اتصل بنا
 

كلمه م. ميسرة ملص في تأبين الراحل ليث شبيلات ببيروت

نيسان ـ نشر في 2023-01-19 الساعة 23:43

x
نيسان ـ ألقى المهندس ميسرة ملص كلمة في حفل التأبين الذي أقامه المؤتمر العربي العام اليوم الخميس ببيروت، والذي يتحدث بها عن الراحل المرحوم المهندس ليث شبيلات، وتالياً نص الكلمة:

أيها الاخوة والاخوات
في البداية أشكر إدارة المؤتمر العربي العام والقائمين عليه على مبادرتهم المقدرة بإقامة هذا اللقاء التأبيني لكوكبة من شخصيات العالم العربي وأستمطر وإياكم شأبيب الرحمة على أرواحهم الطاهرة وأرجو في بداية كلمتي أن نتوقف للحظات لقراءة الفاتحة سراً على أرواحهم الطاهرة.
أود أن أقرأ عليكم في البداية نص عاطفي قصير كتبته فجر يوم دفن المرحوم الصديق الحبيب ليث شبيلات حيث كان الألم والوجع كبيرين ولكن كل ذلك مع قبول تام بقضاء الله وإرادته.
لم ياتيني النوم الليله الماضيه فقد فقدت بالامس الاخ الكبير والحبيب والصديق الذي كنت ملاصقا له لسنوات طويله/ عرفته عن قرب واجمل مافيه رحمه الله بانه كان كل ما يدعو له من على المنابر من مثل و قيم ومبادئ يلتزم بها في حياته حتى لو كان على حساب مصلحته الخاصه/ لم اجد شخص في الاردن له القدرة على التنبؤ بمستقبل البلد بمثله/ عندما اتذكر ما كان يقوله لي قبل عشرات السنوات عن احوال الاردن وارى ما يحصل الان اشعر وكانه كان يقرأ من كتاب مفتوح كزرقاء اليمامه /لم اجد شخص بجرأته بالحق ومجابهه الباطل كان شجاع مقدام و فعلا كان ليث الاردن/ لم يكن ابدا يبطن غير ما يعلن وعندما كان يقول بان استقرار الاردن ببقاء نظامه شريط اصلاح راس النظام كان صادقا بهذا الموقف ولا يطرحه لاجل التكتيك العابر / على الرغم من شجاعته و قوته كان شديد العاطفه و دمعته سياله على خده وكم كان يتاثر عندما يشاهد مواطن يمد يده سائلا له خاصه اذا كبير اوسيده اوطفل/ ماذا اكتب عن ليث شبيلات والذكريات تزدحم بذهني وانا المؤمن بقضاء الله وقدره وان الموت حقيقه وحق ولكنني قد غفلت بان هذا الرجل الثمانيني و الذي اكرمه الله ب"صحه" ونشاط وهمه وعزيمه الشباب حتى اخر لحظه من حياته سياتي يوم انعاه وقلبي يعتصر الم وحزن ان لم ينعاني / ما يخفف عني انه قام بواجبه على اتم وجه وانتقل الى الرفيق الاعلى راضيا مرضيا بإذن الله وكان هذا ما يحرص عليه دوما ويقول لي ماذا ساقول الى ربي ان سكت عن ظلم هذا او ذاك/ والحمدالله ترك ارثا كبيرا في مقارعة الطغاه والظلمه/ و الحمدالله مات عزيزا كبيرا في وطنه ومجتمعه و بقيت صحته تخدم حركته و لم اجد شخص يحظي بمحبه الناس بمثله على الرغم من قسوته في بعض الاحيان عليهم وهذا ما لمسته من خلال صحبتي معه داخل وخارج المملكه
أيها الاخوة والأخوات:
من يتحدث عن هذا الكبير ليث شبيلات لا بد ان يقف عند بعض المحطات في حياته وأولها عندما فاز لأول مرة لمركز نقيب المهندسين الاردنيين وكان أول نقيب إسلامي الهوية يفوز بهذا المنصب وقد قدمه هذا المنصب بأن يكون عضواً في المجلس الوطني الاستشاري حيث قرأ الدستور الاردني لأول مرة في حياته وأدرك أنه في حال تم تطبيق هذا الدستور قبل تعديلاته المجحفة ستنتقل البلد إلى مستوى أفضل في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبرز ليث في المجلس الوطني الاستشاري بخطاب قوي ومتماسك وذو سقف غير معتاد عليه في الاردن وأداؤه في هذا المجلس أهله للحصول على أعلى الاصوات في دائرته الانتخابية في الانتخابات النيابية التكميلية عام 1984 والانتخابات النيابية في عام 1989.
