اتصل بنا
 

النظام المصري يراقب: (سلمان أكثر انفتاحا على الإخوان )

نيسان ـ نشر في 2015-09-20 الساعة 12:45

x
نيسان ـ

يصغي النظام المصري اليوم جيدا الى ما تقوله الصحف الاسرائيلية حول علاقة السعودية بالاخوان المسلمين. من اجل ذلك كان الاهتمام الذي شغل وسائل اعلام مصرية في تقرير نشره باحثان إسرائيليان هما غليا ليندنشتراوس، يوئيل جوزنسكي ، من معهد دراسات الأمن القومى التابع لجامعة تل أبيب، عن التحالفات الجديدة فى الشرق الأوسط و تدشين تحالف سني لمواجهة التحديات الناجمة عن الاضطرابات التي يموج بها العالم العربي، وزيادة نفوذ إيران في المنطقة، وانفتاح المملكة العربية السعودية على الإخوان.

ووفق التقريرين فان السعودية وتركيا لم تمتلكا يومًا علاقات تقليدية جيدة لتحقيق ذلك أقوى منهما في الوقت الراهن. صحيحٌ أن العلاقات بين البلدين شهدت بعض التقارب في الماضي، مثلما حدث في الفترة ما بين 2005 وظهور أولى بوادر الاضطرابات في العالم العربي، لكن ذلك كان استثناءً لا قاعدة.

أما حينما رأت السعودية أن التهديد الإيرانيّ حقيقيّ، ويزداد قوة؛ أصبحت المملكة تدرك الآن أن الأمر يستحق تجرع الدواء المرّ، المتمثل في: الإخوان المسلمين، حتى لو لم يكن إلا لغرض بناء تحالف سنيّ مناهض لإيران. وبالتالي فإن التحدي الذي تواجهه السعودية سيتمثل في: جَعْل مصر- التي ترى الإخوان تهديدًا خطيرًا لاستقرارها الداخلي- تتعاون مع القوات التي تربطها علاقات جيدة بالجماعة، مثل: تركيا؛ باعتبار دورها الرئيس في تشكيل هذه القوات. الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى، وتنامي قوة الحوثيين الشيعة في اليمن، والدور النشط الذي تلعبه طهران في سوريا ولبنان- من خلال حزب الله- والعراق- في الحرب ضد داعش- كلها عوامل جعلت الرياض تدرك احتياجها إلى انخراط تركيا في تحالفها المناهض لإيران. وفي ضوء العلاقات الطيبة بين مصر والسعودية، يتضح أن موقف أنقرة الصارم تجاه القاهرة يمثل نقطة ضعف في جدار التحالف السني الذي يحاول السعوديون تدشينه. من جانبها، تسعى تركيا لعقد ارتباط بالسعودية يساعدها في إنهاء عزلتها الإقليمية. بدا ذلك جليًا حين قطع أردوغان رحلته الإفريقية لحضور جنازة الملك عبدالله، وإعلان تركيا يومَ حدادٍ وطنيّ حزنًا على رحيل الملك.

ونظرا لكثرة الإخفاقات التي مُنِيَت بها السياسة الخارجية التركية، تحتاج أنقرة إلى الرياض لاعتبارات اقتصادية.

ذلك أن التبادل التجاري بين تركيا والسعودية وصل إلى سبعة مليارات دولار في عام 2014، وهناك إمكانية لمزيد من النمو؛ حيث تستهدف البلدان وصول التبادل التجاري بينهما إلى 20 مليار دولار بحلول العام 2018. كما شهد قطاع السياحة نموًا بنسبة 30% منذ عام 2013، مع زيارة أكثر من 300 ألف سعودي تركيا العام الماضي.

صحيحٌ أن السعودية حظرت جماعة الإخوان المسلمين، إلا أن التقارير تشير إلى أن الملك الجديد يأخذ بعين الاعتبار نهجًا أكثر انفتاحًا على حماس، أحد فروع الإخوان، بهدف ضمها إلى التحالف المناهض لإيران، الذي لا يزال قيد التشكيل. وإمكانية تلطيف موقف السعودية حيال الإخوان يعتبر أساسًا جيدًا لتحسين العلاقات بين تركيا والمملكة. وإن كان الوقت لا يزال مبكرًا لرؤية أي تغيير في عداء نظام السيسي للجماعة.

بدروها أعلنت تركيا دعمها للتدخل العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، وفي خطوةٍ غير اعتياديَّة أشار أردوغان إلى أن محاولات إيران لفرض هيمنتها على المنطقة "غير مقبولة". ومع ذلك، خففت تركيا من وطأة دعمها للإجراءات السعودية؛ بالقول: إنها تؤيد هذه الخطوات فقط إذا كانت تؤدي إلى إجراء حوار سياسي داخلي في اليمن، ولم تمنح أنقرة أية ضمانات أخرى سوى وعدها المبهم بتقديم الدعم اللوجستي الممكن.

