اتصل بنا
 

الودائع تبخرت.. على لبنان السلام

نيسان ـ نشر في 2022-10-05 الساعة 13:27

نيسان ـ حين تغيب دولة المؤسسات لا غرابة أن يعم الفساد والبلطجة ربوع البلاد.. وحين يتحول الحزب إلى دولة داخل دولة بقوة السلاح لا غرابة أيضا أن ينهار الاقتصاد وأن يواجه خطر الإفلاس.
عمليات اقتحام المصارف اليومية تظهر قتامة المشهد الاقتصادي والسياسي في لبنان، والوضع المزري والمؤسف الذي وصل إليه اليوم في ظل أزمات مزمنة أرجعت الدولة قرونا إلى الوراء.
بداية علينا التأكيد أن فرض قيود على سحب المودعين أموالهم من المصارف، إجراء غير قانوني ونوع من البلطجة التي ستؤدي الى تبعات غير محمودة على المدى الطويل.
الحديث هنا عن ودائع تراجعت إلى 100 مليار دولار، بعد أن كانت نهاية 2019 تقدر بنحو 164 مليار دولار. وتبرير تقييد السحوبات بحماية القطاع المصرفي من الانهيار غير مقنع، لأن إجراءات تعزيز رؤوس أموال المصارف فشلت في إعادة الثقة إلى القطاع المالي وقلبت الوضع رأسا على عقب، فلا مؤسسات دولية ولا أفراد يمكنهم الوثوق بنظام يعبث بمدخرات مواطنيه.
الليرة اللبنانية فقدت 90% من قيمتها حتى الآن والقدرة الشرائية للبنانيين تضاءلت الى مستويات متدنية وفرض قيود على رأس المال وتآكل الحاجز الواقي لرأس المال يعني وفق اقتصاديين أن البنوك لن تتمكن من جذب ودائع أو خطوط ائتمان ومن ثم ستقل قدرتها على التمويل وسيحدث عجزا كبيرا في ميزان المعاملات الجارية.
وفيما بلد يشهد أحد أسوأ ثلاثة انهيارات مالية في العصر الحديث، يحتاج المرء للدعاء له، فلا وصفة اقتصادية سحرية قابلة للتنفيذ بدون معرفة سبب البلاء وهم الزمرة السياسية الفاسدة و"مليشيا الحزب" وأصحاب الياقات البيضاء الذين أوصلوا لبنان إلى هذا الوضع الكارثي الخطير.
يكفي القول أن تحويلات العمالة اللبنانية في الخارج كانت رافدا أساسيا للاقتصاد، وفي ظل الإجراءات التقييدية للسحوبات لن يخاطر المغتربون بخسارة أموال صنعوها بكدهم وتعبهم لتتحول إلى خزائن أصحاب البنوك.
تصنيف المصارف اللبنانية اليوم عالي المخاطر وقدرة الدولة على سداد التزاماتها التمويلية محدود وكذلك الحال مع تخلفها عن سداد الديون وفوائدها وسط أزمة مالية طاحنة ومفتعلة أفرغت جيوب الفقراء وشردتهم إلى الخارج سواء عبر "قوارب الموت" أو قوارب النجاة والحياة في مكان آخر ، وهنا نبدو اليوم أمام مشهد دويلة مليشيا هشة لا تشبه الدولة ولا تمتلك مقومات البقاء.

نيسان ـ نشر في 2022-10-05 الساعة 13:27


رأي: د. محمود مشارقة

الكلمات الأكثر بحثاً