اتصل بنا
 

لماذا يفشل الإسلاميون؟

وزير أردني سابق، باحث ومتخصص في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في العالم العربي. من كتبه "السلفيون والربيع العربي"و" الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي"و "الحل الإسلامي في الأردن" و"الإسلاميون والدين والثورة في سورية".

نيسان ـ نشر في 2023-01-31 الساعة 06:18

نيسان ـ "لماذا يفشل الإسلاميون؟" تقترح هبة رؤوف عزّت هذا السؤال، بعد تجربة الإسلاميين في الحكم، بديلاً عن السؤال التقليدي الذي طغى على دراسات حقل "الإسلام السياسي" في حقبة ما قبل الربيع العربي وفي ذروته، وكان على النقيض من ذلك يتمثل بـ"لماذا ينجح الإسلاميون؟". وما بين نجاح الإسلاميين في المعارضة والانتخابات وفشلهم أو (كما يرغبون هم بالقول) إفشالهم في تجارب الحكم في مرحلة الربيع العربي، ثمّة أسئلة وتساؤلات ونقاشات وإشكالات عديدة هيمنت على أعمال مؤتمر مهم ونوعي عقدته جامعة نورثويسترن مع جامعة واسيدا في طوكيو، في الدوحة قبل أيام (بإدارة وتصميم مميّز من خالد الحروب وعبدالله باعبود)، وشاركت فيه مجموعة من الباحثين العرب، وتناول تجارب الإسلاميين في مصر وتونس والمغرب وليبيا ومصر والسودان والأردن وسورية واليمن وعُمان والخليج العربي عموماً.
نتائج وملاحظات عديدة يمكن الخروج بها من أوراق المؤتمر ونقاشاته، ولعلّ أهم ما أخذ حيّزاً كبيراً من المناقشة سؤال المنهج في دراسة هذه الحركات، بوصفها حقلاً بحثياً، وكانت إحدى الملاحظات الرئيسية أنّنا أمام حالاتٍ متباينةٍ متعدّدة ومتنوّعة من الضروري ألا نضعها في حزمة واحدة، بخاصة على صعيد السياقات الوطنية والمجتمعية والسياسية الخاصة بكل دولة من الدول موضوع الدراسة. صحيحٌ أنّ هنالك نقاط تشابه، كما سأشير لاحقاً، لكن هنالك أيضاً سياقات وبنى سياسية ومجتمعية وثقافية مختلفة ومتباينة بين كل دولة وأخرى، تنعكس على طبيعة الحركة الإسلامية وتطوّرها وتحولاتها في هذا البلد أو ذاك.
في حالة مثل تونس كانت سقوف توقعات المجتمع من الإسلاميين بعد الثورة أكثر من قدرتهم على تحقيق نتائج سريعة في آتون أزمةٍ اقتصاديةٍ قاسيةٍ
قاد التعمّق أكثر في النقاشات الباحثين المشاركين إلى إعادة التفكير في الأسئلة المطروحة (في الأصل) بما يتعلق بالإسلام السياسي وتجربة الحكم. ماذا لو كانت، مثلاً، حركات وأحزاب غير إسلامية؛ هل كانت ستنجح؟ أم أنّنا أمام بنية سياسية – اجتماعية - اقتصادية تجعل الفشل أقرب، في المدى القصير، إلى تجربة أي حركة أو حزب سياسي – إسلامي أو غير إسلامي يصل إلى السلطة، بمعنى أنّنا، عربياً، نعيش في دوّامة لا تميز إسلامياً عن غيره، ففي حالة مثل تونس كانت سقوف توقعات المجتمع من الإسلاميين بعد الثورة أكثر من قدرتهم على تحقيق نتائج سريعة في آتون أزمةٍ اقتصاديةٍ قاسيةٍ. في المقابل، يعتبر باحثون كثيرون أنّ الاحتجاجات السودانية قد أطاحت حكم الإسلاميين أنفسهم، خلال ثلاثة عقود، في السودان، بينما يرى صلاح الزين، مثلاً، أنّ الإسلاميين خسروا "معركة السردية"، وفي المغرب جاء الإسلاميون بعد اليساريين، ولم يتغيّر شيء في الواقع السياسي- الاقتصادي، وفي مصر دخلوا في مواجهةٍ مع "المؤسّسة العسكرية". وهكذا سنجد أنّ المشكلة قد تكون أعمق من مجرّد تأطيرها في سؤال الإسلام السياسي، وإنما تشمل السياقات والبنى الوطنية نفسها.
دفع هذا وذاك إلى طرح سؤال مفهوم "الدولة العميقة" وما المقصود به في العالم العربي؟ هل نتحدّث عن المؤسسة العسكرية، أم المؤسّسة الأمنية أم الجهاز البيروقراطي، أم النخبة السياسية - الاقتصادية التي تستخدم المؤسسات البيروقراطية، العسكرية والأمنية، وحتى المدنية لصالحها؟ أم الأمر يختلف من دولة إلى أخرى؟ وما هي الميكانزمات التي تستخدمها الدولة العميقة لإحداث الثورة المضادّة وحماية مصالحها؟ وهل ترتبط المسألة بقدرة القيادات الإسلامية وكفاءتها في التعامل مع هذه التحدّيات و"حقول الألغام"، أم أنّ الأمر لا يجدي ولا ينفع على المدى البعيد؟العربي الجديد

نيسان ـ نشر في 2023-01-31 الساعة 06:18


رأي: د. محمد أبو رمان وزير أردني سابق، باحث ومتخصص في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في العالم العربي. من كتبه "السلفيون والربيع العربي"و" الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي"و "الحل الإسلامي في الأردن" و"الإسلاميون والدين والثورة في سورية".

الكلمات الأكثر بحثاً