هاييتي: اغتيال الرئيس ليس بداية الأزمة
إبراهيم غرايبة
كاتب اردني
نيسان ـ نشر في 2021-07-24 الساعة 19:10
نيسان ـ استقلت هاييتي عن فرنسا عام 1804 لكن ربما يكون ذلك هو الإنجاز الإيجابي الوحيد في تاريخ تلك الدولة المليء بالأزمات والصراعات السياسية العنيفة والكوارث الطبيعية، ولم يكن اغتيال الرئيس الهاييتي جوفينيل مويس في 6 يوليو الجاري على يد عصابة من المرتزقة الأجانب سوى حلقة في سلسلة متصلة من العنف الدامي والانقلابات العسكرية.
كانت جزيرة هاييتي إحدى محطات كريستوفر كولومبوس في رحلته الاستكشافية الشهيرة عام 1492، واحتلتها فرنسا في عام 1626 وحولتها إلى مزرعة هائلة لقصب السكر بخاصة، وجلبت إليها نصف مليون عبد أفريقي (يبلغ عدد السكان اليوم ومعظمهم من أحفاد الأفارقة الذين جلبوا عبيدا للعمل في الجزيرة حوالي 11 مليون نسمة)، وخاض العبيد ثورة طويلة ضد فرنسا استمرت من العام 1791 – 1804 حيث حصل سكان الجزيرة من الأفارقة على استقلالهم، ولكنها دخلت في موجة من العنف وعدم الاستقرار منذ ذلك التاريخ، و ظلت دولة فقيرة بائسة، يشتغل معظم سكانها بالزراعة، وتعيش فيها أيضا جالية عربية بدأت بالهجرة إليها منذ منتصف القرن التاسع عشر من حضرموت وسورية ولبنان، ثم فلسطين.
وقد دخلت في مرحلة من الفوضى وغياب الدولة ومؤسساتها منذ الانقلاب العسكري الذي وقع في عام 1991 وصارت تدير الاستقرار والأمن فيها (2004 – 2017) قوة من الأمم المتحدة تتكون من حوالي 8 آلاف جندي، وإضافة إلى الفوضى والعنف تضرب الجزيرة على نحو مستمر اعاصير مدمرة، وكان إعصار عام 2010 هو الأشد في تاريخ الجزيرة، حيث أدى إلى مقتل أكثر من مائتي ألف وتشريد ثلاثة ملايين إنسان، أي حوالي ثلث سكان الدولة، وتعاني هاييتي من أعلى معدلات وفيات الأطفال الرضع ودون الخامسة من العمر والأمهات، وتنتشر فيها أمراض السل والملاريا والإيدز، ويفتقر معظم السكان إلى الخدمات الصحية الأساسية، ويهرب سنويا ألفا طفل من الجزيرة إلى خارجها، وغالبا ما يتم ذلك بموافقة ذويهم، ولا يلتحق بالمدارس أكثر من نصف الأطفال في سن الدراسة، ويعمل حوالي ألف طفل في العصابات المسلحة المنتشرة والمتمكنة في الجزيرة. ويعيش أكثر من 60 من السكان تحت خط الفقر.
كان يفترض أن تنتهي ولاية الرئيس المقتول جوفينيل مويس (53 عاما) في 9 فبراير الماضي، حيث تولى الرئاسة في 9 فبراير 2017 خلفا للرئيس ميشيل مارتيلي، ولكنه مدد ولايته لمدة عام لمواجهة ما أعلن عنه من محاولة انقلاب للإطاحة بحكومته واغتياله، وكانت سنوات حكمه مليئة بالعنف والاحتجاجات والمظاهرات والاتهامات بالفساد.
وتحاول الدول المؤثرة وخاصة الولايات المتحدة الاستدراك على الأزمة الجديدة الناشئة في هاييتي بسبب اغتيال الرئيس بإجراء انتخابات عاجلة والخروج من حالة الفوضى والانقسام الاجتماعي والسياسي، إذ أعلن ثلاثة مسؤولين أنهم يديرون البلاد، وهم كلود جوزيف رئيس الوزراء بالوكالة، وأرييل هنري رئيس الوزراء المعين لكنه لم يقسم اليمين، وجوزيف لامبير رئيس مجلس الشيوخ. وقد تتدخل الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار واجراء الانتخابات وربما تنظيم قوة عسكرية وامنية في بلاد تكاد تكون بلا جيش ولا شرطة.
