اتصل بنا
 

العالم أمام خطر ركود تضخمي

نيسان ـ نشر في 2022-03-12 الساعة 15:18

نيسان ـ يبدو أن الأزمة الروسية - الأوكرانية ستزيد من احتمالات حدوث ركود اقتصادي عالمي هذا العام، وستدخل كل الدول بلا استثناء في دوامة تضخم قياسي وفاتورة ضخمة لتكاليف الحرب .
الآفاق الاقتصادية أصبحت قاتمة اليوم مع ارتفاع معدلات التضخم الى مستويات قياسية هي الأعلى منذ 40 عاما في بعض الدول الصناعية ، وهذا الواقع سيلقي بظلالها على اجتماعات البنوك المركزية العالمية هذا الأسبوع وسط مخاوف من ضعف النمو وارتفاع الأسعار ونقص الأغذية واضطراب سلاسل الامداد .
الحرب دفعت صندوق النقد الدولي الى خفض توقعاته بشأن نمو الاقتصاد العالمي، التي صدرت في يناير الماضي، والتي تشير إلى أن النمو الاقتصادي العالمي سيصل إلى 4.4 % عام 2022 ، والتوقعات المتشائمة تنذر بتراجع النمو عن مستويات 3 % بانتظار التداعيات المحتملة للحرب وطول أمدها.
الأنظار تتجه إلى واشنطن هذا الأسبوع، وبالتحديد يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين، حيث يعقد اجتماع لجنة السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي لرسم سياسات الفائدة الأمريكية، حيث يرجح أن تغير الحرب سياسات "الفيدرالي " وتجعله أكثر تريثا في رفع كبير للفائدة خوفا من ردة فعل عكسية للتضخم ، كما ستلقي الأزمة الروسية الأوكرانية بظلالها أيضا على اجتماع البنك المركزي الأوروبي الخميس، إذ يتوقع أن يقر البنك خلاله نهجا أكثر مرونة في استراتيجيته النقدية، آخذا بصدمة التضخم والخطر على النمو، فالحرب والعقوبات الغربية المفروضة على موسكو ستنعكس على اقتصادات منطقة اليورو سلبا.
في ظل تسارع ارتفاع الأسعار إلى مستوى قياسي قدره 5.8% في منطقة اليورو وقرابة 7 % في الولايات المتحدة، والزيادة الجديدة في كلفة المواد الأولية المرتبطة بالنزاع في أوكرانيا، سيدخل العالم في صدمة تضخمية ربما تفوق في تداعياتها جائحة كورونا واغلاقات سلاسل الامداد.
اتباع سياسة نقدية حذرة مطلوب، واستمرار الدعم الاقتصادي للشركات المتأثرة مباشرة من تداعيات الحرب قد يكون أكثر نجاعة من رفع لافت للفائدة في هذا الوقت، فتشديد شروط وسياسات الإقراض يزيد من خنق القطاع الخاص، لهذا فإن احتواء مخاطر ارتفاع الفائدة على القروض أكثر إلحاحا حتى لا توضع الأسواق والأفراد في أزمة سيولة .
هناك ثلاثة عوامل يجب اخذها بعين الاعتبار عند رفع الفائدة وهي: انعكاسها على ديون الدول وخصوصا السيادية وارتفاع تكلفة خدمة الدين، والثاني ارتفاع تكلفة الاقتراض الجديد وأخيرا تباطؤ مستويات الاستثمار مع حذر الصناديق الاستثمارية والتحوطية .
الخلاصة أن تكلفة الحرب سيدفعها الاقتصاد الدولي وليس روسيا وحدها، فالعقوبات آثارها وخيمة على جميع الدول، والاغلاقات وتعطل سلاسل التوريد ونقص الأغذية تحمل آثار كارثية وتزيد من مخاطر دخول العالم في ركود طويل الأجل.

نيسان ـ نشر في 2022-03-12 الساعة 15:18


رأي: د. محمود مشارقة

الكلمات الأكثر بحثاً