وقد حمل ليث مسؤولية رئاسة لجنة التحقيق النيابية في قضايا الفساد في برلمان عام 1989 ونظراً لبحثه الجاد ومحاولته سوق بعض المسؤولين لمحاكمتهم على قضايا فساد فقد عمل النظام على سوقه الى السجن والحكم عليه بالاعدام بما يسمى قضية النفير المزعومة قبل أن يعفي عنه الملك حسين بعفو عام شمل بالاضافة الى رئيس لجنة التحقيق النيابية المرحوم ليث شبيلات , جميع قضايا الفساد وأبطالها من كبار المسؤولين آنذاك.
وللأسف وقف ما يعتبر في الاردن أقوى برلمان في العقود الأخيرة (برلمان 1989) موقف المتفرج على زميلهم ليث وهو في سجنه واكتفوا بعد أن خرج بالعفو العام بعقد جلسة سرية استمعوا فيها لتقرير من ليث شبيلات يفند فيه مزاعم النظام بخصوص القضية التي اتهم فيها ظلماً وتوضح الاسباب الفعلية لسوقه إليها واكتفوا برد الحكومة بأن القضية طويت بصدور عفو عام وخرج النظام منتصراً بإغلاق جميع ملفات الفساد في ضربة واحدة واكسبت هذا التجربة ليث قوة وصلابة ساعدته على خوض معاركه اللاحقة.
وبموقف مبكر كعادته استشرف ليث توجه الحكم بالاردن لعقد اتفاق مع الكيان الصهيوني ويريد لاجل ذلك تحجيم المعارضة في البرلمان اللذي يلي برلمان عام 1989 بعد أن تم حله حيث تم فرض قانون الصوت الواحد لتصنيع برلمان على قياس السلطة بالاردن لتمرير معاهدة وادي عربة، وقد دعى ليث الى مقاطعة الانتخابات المنوي اجراءها (انتخابات 1993) لعدم اعطاء الشرعية لبرلمان يعطي موافقته على اتفاقية وادي عربة من خلال تزوير ارادة المعارضة واظهارها على الرغم من تواجدها بالبرلمان بأنها أقلية عارضت الاتفاقية مقابل اكثرية وافقت عليها ولكن لم تستجب المعارضة ومن ضمنها الحركة الاسلامية وهي القوة المعارضة الاكبر في الاردن وقد ادى ذلك الى اعتزاله العمل السياسي وفعلاً حصل بعد ذلك ما توقعه حيث فصل برلمان عام 1993 على المقاس الذي يرغبه نظامنا العتيد بالاردن واعطى الشرعية لمعاهدة وادي عربة.
وقد سبق توقيع معاهدة وادي عربة قيام ليث بتأسيس جمعية مناهضة الصهيونية العنصرية وكان لنشاطه من خلال هذه الجمعية أو لنشاطه الشخصي ضد معاهدات السلام مع الكيان الصهيوني سبباً في حبسة للمرة الثانية بعد ان ألقي محاضرة في إربد تناول فيها مشاركة الملك حسين والملكة نور في جنازة القاتل رابين وانتقد فيها بشدة توقيع بما يسمى معاهدة السلام مع الكيان الصهيوني وأشارة إلى مواقف النظام التاريخية وعلاقاته مع الكيان الغاصب وكان مطلع المحاضرة يقول "أما ابا ابراهيم فلا بواكي له" وهو يشير الى الشهيد فتحي الشقاقي قائد حركة الجهاد الاسلامي حيث شاركته في زيارة بيت عزائه في أحد ضواحي عمان، وكان العزاء شبه فارغ من المعزين وترابط أمامه سيارات الأمن لمراقبة من يزور هذا البيت وأبدى المرحوم لي امتعاضه الشديد لخوف المواطين من حضور العزاء وكتب على أثر هذه الزيارة محاضرته الشهيرة والتي أدت به الى السجن إلى أن قام الملك حسين بإصطحابه من سجن سواقة الى بيت والدته وكان من ضمن حواره مع الملك بأنه لا يعقل يا سيدي اذا شبابي في جمعية مناهضة الصهيونية قاموا بتوزيع منشورات ضد الكيان الصهيوني تعتقلهم الأجهزة الامنية وتقول لهم انتم تعملون ضد الملك؟ فهل معقول يا سيدي أنت صرت حامي الصهيونية بالبلد؟! وأمأء الملك بما يفهم برفضة لتصرفات الاجهزة.
