعض منهم في الايام الاخيره قوائم شرف وقوائم سوداء يضعون فيها من يريدون ويزيحون منها من يريدون في اضخم عملية ترويج في تاريخ الاردن .
هنا نفتح ايضا ملف المعلومات الذاتية التي يطلقها حتى الناس العاديون ، والنشر الذاتي عبر وسائل التواصل التي تتحول إلى أخبار عاجلة على بعض المواقع وهو ما يشكل ارباكا عاما ، مثلما أن للحروب تجارا فإن للأزمات ايضا سماسرة ومنطق الأداء الرسمي وتحميل كل شخص مسؤولياته الوظيفية هو السبيل الوحيد لضبط المشهد
وشدشدة اختلالاته باتجاه تقديم المعلومات في هذه المرحلة بعيد عن الاهازيج أو المعلقات التي تستنزف وقت الناس وتستولي على ذهنياتهم .
النذر المنبئة بالخطر تثير مخاوف الشرفاء الوطنيين ولكنها في نفس الوقت تشكل استثمارا رابحا لدى النفعيين المتحللين من كل قيمة قبل الكورونا ولكنها ازدادت بعدها بوتيرة نهمة ومنفلته .

نيسان ـ نشر في 2020-04-17 الساعة 09:37


رأي: خلدون عبدالسلام الحباشنة

الكلمات الأكثر بحثاً