اتصل بنا
 

الكتف ذات الطبعة الزرقاء

صحافي أردني

نيسان ـ نشر في 2022-03-03 الساعة 07:26

نيسان ـ مذ ابتكر الإنسان البندقية، ابتكر معها القنّاص، كان القناص قاتلا عشوائيا يقتفل كل ما يتحرك أمامه، لذلك فقد كان مكروها من الأطراف المتحاربة، وكان عقابه الموت بشكل شنيع. في بيروت مثلا كانوا يلقون بالقناص من فوق سطح العمارة الشاهقة التي يقبضون عليه فيها.
المشكلة التي كان يعاني منها القناص أنه لم يكن يستطيع إخفاء مهنته، كأن يدّعي بأنه بواب العمارة، أو أنه مجرد مقاتل عادي، فقد كانوا يكتشفونه ويتعرفون عليه من الكدمات الزرقاء المطبوعة على كتفه، الناتجة عن ارتداد البندقية الثقيلة التي يستعملها.
بالطبع، القناص ليس ملاكا ولا شيطانا، بل هو الملاك والشيطان معا، ويرجع اعتبار كونه ملاكا أم شيطانا إلى موقعك الجغرافي منه، هل أنت أمام فوهة بندقيته؟ فتكون العدو والضحية، أم انت تحتمي خلف بندقيته ليفتح لك الطريق، فيكون الصديق والرفيق ؟؟
كانت الضحية واضحة وضوح الدم، والقناص معروفا ومعرّبا بالزرقة الظاهرة على كتفه. وهذا ما نفتقده في الحروب الحديثة، حيث تحول القناص إلى مجرد محترف (أتاري) وهاوي كمبيوتر، يتحكم بفوهة البندقية بواسطة الشاشة، ويحدد هدفه دون أن يكون أمامه.
الصورة بأكملها تغيرت: في السابق كان العدو بيّنا والصديق بيّنا، والقناص الصديق بين والقناص العدو بينا، حاليا اختلط الصديق بالعدو، وعدو الصديق اختلط بصديق العدو، وصارت البنادق القناصة موجهة الينا من كل الاتجاهات، ولم تعد تمتلك أي خيار، فقد تموت ببندقية صديق أو ببندقية عدو او حتى ببندقية محادية.
ربما في السابق كنت تعرف لماذا تموت على الأقل، حاليا انت لا تعرف لماذا تموت ولماذا تعيش ولماذا تقتل فلان أو يقتلك علنتان.
وتلولحي يا دالية
الدستور

نيسان ـ نشر في 2022-03-03 الساعة 07:26


رأي: يوسف غيشان صحافي أردني

الكلمات الأكثر بحثاً