ثم يدخل أبو فرحان للمرة الثالثة السجن بسبب (فزعته) لمدينة معان( وأهلها الابطال ) بعد أن تحركت بسبب الهجوم الامريكي على العراق فذهب لزيارتها وألقى كلمة أدت الى التهاب المظاهرات بعد مغادرته فتم أعتقاله في طريق عودته الى عمان الى أن اصدر الملك حسين عنه العفو بعد زيارته لمجمع النقابات المهنية وطلب النقباء (زملاء ليث) من الملك الافراج عنه ويرفض ليث العفو من سجنه ويكمل كامل فترة السجن ولا زلت اذكر عناوين الصحف شبه الرسمية في الأردن بعد رفضه عفو الملك، وهي تشير الى نكران ليث للجميل.
وكما كان ليث شبيلات معارضا ومنتقدا للانظمة العربية فهو لم يوفر ايضا المعارضة في الاردن او في الدول العربية، فقد وجه نقده الشديد واللاذع الى بعض القوى القومية واليسارية اللذين وقفوا مع الانقلاب ضد الشرعية أثر ثورة 25 يناير في مصر وغطوا إسقاط حكم اول رئيس منتخب في مصر بانتخابات نزيهة الشهيد محمد مرسي واتهمهم بالمساعدة على تقويض التجربة الديمقراطية في أكبر بلد عربي.
وكذلك انتقد بشدة المعارضة في سوريا وبالذات الاسلامية منها لتعاون بعضها مع الغرب واستعمالها السلاح أثر التحركات الشعبية التي جرت في سوريا عام 2011 وقد سبق ذلك ان قابل الرئيس بشار الاسد وطلب منه سرعة إجراء اصلاحات سياسية جذرية ومكافحة عميقة للفساد خوفا على سوريا ودورها القومي الهام وخشية على جرف الثوارات الشعبية للاستقرار في هذا البلد الهام وقد خرج من الاجتماع غير مسرور لاجابات الرئيس بشار الاسد وقد قاد محاولة لاجراء مصالحة ما بين الاخوان المسلمين في سوريا والنظام السوري بعد التنسيق مع امين عام حزب الله وقابل وفد من الاخوان المسلمين المقيمين بالاردن لمحاول جسر الهوه بينهم وبين النظام، الا انهم رفضوا ذلك وبتعنت شديد وبعكس رغبة بعض الاخوان الاردنيين اللذين حضروا هذا اللقاء.
وهناك محطة لافتة في تاريخ هذا الرجل يجب القاء الضوء عليها، فعلى الرغم من وقوف ليث شبيلات ومعظم القوى الاسلامية في الاردن مع إيران خلال الحرب الايرانية العراقية الا انه بمجرد ان استهدف العراق من دول المحور الغربي المستعمر وعلى رأسهم الولايات المتحدة وقف ليث دون تردد الى جانب العراق وكان من ضمن وفد من شخصيات اسلامية حملوا رسالة الى الامام الخميني آنذاك بطالبونه بإعلان موقف واضح بدعم العراق ضد الهجوم الامريكي البربري على هذا البلد الآمن في حرب الخليج الاولى وعاد ليث من هذه المهمة واعلن عدم ارتياحه لموقف ايران من هذه الحرب وهذا الموقف وغيره من المواقف الداعمة للعراق جعل له وزن لدى المرحوم الشهيد صدام حسين حيث استقبله في قصره واصدر عفوا عام عن جميع المسجونين الاردنيين في العراق وافرج عنهم وارسلهم برفقته الى عمان.
وعلى الرغم من رسالته القوية لإمين عام حزب الله بضرورة اعلان الحزب موقف واضح من دعم المقاومة العراقية ضد الامريكان الا انه بقي يحظى باحترام الحزب وقيادته وعلى علاقة طيبة معه بعد وقبل هذه الرسالة وذكر لي مدى تأثره بكلام أمين عام حزب الله في احد لقاءاته الخاصة معه حيث حدثه سماحة الامين العام بانه قبل استشهاد هادي كان يشعر بالاحراج عند مقابلات عوائل شهداء المقاومة اللبنانية الباسلة لانهم قدموا ابناءهم شهداء في معارك المقاومة على عكسه.

