أين ستذهب الحكومات بجحافل الخريجين الجامعيين؟
د. زيد النوايسة
أكاديمي وكاتب
نيسان ـ نشر في 2021-08-12 الساعة 01:22
نيسان ـ من المتوقع أن تعلن نتائج الثانوية العامة مطلع الأسبوع المقبل؛ وستبدأ معها رحلة الاهل المضنية في البحث عن القبول الجامعي الأنسب لأبنائهم، أملاً في أن يكون التخصص قادرا على المنافسة بعد أربع أو خمس سنوات في سوق عمل يكتظ بمئات آلاف الخريجين الباحثين عن فرصة عمل ولو بالحد الأدنى من الدخل.
هي فعلاً معاناة كبيرة ومرهقة للأهل وما يجري هو مجرد تسكين وترحيل لأزمة تكبر ككرة الثلج وتساهم في خلق معظم الأزمات التي يواجهها مجتمعنا بفعل البطالة التي تتسع قاعدتها كل يوم ولم يعد بمقدور أي حكومة مهما فكرت خارج الصندوق أن تتعامل معها.
يقول رئيس ديوان الخدمة المدنية في المؤتمر الصحفي السنوي الذي يعلن فيه عن التخصصات الراكدة والمشبعة والمطلوبة إن مخزون الديوان من طالبي التوظيف بلغ حتى تاريخه 423 ألف طلب وأعتقد أن هذا الرقم سيزداد بما لا يقل عن 50 ألف طلب بعد انتهاء الفصل الدراسي الصيفي وعودة الطلاب الدارسين في الخارج.
بحكم الزيادة السكانية الطبيعية المتوقع أيضاً أن تزداد متوالية الخريجين كل سنة وإذا كان رئيس الديوان يدق ناقوس الخطر معلناً أن الديوان يستطيع وضمن الظروف والإمكانيات الحالية أن يوفر فرص عمل لخريجي العام الواحد خلال ثماني سنوات ضمن مؤسسات وأجهزة الدولة فالمؤشرات وحسب الزيادة الطبيعية تؤكد الحاجة لعشر سنوات على الأقل لكي يتمكن من استيعاب خريجي العام الواحد.
طبعاً في ظل التوجه نحو أتمتة العمل والتوسع في إدخال التكنولوجيا لن يحتاج جهاز الإدارة العامة باستثناء التعليم والصحة كل هذه الكوادر من العاملين إلا إذا استمر مفهوم استيعاب الخريجين ضمن مفهوم الرعاية الاجتماعية وتوفير مصدر دخل وهذا مبرر ويمكن فهمه في إطار مسؤوليات الدولة بالرغم من انه لا يتناسب مع فكرة التطوير والتحديث التي سنضطر للذهاب لها إذا أردنا أن نواكب ما يجري في العالم والأهم أنه يبقى في إطار التسكين والترحيل.
كل هذا يدعو لمراجعة مسؤولة وجريئة وقد لا تكون مقبولة شعبياً لكل سياسات القبول الجامعي ولكنها بالمعنى الوطني أصبحت ملحة ولا تحتاج أي تأخير للتعامل مع تحد جحافل الخريجين المتزايدة حتى لا نجد أنفسنا امام واقع له تداعياته التي تفوق قدرة الدولة والمجتمع.
الخطوة الأولى في هذا المسار قد تكون من الجامعات نفسها بالتوجه نحو تخصصات مرنة وغير مرتبطة حصراً بالوظيفة الحكومية بحيث تكون قادرة على مواكبة التطور في العالم وإلغاء العديد من التخصصات التي يبدو الهدف من بقائها هو إيجاد فرصة للأكاديميين العاملين بالرغم من أن خريجي تلك التخصصات ينتظرون عشرات السنين للحصول على وظيفية.
الخطوة الثانية هي عقد مؤتمر وطني للتعامل مع هذا التحدي ولا بأس من الاستعانة بتجارب دولية بما في ذلك خبراء لتقديم حلول بشكل مؤسسي وملزمه للجميع تخفف من حجم التحدي المقبل لا محالة والذي نعيش ارهاصاته حالياً.
لم يعد من خيار دون إلزامية التوجه نحو التعليم التقني والمهني، كأحد أوجه التخفيف من حجم الأزمة ولو استدعى ذلك أن تقوم الدولة برصد مبالغ مالية كتشجيع ودعم لمن يقبل على هذه التخصصات.
