اتصل بنا
 

التربية بالإفساد

نيسان ـ نشر في 2015-08-10 الساعة 13:55

نيسان ـ

تبنى المعارف المكتسبة وتصنّف وتؤطّر ضمن مجالات تُعرف بالأطر المفاهمية لتشكل النمط التنظيمي الأساسي الذي يستند إليهِ الفرد في إضافة المعارف الجديدة، وفهمه واستدعائه لها في مواقفه الحياتية اليومية، وبها يحكم ويقرر الفعل وردة الفعل، فينسجم آداؤه مع تلك الخبرات والمفاهيم.
البيت والمدرسة والمجالس والوسائط المتلفزة والمقروءة (ورقيّة وإلكترونيّة)، كلها ذات أثر واضح في رفد المفاهيم لدى المتلقي، إلا أن له آداة حكم (العقل)، وبه يُنظّم المفاهيم ويُحدّد أهميتها ومجالها ومدى الفعل وردته عليه، فعند استقبال خبرة جديدة أو خبر ومعلومة، يعود العقل لما أطّره من مفاهيم متعلقة بتلك المواقف، فيعمد لتصنيفه حسب البيانات السابقة، ويشرع بتحليله وفقاً لذاك التصنيف، ويطلق عليه أحكاماً غير قابلة للنقض.
خٓبِرنا شخصيات ثار حولها لغط كبير وشبهات -ليس المجال هنا البحث عنها- كما في حالة معالي د. باسم عوض الله ودولة سمير الابن وآخرين، وشهدنا محاولات لا نعلم مَن خلفها عبر الوسائط الاجتماعية وبعض الصحف الإلكترونية لتسويق أدوار مهمة من المستوى الأول عليهم، كانت محاولات تسعى لخلق قبول عبر نفي الشبهات وحملها على الدعاية المغرضة من الحرس القديم، تحت بند التنافس فقط لا غير، ولا يهم حقيقة من وكيف، والأهم هو المواطن ومدى سذاجته وعليها يُعٓوَّل بالمحاولات البائسة.
ليس من الحكمة وفلسفة الإدارة وَفِقهِ الأولويات الظن بأن المفاهيم سهلة التغيير لدى المواطن، أو حتى التعديل عبر مقالات أو دُفوعات فيسبكية، ولا حتى المحاكمات وإن برَّأت، فالتغيير يحتاج لعامل الزمن والإقناع المرتبط بالمثال والقدوة الحسنة مع مراعاة للعقل الذي لا يقبل إلا ما يتوافق مع الفطرة والأُطر المفاهيمية الراسخة من تراكمات التجارب الحياتية والُمتعَّلمة.
إن التجربة التي عشناها في عهد مثال المقال امتازت بتسارع الانهيار الاقتصادي وتعاظمت خلالها الأزمات وخسرت الدولة الكثير من ركائزها الاقتصادية وحتى مسَّ ذلك هيبتها أو كاد، وزاد بؤس الطبقة الأفقر وتلاشت الطبقة الوسطى وازدادت الهُوُّة الاقتصادية والاجتماعية، وظهر الثراء الفاحش على فئة أدارت دفة إدارة الدولة أو ازداد؛ كل ذلك ولّد نقمة وقناعة راسخة حيال الأوضاع بعنوان أسماء سادته.
تسويق من خَبِرهُ المواطن بلقمة عيشه ورأيه وحاز على سخطه، لأكبر من تجَّار الكلمة والتعليق ومحاولاتهم البائسة بالدفاع الأجوف، والتبرير المبني سلفاً على اجتهادات بالتكسّب المستقبلي، فالأمر ينطوي على مخاطر جمّة تتركز في تأصيل الفساد كعامل نجاح للوصول إلى الأهداف، وتصبح القناعة بها مطلقة، وتُحال على من يُجدِّد لهم الرغبة بها، فيتزعزع مفهوم المواطنة الصالحة، وتتلاشى مفاهيم الولاء، وتنهار المنظومة الاجتماعية، وتظهر الآفات المجتمعية، وتعم على الأفراد والجماعات قيم الجشع والذاتية والرشى... إلخ.
قد يسأل سائل: أكُلُّ تلك آثار ظهورهم؟ وأجيب: نعم وألف نعم، فالإفساد أسرع من الإصلاح وأقوى أثراً
فمن المصلحة العليا تنحيتهم بالحد الأدنى أو محاكمتهم سياسياً، فكسب الولاء أبطأ، وخسارته أسرع، والقادم أعقد ومختلف وبشائره قريبة، ولن يقبل المواطن بهم وإن استعانوا بخارج الوطن واشتروا وباعوا الذمم.

نيسان ـ نشر في 2015-08-10 الساعة 13:55

الكلمات الأكثر بحثاً