اما موقفه من المقاومة العربية الاسلامية في فلسطين فقد كان يكن لها كل الاحترام والتقدير وكان يطرب على كل عملية استشهادية يقومون بها ويسارع للاتصال بي لمعرفة ان كان هناك بيت للعزاء لأهالي شهداء المقاومة ليقوم بواجب التهنئة.
وكما انتقد ليث شبيلات المعارضات العربية فقد انتقد المعارضة الاردنية وبشدة ولم يوفر احد وخاصة الحركة الإسلامية في الاردن بسبب انها التنظيم الاكبر حسب رأيه وهو رأي صائب وتتحمل مسؤولية زعامة المعارضة في البلد بحسب قوتها على الارض وكان يعتبر عدم الاخذ بتوجيهاته ورؤيته للحد من تغول النظام على حقوق الشعب سببا لهذه الاوضاع السيئة التي نعيشها في الاردن حيث اعتقد بان المعارضة لم يكن لها موقف قوي في دعم طروحاته بخصوص اجراءا تعديلات دستورية جذرية لعودة الهيبة للركن الاول من النظام وهو الركن النيابي ولم يستجيبوا لمطالبه بخصوص مقاطعة انتخابات برلمان عام 1993 ولم بخوضوا معه المعركة التي ادت الى ضربة في احد أفران عمان وتكسير سيارته بسبب اعتراضه على تسجيل اراضي الخزينة باسم الملك والكثير من المواقف الاخرى وآخرها ما يتعلق بتسريبات بندورة التي اعتبر فيها ان الفعل المعارض في الاردن ضعيف الى درجة بان فعله كمن يعالج مريض سرطان في حبة اسبرو.
هناك مئات المواقف التي عشتها مع هذا الرجل الصلب والذي اعتقد انه ولفترة طويلة صعب ان يشغل مكانه شخص بقوته ولكن انوه بان هذا الرجل الصلب القوي الذي يقود اقوى المعارك له شخصية اخرى عاطفية محبة للفقراء ساعياً لمساعدتهم تعاجله الدمعة على خده لاي موقف انساني يشاهده او يسمع به ولا انسى اثناء مقاومة اطباؤنا وممرضينا لمرض الكورونا واشتباكهم المباشر مع المخطرين من المصابين في وباء الكورونا في غرف العناية المركزة في مستشفيات الاردن كان يبكي خوفا على هؤلاء الاطقم الطبية وكأنهم أولاده وقد تبرع بمبلغ وافر من ماله الخاص لصالح الصندوق الحكومي لدعم جهود مكافحة وباء الكورونا بل وجه في فيديو علني رئيس مجلس ادارة البنك الذي يتعامل معه بتحويل أي مبلغ من حسابه يطلبه الصندوق الحكومي لمكافحة الكورونا دون مراجعته.
واسمحوا لي في الختام ان القي الضوء على جانب اخر من شخصية ابو فرحان رحمه الله لا يعرفه الى المقربون منه بانه كان حسن المعشر ولطيف في التعامل وقدوة لغيرة في القيام باية واجبات ومنها الواجبات الروتينية التي لا يتردد من حوله للقيام بها نيابة عنه احتراما لمقامه وسنه فكان مثلا يصر على القيام بكل الأعمال اليدوية المطلوبة في اي رحلة ترافقه فيها مع خفة دم منقطعة النظير حيث كان يطلق علي لقب الهيئة العامة في حزب الاثنين الذي يترأسه هو وكنت في بعض الاحيان مازحاً اظهر له كيفية اطاعة المسؤول لقائده الملهم فكان ان صف سيارته بطريقة غير موازية للرصيف يسألني كيف الصفة؟ اقول له سيدي صفتك صحيحة ولكن الرصيف اعوج ويضحك من قلبه.
سيفقدك يا اعز الرجال الاردن ورجاله وابنائه و مناضليه
وستفتقدك فلسطين ومقاومتها واسودها ومجاهديها
سيفقدك العالمين العربي والاسلامي ومنابريهما
سيفتقدك الفقراء والارامل واليتامى الذين لم تردهم خائبين في يوما من الايام
سافتقدك انا شخصيا وقد تعلمت منك الكثير وارجو ان تسامحني وانت في دار الحق على نقاشاتي الحاده معك في بعض الاحيان عندما نختلف على بعض المسائل خاصه في مايتعلق بقسوتك في خطاباتك الموجهه الى المعارضه / ربنا يصبرني على فراقك
وداعا يا اعز الر جال ولانقول الا ما قاله نبينا صلى الله عليه وسلم ان العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا ابو فرحان لمحزونون
وفي الختام اقدم مره أخرى احر التعازي الى ابنائك وبناتك و زوجتك واهلك ومحبيك.
واكرر شكري الموصول الى ادارة المؤتمر العربي العام القائمين على هذه المبادرة الكريمة ولكل المشاركين في هاذ الحفل المهيب

نيسان ـ نشر في 2023-01-19 الساعة 23:43

الكلمات الأكثر بحثاً