لا يكفي أن نلقي اللوم على الاهل الذين يمارسون حقهم في أن يحلموا بأن يتعلم أبناؤهم أفضل تعليم ويبذلون الجهد وجني العمر وسنوات الكد والمكابدة حتى يمكنوا الأبناء من امتلاك سلاح الشهادة الاكاديمية ليواجهوا الحياة ومصاعبها التي تزداد يوماً بعد الآخر.
(الغد)
هي فعلاً معاناة كبيرة ومرهقة للأهل وما يجري هو مجرد تسكين وترحيل لأزمة تكبر ككرة الثلج وتساهم في خلق معظم الأزمات التي يواجهها مجتمعنا بفعل البطالة التي تتسع قاعدتها كل يوم ولم يعد بمقدور أي حكومة مهما فكرت خارج الصندوق أن تتعامل معها.
يقول رئيس ديوان الخدمة المدنية في المؤتمر الصحفي السنوي الذي يعلن فيه عن التخصصات الراكدة والمشبعة والمطلوبة إن مخزون الديوان من طالبي التوظيف بلغ حتى تاريخه 423 ألف طلب وأعتقد أن هذا الرقم سيزداد بما لا يقل عن 50 ألف طلب بعد انتهاء الفصل الدراسي الصيفي وعودة الطلاب الدارسين في الخارج.
بحكم الزيادة السكانية الطبيعية المتوقع أيضاً أن تزداد متوالية الخريجين كل سنة وإذا كان رئيس الديوان يدق ناقوس الخطر معلناً أن الديوان يستطيع وضمن الظروف والإمكانيات الحالية أن يوفر فرص عمل لخريجي العام الواحد خلال ثماني سنوات ضمن مؤسسات وأجهزة الدولة فالمؤشرات وحسب الزيادة الطبيعية تؤكد الحاجة لعشر سنوات على الأقل لكي يتمكن من استيعاب خريجي العام الواحد.
طبعاً في ظل التوجه نحو أتمتة العمل والتوسع في إدخال التكنولوجيا لن يحتاج جهاز الإدارة العامة باستثناء التعليم والصحة كل هذه الكوادر من العاملين إلا إذا استمر مفهوم استيعاب الخريجين ضمن مفهوم الرعاية الاجتماعية وتوفير مصدر دخل وهذا مبرر ويمكن فهمه في إطار مسؤوليات الدولة بالرغم من انه لا يتناسب مع فكرة التطوير والتحديث التي سنضطر للذهاب لها إذا أردنا أن نواكب ما يجري في العالم والأهم أنه يبقى في إطار التسكين والترحيل.
كل هذا يدعو لمراجعة مسؤولة وجريئة وقد لا تكون مقبولة شعبياً لكل سياسات القبول الجامعي ولكنها بالمعنى الوطني أصبحت ملحة ولا تحتاج أي تأخير للتعامل مع تحد جحافل الخريجين المتزايدة حتى لا نجد أنفسنا امام واقع له تداعياته التي تفوق قدرة الدولة والمجتمع.
الخطوة الأولى في هذا المسار قد تكون من الجامعات نفسها بالتوجه نحو تخصصات مرنة وغير مرتبطة حصراً بالوظيفة الحكومية بحيث تكون قادرة على مواكبة التطور في العالم وإلغاء العديد من التخصصات التي يبدو الهدف من بقائها هو إيجاد فرصة للأكاديميين العاملين بالرغم من أن خريجي تلك التخصصات ينتظرون عشرات السنين للحصول على وظيفية.
الخطوة الثانية هي عقد مؤتمر وطني للتعامل مع هذا التحدي ولا بأس من الاستعانة بتجارب دولية بما في ذلك خبراء لتقديم حلول بشكل مؤسسي وملزمه للجميع تخفف من حجم التحدي المقبل لا محالة والذي نعيش ارهاصاته حالياً.
لم يعد من خيار دون إلزامية التوجه نحو التعليم التقني والمهني، كأحد أوجه التخفيف من حجم الأزمة ولو استدعى ذلك أن تقوم الدولة برصد مبالغ مالية كتشجيع ودعم لمن يقبل على هذه التخصصات.
لا يكفي أن نلقي اللوم على الاهل الذين يمارسون حقهم في أن يحلموا بأن يتعلم أبناؤهم أفضل تعليم ويبذلون الجهد وجني العمر وسنوات الكد والمكابدة حتى يمكنوا الأبناء من امتلاك سلاح الشهادة الاكاديمية ليواجهوا الحياة ومصاعبها التي تزداد يوماً بعد الآخر.
(الغد)
نيسان ـ نشر في 2021-08-12 الساعة 01:22
رأي: د. زيد النوايسة أكاديمي وكاتب