اتصل بنا
 

لا ينبغى إنكار فقدان الثقة لدى المواطن باعلامه؟

نيسان ـ نشر في 2022-10-10 الساعة 16:33

نيسان ـ تشهد صناعة الإعلام في المملكة تحولات جذرية عديدة فى بيئة العمل الإعلامى، من حيث سرعة تدفق المعلومات ومتابعة المواطن لها لحظة بلحظة؛ فمنذ قيام ثورة تكنولوجيا الاتصال والرقمنة الاعلامية وصحافة الموبايل وشبكات التواصل الاجتماعية ، حدثت تغييرات عديدة فى ثقة الرأى العام الأردني بإعلامه الوطنى وامتدت لتصل لمرحلة من ضعف المصداقية وفقدان الثقة نتيجة ممارسات عديدة أسهمت فى زيادة تلك الفجوة مع الاعلامي بشكل عام .
وتشير الدراسات الحديثة إلى أن أهم مشكلة تواجه وسائل الإعلام الوطنية فى الفترة الحالية، هى تراجع مصداقيتها لدى الراي العام ، وضعف مستوى الثقة فيها ، على اساس أن تحقيق المصداقية لدى المواطن ليس أمراً سهلا وبسيطا ، خاصة فى القضايا التى تتسم بقدر من الجدل والنقاش والتحليل والتفسير، وتسهم بخلق حالة من الاستقطاب السياسى لدى الشارع؛ إذ أن هناك عديد العوامل المؤثرة على إدراك الجمهور لمصداقية تلك الوسائل فى تناول الشأن العام، منها العوامل المتعلقة بخصائص الوسيلة ذاتها وأنماط ملكيتها ومرجعيتها ونشراتها المقيدة واختفاء الراي الاخر، بالاضافة الى توجهاتها السياسية وتبعيتها الرسمية الذى تعمل من خلاله، وعوامل ترتبط بحرفية أداء القائم بالاتصال بداخلها ، وخصائص الجمهور ذاته سواء الديموغرافية أو السياسية.
وحالة ضعف الثقة بوسائل الإعلام لا سيما الرسمية منها اضحت نتيجة طبيعية للممارسات غير الرشيدة والحكيمة في الاغلب ، وأهمها عدم اكتراث وسائل الإعلام بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه الجمهور والمجتمع ككل وعدم تأطيرها للافكار والاحداث بشكل موضوعي، وتغافل أدوارها الرئيسية التى قامت من أجلها في الدفاع عن مصالح الناس وكشف الفساد والتوعية والتثقيف والإخبار ونقل اصواتهم ، وهي أدوار إعلامية مهمة تراجعت مكانتها بفعل تراكم للإنتهاكات الإعلامية غير المهنية سواء على نطاق حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والشباب على وجه الخصوص، وبالتالي تراجع هذه الأدوار الرئيسة أمام التضليل والفبركة المبالغ فيها لتحقيق الشعبوية على حساب المصداقية.
ولا ينبغى إنكار تزايد حالة فقدان الثقة لدى الجمهور نحو ممارسات بعض القنوات التليفزيونية الحكومية أو الخاصة، والتى نتج عنها كثير من حالات بث خطاب الكراهية والتخوين والتشكيك بين فئات الشعب، والاعتماد على المصادر المُجَّهَلة والمبالغة والتهويل فى طرح القضايا ، وتشير عدد من استطلاعات للرأى العام أجريت حول الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى الاردن أن درجة ثقة الجمهور الأردني بوسائل الإعلام الرسمية جاءت بنسب منخفضة جدا مقابل ثقتها بوسائل اعلامية خارجية، فى حين بلغت ثقة الجمهور عينة الاستطلاع بالقنوات الخاصة نسبة اعلى من الرسمية.
وبناء على ما سبق يفضل تحقيق إسهاماً علمياً ومهنياً لتفسيرهذه الظاهرة وتدهور مصداقيتها، وبشكل يجيب على إستفسارات المهتمين والمواطن عن أسباب تنامى الإعتماد على مواقع التواصل الاجتماعى والاعلام الخارجي ، فى مقابل التراجع الواضح للمؤسسات الإعلامية التقليدية خاصة الورقية منها والإذاعية والتليفزيونية.
وتعد مصداقية وسائل الإعلام الوطنية وتفسير حالة الانكماش والتراجع لدى المواطن ذات أهمية بالغة يجب ان توخذ بالاعتبار وفى ظل تنوع البيئة الإعلامية المحلية والعالمية، من قنوات تليفزيونية مختلفة الاتجاهات ومتباينة المواقف فى تناولها للقضايا السياسية الاردنية وتبعاً لأنماط ملكيتها ، وشبكات للتواصل الاجتماعى وغير ذلك من الوسائل، التى تشكل فى مجملها بيئة إعلامية تنافسية تعمل فى إطار أحداث سياسية متلاحقة ، تتطلب الالتزام بمعايير المصداقية فى التغطية الإخبارية، لضمان الحفاظ على ثقة الجمهور الاردني التى اهتزت تجاه وسائل إعلامه.
لكن ظل التساؤل مطروحاً :هل يتحمل المواطن مسؤولية جزئية عن عدم الثقة ؟ نتيجة اختيارته للمحتوى الإعلامى الذى يتوافق مع اتجاهاتة السياسية وقناعاته الشخصية دون وجود تقييم موضوعى وحقيقى للأحداث.
فى ضوء ما سبق ينبغي تقديم تفسيرا وتاطير لهذه الظاهرة التى لم يتم دراستها بالشكل الكافى بالاردن ، ليستفيد منه كلا من واضعي السياسات الاعلامية ومن باحثى الإعلام والخبراء والمهنيين والجمهور العادى، ويجيب على تساؤل هذا التشاؤم ؟ بالاضافة دراسة تحليلية وتقديم نموذجاً مقترحاً لمراحل إدراك الجمهور لمصداقية وسائل الإعلام الجديدة والتقليدية فى تناول القضايا السياسية والعوامل المؤثرة بها بالإضافة إلى تأثيراتها المختلفة ، وبالتالي تقديم رؤية علمية مقترحة لتطوير وإصلاح الأداء المهنى لوسائل الإعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى لتشمل : القائم بالاتصال، الوسائل الإعلامية، التشريعات الإعلامية المنظمة لعمل وسائل الإعلام ومواثيق الشرف ومدونات السلوك.

نيسان ـ نشر في 2022-10-10 الساعة 16:33


رأي: د محمد كامل القرعان

الكلمات الأكثر بحثاً