اتصل بنا
 

الشذوذ الجنسي بين روسيا والغرب

صحافية وكاتبة أردنية

نيسان ـ نشر في 2023-08-06 الساعة 19:47

نيسان ـ يلفت نظري في أغلب فئات الشعب الأردني قضية مهمة، وهي أننا كشعب ضد الولايات المتحدة والغرب في الظاهر، لكننا في الباطن وفي التفاصيل، مع الولايات المتحدة في أغلب القضايا إن لم يكن كلها، وليبراليون في كل شيء.
قد يكون هذا الحال ممكنا قبل العام 2022، لكن بعد العام 2022 عليك إما أن تكون مع أميركا والغرب قلبًا وقالبًا، وإما أن تكون ضدهم، لأن زمن التحولات الجذرية فعليًا قد بدأ.
يتمثل ذلك بوضوح في موضوع الشذوذ الجنسي، إذ يلفت نظري كثيرًا سعي الناس هنا للفصل بين الشذوذ الجنسي والسياسة، ليبرروا أنهم اليوم ضد روسيا وسياسة بوتين لكنهم في ذات الوقت ضد الشذوذ. وهذا مستحيل، وإن حصر موضوع الشذوذ بالقضايا الاجتماعية والتربوية إنما هو محاولة لقطع ذيل الأفعى لا رأسها، إن أردنا قطع رأس الأفعى نهائيًا، علينا أن نفهم جذور المسالة سياسيًا.
تعلمنا في المتابعة للقضايا السياسية، أن توقيت إعلان الرؤساء رفضهم أو تأييدهم لمسألة مهم جدًا، ونتوقف عنده كثيرًا لفهم مجريات الأمور.
فمثلًا، كانت المرة الأولى التي يعلن فيها الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين رفضه للشذوذ الجنسي علنًا يوم احتفال روسيا بضم أربع مناطق من أوكرانيا لها، يومها أذكر جدًا أن هذا الرفض للشذوذ ترافق مع عبارة أن زمن التغيرات الجذرية قد بدأ.
وتُضحكني كثيرًا عبارة أسمعها من معارضي روسيا وبوتين في بلادي أن بوتين قال ذلك ليخطب ود الشعوب العربية، وأود هنا أن اهمس لهم، بانه من المؤكد ان بوتين يعلم جيدًا أن لا ديمقراطية في بلادنا، كما يعلم تمام العلم أن شعوبنا غير واعية، ولا وقت لديه ليضيعه في خطب ودّ شعوب غير واعية، ولا ديمقراطية لديها لتؤثر في سياسات بلدانها، وطبعًا نحمد الله ألف مرة أن لا ديموقراطية لدينا حتى لا يؤثر في قرارات بلداننا عوام الناس ممن لا يقرأون ولا يتابعون الأخبار جيدًا.
إن رفض الشذوذ يأتي انسجامًا مع بدء تشكل عالم متعدد الأقطاب الذي تُبشر به روسيا والصين ودول أخرى، ويحمل فكرًا مناهضًا لليبرالية، وبالتالي فإن العالم متعدد الأقطاب الذي بدأ يتشكل بوضوح منذ بدء الأزمة الروسية الأوكرانية في شباط/ فبراير 2022، يستدعي فكريًا وثقافيًا محاربة الشذوذ. فاطمئنوا لا أحد يخطب ودّنا، إنهم يعملون لأجل مشروع سياسي كبير.
في المقابل، وعندما بدأنا نشهد فشل الهجوم المضاد الأوكراني في الشهور الأخيرة، كان السلاح الأخير في يد زيلينسكي هو إظهار حجم الشذوذ الجنسي في صفوف الجيش الأوكراني، وأخيرًا وليس آخرًا قام بتعيين متحدثة شاذة في صفوف الجيش الأوكراني.
هنا يمكننا القول أن زيلينسكي يخطب ود الليبراليين ويُذكرهم بأنه في حربه ضد روسيا إنما يحرس أهم قيم الليبرالية "الشذوذ الجنسي".
في الختام، إننا لا نملك ترف الاختيار بين قيم القطب الواحد "الليبرالية" وبين قيم العالم متعدد الأقطاب، فإن كنتم ضد الشذوذ الجنسي، أنتم حتمًا مع عالم متعدد الأقطاب يفرض عليكم تشكيل قيمكم بناء على تراثنا وماضينا بدون تجاهل المستقبل والواقع.

نيسان ـ نشر في 2023-08-06 الساعة 19:47


رأي: رانية الجعبري صحافية وكاتبة أردنية

الكلمات الأكثر بحثاً