اتصل بنا
 

البيرواقطية الاردنية في أزمة..إنهم يريدون ذبح ما تبقى من القطاع العام

كاتب وصحافي اردني

نيسان ـ نشر في 2020-05-06 الساعة 23:16

نيسان ـ تقديم لا بد منه: يجادل البعض في التقليل من فكرة وجود تيارات وتوجهات متصارعة في البلاد على اعتبار ان هذا التوصيف فيه مبالغة واسقاط غير منطقي على البنية الاردنية التي لا تحتمل وجود تلك التيارات في بلد تدار وفق منطق الرجل الواحد واللون الاوحد وبالتالي يبدو الحديث عن هذه التيارات اسقاط غير واقعي وغير منطقي .
لاخذ العلم بلدنا اليوم جزء من منظومة عالمية، وهو منخرط في الاقتصاد والسوق العالمي منذ عقود، وهذه التوجه لديه ممثلوه في بلادنا الذين وجدوا في تبني هذا الخيار مسارا مهما للصعود الى السلطة والثروة، كون هذا هو السبيل لاختراق البنية البيروقراطية المتشكلة منذ عقود والتي كانت تحتكر بموجبها مواقع السلطة وسبل الثروة بوصف هذه القوى البيروقراطية تشكل في مجملها (محطات صد) للغضب الشعبي، ومحطات تكسب تمنح بموجبها الامتيازات التي كان النظام السياسي يوفرها للقواعد الاجتماعية تحت بند ما يسمى (الريع).
كانت هيمنت القوى البيروقراطية و (نخب الريع) تواجه تحدي الوافدين الجدد مع العهد الجديد ليتحول الصراع بين الطرفين الى ملف فساد صبغ العقد الاول من القرن الحالي 2000/2010 انتهى هذا العقد بإنهاك الطرفين، بينما كانت جماعة الاخوان المسلمين تواجه ذات التحدي تحت عنوان الصراع بين تياري (الحمائم والصقور).
كانت سنوات الربيع العربي فرصة لتبدل التحالفات حيث انخرط جمهور مؤسسات الدولة الى جوار الاخوان المسلمين في صراع مع الدولة وعليها حيث تمكن التيار البيروقراطي من توظيف غضاضة تجربة ابنائه وقواعده وغضبهم اضافة الى سذاجة و انتهازية الاخوان ليتمكن من العودة لمربع السلطة مؤقتا.
منذ 2015 بدأ ان النظام السياسي مسنودا بفشل البيروقراطية الاردنية من تجديد خطابه وذاته واثار الربيع العربي قد التقط انفاسه، ليقوم بعدها بتجديد دور وحضور التيار الليبرالي (نخبة العهد الجديد) وهو ما استمر حتى ازمة الكورونا والتي ظهر فيها تيار بيروقراطي يتمثل في دور الجيش والامن والصحة ولعب دورا مهما في ادارة ملف الازمة.
خطاب النظام السياسي واضح، (لا عودة عن العولمة)، وهو يسعى لتعميق دور ومسار هذا التيار الذي عمل خلال سنوات على هدم البنية السابقة للريع ( الغاء الامتيازات الاجتماعية، من دعم السلع الاساسية والمحروقات والكهرباء والمياه وخلق مؤسسات بديلة عن مؤسسات الدولة تحت مسمى (هيئات مستقلة) تحت عنوان ان هذه الخدمات تستنزف موارد الدولة وتعيق تطورها ، بينما كانت المشاريع العملاقة والمليارات الوهمية هي حامل الكثير من الاطراف وعنوان تواجدها في مربع السلطة.
اليوم يذهب هذا الطرف لتحميل ما تبقى من القطاع العام، وفقراء البلاد ممن يعملون في الاقتصاد غير المنتظم مسؤولية عجز الموازنة والخلل في مواردها وتعاظم نفقاتها وبالتالي لابد من الاجهاز على القطاع العام ، ولا بد من احكام القبضة على اقتصاد الظل تحت عناوين (اشتراك الضمان، والمحافظ الالكترونية) بينما تقف القوى البيروقراطية عاجزة عن تجديد خطابها او مشروعها رغم الانجاز الذي تحقق بيروقراطيا في ازمة كورونا.
اليوم تتزاحم الاطراف الليبرالية في افراد خطاب ودراسات وابحاث تحاول جلها توظيف جائحة كورونا وخلق انطباع ان لديها ما تقوله رغم كل ما قالته طوال العقود الماضية والذي ذهب ادراج الرياح.
لعل ابرز مثال على ازمة البيروقراطية الاردنية يتمثل في ازمة صحافة القطاع العام او الصحف الورقية والتي يشكل غياب الفعالية والرؤية والمشروع للطرف الذي تمثله مأزق حال دون تمكنها من البقاء او التأثير بعد ان كانت تلك الصحف طوال عقود تسهم في صياغة الرأي العالم وتحشد حول سياسيات الدولة ومواقفها وتعبر عن مشروعها زمن كان كتاب تلك الصحف هم قادة الرأي العام، بالتالي يمكن القول ان ازمة الصحف في جوهرها تعبر عن ازمة البيروقراطية الاردنية ومأزقها التاريخي.
نحن امام جولة حاسمة في قادم الايام سيكون نواتها شطب ما تبقى من دولة القطاع العام، والتأسيس لدولة المنصات والرياديين ونهاية دولة الريع التي كانت تحمل في غياب الديمقراطية وحرية الاعلام والفساد اس وأساس انهدام هذه التجربة التي رغم كل ما عليها من ملاحظات الا انها كانت دولة مؤسسات صنعت اردن نجى من كل عواصف الاقليم وبنى مجتمعا ودولة كانت عنوان الاردنيين وعونهم.

نيسان ـ نشر في 2020-05-06 الساعة 23:16


رأي: منصور المعلا كاتب وصحافي اردني

الكلمات الأكثر بحثاً