اتصل بنا
 

الهوية الوطنية الأردنية

نيسان ـ نشر في 2021-08-03 الساعة 02:03

نيسان ـ إن الهوية الوطنية ذات أهمية حيوية للكيفية التي من خلالها ينتظم العمل السياسي، الاجتماعي ، الاقتصادي، والثقافي، لذلك فأنها تؤثر على القضايا الرئيسية التي تهم السياسات الرسمية، خاصة فيما يتعلق بالاندماج الاجتماعي او العزل الاجتماعي وهي تهم محتوى الهوية ، لذا فان الإجراءات الأساسية لبناء الهوية الوطنية تتمثل في ادعاء بهوية وطنية محددة وعزو أنفسهم إليها ويأتي نتيجة لذلك قبول او عدم قبول الإدعاء بناء على مؤشرات ومحددات واضحة يفهمها الناس.
تغيرت المفاهيم وهناك من يعتبر الهوية هي تعريف الذات، ولها محددات مشتركة مثل المجال الجغرافي والذاكرة التاريخية والثقافة الشعبية ومنظمات الحقوق والواجبات والاقتصاد. وتنشر بعض الدراسات أن للهوية الوطنية مؤشرات والدلالات منها: (مكان الولادة، روابط الأسلاف والأجداد، الانتماء القبلي، الالتزام بالعادات والتقاليد والأعراف، الالتزام بالقوانين للدولة، مكان الإقامة، الالتزام بالزي التقليدي، طول فترة الإقامة، الأسماء والألقاب، النشأة والتربية، اللهجة، الشكل والمظهر الخارجي).
وتستعمل تلك المؤشرات للهوية عندما ينظر الناس الى غيرهم ويحاولون التعبير عن هويتهم الوطنية عن طريق استخدام هذه المؤشرات كما أنها من الممكن ان تستخدم ضمن الوطن الواحد وبين أفراده بهدف تمتين الروابط الوطنية والثقافية وزيادة اللحمة والحس بالهوية الواحدة والمصير المشترك، ومن خلال تحديد هذه المؤشرات التي قد تستخدم جميعها او بعضها ولكنها في النهاية تبقى من الدلالات التي تستخدم للتعبير عن الهوية. وبتحديد تلك المؤشرات والدلالات للهوية، المؤشرات المستخدمة في التعبير عن الهوية قد تعامل كمؤشرات ثابتة أو متحولة وهذا يختلف من بيئة الى أخرى، ومن وضع الى أخر ، فمكان الولادة والسلالة بالإضافة الى ارتباطه بالمكان ،كما ان اللهجة المحلية والتربية والتنشئة والزي التقليدي غالبا ما تفسر عند الأخرين كمؤشرات ثابتة.
لقد حظي موضوع الهوية الوطنية، باهتمام متزايد وخاصة في السنوات الأخيرة، لما تشكله من أهمية على كافة المستويات السياسية والاجتماعية والأكاديمية ،حيث ظهرت العديد من الدراسات والكتابات التي تناولت الهوية الوطنية الأردنية ساهمت بوجود جوانب متنوعة بعض منها غير صحيح ويجانب الصواب بغير قصد وبقصد حسب الخلفية السياسية والأيدلوجية لكتّابها، سواء من خلال التركيز على بعد القضية الفلسطينية في الهوية الأردنية، دون الإشارة إلى البعد الأردني في تجربته السياسية والاقتصادية والاجتماعية أو إغفال العناصر المتنوعة التي ساهمت في تشكيل الهوية الأردنية، بالإضافة الى أغفالها للعناصر المكونة للهوية الأردنية وتركيزها فقط على البعد القبلي للهوية ، كما ان هذه الدراسات أغفلت البعد التاريخي في تكوين الهوية الأردنية سواء ما قبل تأسيس الأمارة او بعدها، او مرحلة بناء الدولة الحديثة ووحدة الضفتين إلا ان هذه الدراسات تبقى محاولات لدراسة الهوية الأردنية من زوايا مختلفة وقد ساهمت في تأسيس اطار نظري مهم ووفرت مرجعيات متنوعة في دراسة الهوية الوطنية
والهوية الوطنية الأردنية ،كغيرها من الهويات، تنطوي بالأساس على معان ودلالات رمزية وثقافية وجماعية تعطي الفرد إحساساً بالانتماء إلى الجسم الأكبر، وتخلق لديه الاعتزاز بهذا الجسم الكبير، وهذه وظيفة مهمة للهوية الوطنية بالإضافة الى فعالية الدولة التي تحتضن الهوية وتوفرها للدفاع عن أرضها ومجتمعها أو في تنميتها الشاملة ،وإشباع الحاجات الأساسية لمواطنيها، وإقرار مبدأ العدالة للمواطن، فالهوية الوطنية هي نتاج اجتماعي ثقافي تاريخي عام وتمثأ علاقة متكاملة، قد تبدو الإجابة مرتكزة على مدى الاعتقاد بوجود الكيان السياسي الذي نطلق عليه اسم الوطن والاعتقاد بوجوده والذي يجمع كافة الأفراد الذين يعيشون به ويؤدي إلى تدعيم الشعور بالانتماء إلى فكرة الكيان السياسي والاجتماعي والجغرافي للوطن،