الهاييتيون المساكين الذين نجحوا في الحفاظ على دينهم الأصلي “الفودو” يبدو أن إلههم هو أيضا مسكين مثلهم، فالأرواح التي يعبدونها ليست سوى أرواح العبيد المضطهدين والمقهورين لا تصلح أبدا لمواجهة الفقر والمرض والزلازل والاستعباد، فأي روح ستحل في أجساد الراقصين في الطقوس الدينية في هاييتي؟
كانت جزيرة هاييتي إحدى محطات كريستوفر كولومبوس في رحلته الاستكشافية الشهيرة عام 1492، واحتلتها فرنسا في عام 1626 وحولتها إلى مزرعة هائلة لقصب السكر بخاصة، وجلبت إليها نصف مليون عبد أفريقي (يبلغ عدد السكان اليوم ومعظمهم من أحفاد الأفارقة الذين جلبوا عبيدا للعمل في الجزيرة حوالي 11 مليون نسمة)، وخاض العبيد ثورة طويلة ضد فرنسا استمرت من العام 1791 – 1804 حيث حصل سكان الجزيرة من الأفارقة على استقلالهم، ولكنها دخلت في موجة من العنف وعدم الاستقرار منذ ذلك التاريخ، و ظلت دولة فقيرة بائسة، يشتغل معظم سكانها بالزراعة، وتعيش فيها أيضا جالية عربية بدأت بالهجرة إليها منذ منتصف القرن التاسع عشر من حضرموت وسورية ولبنان، ثم فلسطين.
وقد دخلت في مرحلة من الفوضى وغياب الدولة ومؤسساتها منذ الانقلاب العسكري الذي وقع في عام 1991 وصارت تدير الاستقرار والأمن فيها (2004 – 2017) قوة من الأمم المتحدة تتكون من حوالي 8 آلاف جندي، وإضافة إلى الفوضى والعنف تضرب الجزيرة على نحو مستمر اعاصير مدمرة، وكان إعصار عام 2010 هو الأشد في تاريخ الجزيرة، حيث أدى إلى مقتل أكثر من مائتي ألف وتشريد ثلاثة ملايين إنسان، أي حوالي ثلث سكان الدولة، وتعاني هاييتي من أعلى معدلات وفيات الأطفال الرضع ودون الخامسة من العمر والأمهات، وتنتشر فيها أمراض السل والملاريا والإيدز، ويفتقر معظم السكان إلى الخدمات الصحية الأساسية، ويهرب سنويا ألفا طفل من الجزيرة إلى خارجها، وغالبا ما يتم ذلك بموافقة ذويهم، ولا يلتحق بالمدارس أكثر من نصف الأطفال في سن الدراسة، ويعمل حوالي ألف طفل في العصابات المسلحة المنتشرة والمتمكنة في الجزيرة. ويعيش أكثر من 60 من السكان تحت خط الفقر.
كان يفترض أن تنتهي ولاية الرئيس المقتول جوفينيل مويس (53 عاما) في 9 فبراير الماضي، حيث تولى الرئاسة في 9 فبراير 2017 خلفا للرئيس ميشيل مارتيلي، ولكنه مدد ولايته لمدة عام لمواجهة ما أعلن عنه من محاولة انقلاب للإطاحة بحكومته واغتياله، وكانت سنوات حكمه مليئة بالعنف والاحتجاجات والمظاهرات والاتهامات بالفساد.
وتحاول الدول المؤثرة وخاصة الولايات المتحدة الاستدراك على الأزمة الجديدة الناشئة في هاييتي بسبب اغتيال الرئيس بإجراء انتخابات عاجلة والخروج من حالة الفوضى والانقسام الاجتماعي والسياسي، إذ أعلن ثلاثة مسؤولين أنهم يديرون البلاد، وهم كلود جوزيف رئيس الوزراء بالوكالة، وأرييل هنري رئيس الوزراء المعين لكنه لم يقسم اليمين، وجوزيف لامبير رئيس مجلس الشيوخ. وقد تتدخل الولايات المتحدة لتحقيق الاستقرار واجراء الانتخابات وربما تنظيم قوة عسكرية وامنية في بلاد تكاد تكون بلا جيش ولا شرطة.
الهاييتيون المساكين الذين نجحوا في الحفاظ على دينهم الأصلي “الفودو” يبدو أن إلههم هو أيضا مسكين مثلهم، فالأرواح التي يعبدونها ليست سوى أرواح العبيد المضطهدين والمقهورين لا تصلح أبدا لمواجهة الفقر والمرض والزلازل والاستعباد، فأي روح ستحل في أجساد الراقصين في الطقوس الدينية في هاييتي؟
نيسان ـ نشر في 2021-07-24 الساعة 19:10
رأي: إبراهيم غرايبة كاتب اردني