في الواقع، يبدو أن فرص المملكة لضم تركيا إلى التحالف المطلوب لمناهضة إيران متواضعة على المدى الطويل. حيث يمكن أن تُفهَم تصريحات أردوغان، غير الاعتيادية بخصوص طهران؛ باعتبارها نتيجة للنفوذ الإيراني المتزايد في العراق أكثر من تعلقها بموقفها في اليمن. كما سبق أن أدركت تركيا وإيران في الماضي أنهما بحاجة إلى الحد من تأثير النزاعات المختلة على علاقتهما؛ حيث استطاعا، على سبيل المثال، الحفاظ على التعاون فيما بينهما حتى حينما تناقضت مواقفهما تماما بخصوص سوريا.

علاوة على ذلك، حذر معلقون سعوديون مصر من محاولة إملاء السياسة الخارجية السعودية، لكن من الصعب رؤية أي تحسن حقيقي في العلاقات السعودية-التركية دون حدوث بعض التقدم فيما يتعلق بالعلاقات بين تركيا ومصر. في أعقاب الحرب الأهلية في ليبيا، دعم السعوديون (والمصريون) حكومة طبرق، بينما دعم الأتراك حكومة طرابلس.

بالإضافة إلى ذلك، بينما يبدو أن هناك بعض التغيير في الموقف السعودي تجاه حماس، لا تزال الشكوك تحوم حول إمكانية أن يؤدي ذلك حقًا إلى تخفيف المعارضة السعودية للدعم القوي الذي تمنحه تركيا للمنظمة. لكن تحسُّن العلاقات بين السعودية وتركيا، حتى إذا كان المقصود منه هو كبح جماح النفوذ الإيراني في المنطقة، ليس بالضرورة تطورا إيجابيًا بالنسبة لإسرائيل. ففي ضوء الأزمة بين الأخيرة وتركيا، يمكن أن يزيد دخول أنقرة في الائتلاف السني الذي تقوده السعودية من الاحتكاك بين الائتلاف وإسرائيل. كما يمكن أن تتضرر العلاقة البراجماتية، التي هي قِوام الاصطفاف بين إسرائيل والدول السنية المعتدلة، إلا إذا عرفت إسرائيل والسعودية كيف يحافظان على القناة الحساسة التي يتم من خلالها التنسيق الهادئ بينهما. لكن على أي حال، لا تزال احتمالية نجاح الجهود السعودية الحالية فيما يتعلق بتركيا قيد النظر. وإذا فشلت الجهود السعودية، فإن الضرر المحتمل للعلاقات الإسرائيلية سيكون مؤقتًا. هذه المحاولات الرامية لتدشين حلف سني لمواجهة التحديات الناجمة عن الاضطرابات التي يموج بها العالم العربي، وزيادة نفوذ إيران في المنطقة، ليست جديدة. بل بدأت الجهود بالفعل في عام 2011 لكنها لم تُكَلَّل بالنجاح؛ جزئيًا بسبب الفشل في إسقاط نظام بشار الأسد في سوريا. وما لحق ذلك من تغيير للنظام في مصر، وسيطرة الجيش على السلطة بعد انتزاعها من الإخوان المسلمين، يزيد من العراقيل في طريق محاولة تشكيل تحالف سني. علاوة على ذلك، لا تتمتع السعودية وتركيا بعلاقات تقليدية جيدة تكفي لإقامة علاقات أقوى في الوقت الراهن. صحيحٌ أن علاقاتهما شهدت تقاربًا في بعض الأحيان، مثلما حدث في الفترة ما بين عام 2005 وظهور أولى إرهاصات الاضطرابات في العالم العربي، لكن ذلك كان استثناء، لا قاعدة. من جانبه صرَّح وزير الخارجية السعودي مؤخرًا، أن بلاده ليست لديها مشكلة مع الإخوان المسلمين ولكن مع بعض العناصر داخل الجماعة. وبالتالي، ليس من المستحيل أن تدرك الرياض الآن- بدافع من اعتبارها أن التهديد الإيراني حقيقيًا، ويتزايد قوة- أنه قد يكون من المفيد ابتلاع الدواء المر، المتمثل في: الإخوان المسلمين، حتى إذا لم يكن ذلك إلا لغرض بناء تحالف سني مناهض لإيران. ويبقى التحدي الذي تواجهه المملكة هو جعل مصر- التي تعتبر الجماعة تهديدًا خطيرا لاستقرارها الخارجي- تتعاون مع القوات التي تربطها علاقات جيدة بالجماعة، مثل: تركيا؛ بالنظر إلى دورها الرئيس في هذه القوات.

نيسان ـ نشر في 2015-09-20 الساعة 12:45

الكلمات الأكثر بحثاً