أن الهوية الوطنية لا تظهر هكذا من فراغ، بل تظهر بشكل طبيعي تلقائي، الهوية الوطنية تعتمد على الكثير من الإجراءات المؤسساتية لنشأتها وظهورها ووجودها، فالإجراءات المؤسساتية تؤكد وتظهر بوضوح ماهية الهوية الوطنية، وكيف تتشكل حيث ان المؤسسات ونظمها لا تتكون ولا تتشكل ولا تنتظم إلا من خلال الفكرة الجمعية للوطن، حيث سيصبح الوطن موئلا نفسيا وروحيا واجتماعيا، بالإضافة إلى كونه بقعة جغرافية ذات مواصفات محددة. أن الأمر الجوهري الذي يستحق الاهتمام والانتباه هو كيف ان المفاهيم والمصطلحات المتعلقة بالهوية الوطنية تستعمل من قبل الناس المندمجين في الهوية الوطنية وكيف يعبرون عن أنفسهم أمام ذاتهم وأمام الأخرين.
وتمتاز الهوية الوطنية الأردنية بانها هوية تقوم على التنوع، والتنوع في الهوية منبثق من تركيبة النسيج الاجتماعي للمجتمع الأردني ، وتتشكل الهوية الوطنية الأردنية من
(أردنيون من أصول شرق أردنية، أردنيون من أصول فلسطيني، أردنيون من أصول شركسية وشيشانية، أردنيون من أصول عربية سورية، حجازية.... الخ " أردنيون من الأقليات الأخرى (دروز، أكراد،....الخ) وقد ساهمت هذه المكونات جميعها في تشكيل الهوية الوطنية الأردنية.
إن الهوية الوطنية الأردنية لا شك تواجه العديد من الإشكاليات المتشابكة نتيجة للظروف السياسية بالدرجة الأولى المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وتواجد عدد كبير من أبناء الشعب الفلسطيني المهددين بإلغاء حق العودة، بالإضافة إلى ضعف مستوى الاندماج الاجتماعي، الذي يظهر أحيانا، إلا انه لا بد من حل كافة الإشكاليات التي تواجه الهوية الوطنية التي أصبحت ضرورة وطنية ملحة وشرطا أساسيا لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة وعاملا مهما لمساعدة الدولة على مواجهة الانفتاح الإعلامي المتزايد وعولمة العالم بشكل يتجاوز حدود الدولة. إذ أنني أرى كما يرى البعض أن حل هذه الإشكاليات يبقى مرهونا بحل القضية الفلسطينية وانتهاء العملية السلمية لذلك لابد من معادلة سياسية تضمن الحفاظ على الهوية السياسية للشعب الفلسطيني في مواجهة مخططات الكيان الصهيوني الذي يستهدف هويته ووجوده بعيداً عن معادلة المحاصصة أو أي عنوان يهدد مصالح الدولة والشعب الأردني والفلسطيني كقانون انتخابات يعتمد الكثافة السكانية مثلا.
ولا يمكن مواجهة هذه الإشكاليات المتشابكة بتذويب الهوية الوطنية الأردنية واستبدالها قصرا بالتسويق لمصطلح فضفاض تحت عنوان "هوية جامعة"، وهو استهداف يمس كلا الشعبين الأردني والفلسطيني والذي يطمس فكرتي الاشتراك بين الشعبين الأردني والفلسطيني بالعدو الواحد وهو الكيان الصهيوني وفكرة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني المُهجر بين البقاء على جنسيته الحالية أو العودة حين تحرير كامل الأرض المحتلة.
ونرى اليوم أن كلمتي المواطن والمواطَنة أصبحتا من أكثر الكلمات انتشارًا في السنوات العشر الأخيرة؟ ولا يمكن لعاقلين أن يختلفا على أن المواطَنة: هي علاقة المواطن بالسلطة والأفراد بين بعضهم، التي تحدد حقوقه وواجباته الوطنية والمواطنة ليست وضعية جاهزة تحت الطلب، أنما هي صيرورة تاريخية وديناميكية مستمرة وسلوك يُكتسب عندما تتهيأ الظروف الملائمة لها، فإنه لا بد من توفر مجموعة من المقومات الأساسية المشتركة بوجود حد أدنى من الشروط التي يتجلى من خلالها مفهوم المواطنة في الحياة اليومية للمواطنين، ومن هذه أهم المقومات هو المساواة والعدالة الاجتماعية والولاء والانتماء للوطن والمشاركة والمسؤولية.

نيسان ـ نشر في 2021-08-03 الساعة 02:03


رأي: معتصم الهويمل

الكلمات الأكثر بحثاً