اتصل بنا
 

بَشَرة' أدب السعود وقضية المرأة

صحافية وكاتبة أردنية

نيسان ـ نشر في 2023-08-07 الساعة 15:12

نيسان ـ لا بد أن نشكر السيدة التي انتقدت د. أدب السعود وقالت لها "بدل ما تحكي وتنظري، روحي اهتمي ببشرتك"، لأنها فتحت لنا الباب لنتحدث عن الوجه القبيح لفكرة الجمال الخارجي على حساب عقل المرأة وحضورها وقدرتها على التواصل، لتصبح النساء في النهاية أداة تُستهلك في هذا المجتمع لا فاعلات فيه أو ناشطات، وإنها فرصة لنُعرّي كل من يعتقد أن تحرر المرأة هو مظهر خارجي ليس إلا.
إن المجتمع الذي يختزل المرأة في شكلها الخارجي، بعيدًا عن العقل والمعرفة، إنما يجعلها مجرد بضاعة يستهلكها الرجل ليس إلا، وأصبح لنا بسبب ذلك كود كما البضائع بل ويُفرض لنا مدة صلاحية، وكل هذا في سبيل إرضاء شركات التجميل، التي تعتاش وتغنى بسبب سطحية النساء والرجال وسذاجتهم ممن يرون المرأة مجرد جسد! إذ تم تشكيل صورة المرأة على طول الأربعين عامًا الماضية وفق مصالح الشركات العالمية.
- من المهم أن تتلخص اهتمامات المرأة بالشكل الخارجي حتى تلهث خلف الاستهلاك، وتبدد المال لأجل المظهر الخارجي، لذا من الطبيعي أن نرى سيدة تتجرأ على سيدة مجتمع مثل د. أدب السعود وتقول لها "بدل ما تنظري" وهذه العبارة غالبًا ما نسمع السيدات يرددنها لتبرير ذواتهن أمام المرأة المثقفة.
- أيضًا لا بد من النزول بمستوى الرجل الفكري، ليبحث عن الشبيهة بفنانات الإغراء لتكون زوجته بدلًا من البحث عن رفيقة درب، وبذلك تندفع المرأة نحو الاستهلاك.
- في ثقافتنا العربية تقع المرأة الحسناء في مرتبة أعلى من الجميلة، والمرأة الحسناء هي التي جمعت جمال الشكل مع الخلق الحسن وأحاطت بالمعارف والعلوم وتمكنت من فصاحة القول، أما المراة الجميلة، فهي جميلة الشكل فقط، وما كان تراثنا يأبه بهذه المرأة ولم تحتل هذه المرأة أي مرتبة ما لم تحقق باقي الشروط؛ العقل والخلق والعلم وحُسن التعبير.
- في ردّها على هذه السيدة تقول د. أدب السعود أنها ستعمل بالنصيحة، رغم أنها لا تعلم أسماء وماركات كريمات العناية بالبشرة، وما تعرفه فقط هو الفازلين وكريم الوقاية من الشمس.
هنا أقول لدكتورة أدب السعود، أنك وفق حضارتنا العربية الأصيلة حُزتِ على نسبة 90% مما يلزم المرأة لتكون حسناء، فأنت امرأة عاقلة وواعية وصاحبة علم ومعرفة، إضافة إلى امتلاكك القدرة على حُسن التعبير ولطافته، وهو ما تفتقر إليه غالبية النساء في مجتمعنا – للأسف – من اللاهثات خلف أطباء ومختصي التجميل.
- وإن كان ولا بد وستعمل د. أدب السعود بالنصيحة، فأنصحها أن لا تتوجه نحو الكريمات العالمية غالية الثمن التي تُصنّعها شركات التجميل على قاعدة "رزق الهبل على المجانين"، بل أن تتوجه نحو الماسكات الطبيعية والرخيصة، لأسباب عدّة، أولًا هذه الكريمات قد تُحسن بشرتنا على المدى القصير لكن لا بد أن يكون ثمة ضرر على المدى البعيد، والسبب الثاني، وهو الأهم، أن هذه الشركات يجب أن تُحارَب لأنها هي التي تُنمي لدينا الإحساس بالسطحية في سبيل الرأسمالية، وهي التي تُشعرنا أن الجمال سلعة نشتريها لنصبح مرغوبين حتى لو كانت أخلاقنا سيئة، مع أن كلمة ساذجة تصدر منّا تجعلنا أشبه ما نكون بالغول!
- قبل سنوات فقدتُ والدي، وبسبب الحزن بدأت الخطوط تحفر لها مكانًا في وجهي، وذهبت إلى إحدى الصيدليات لأشتري كريمات العناية بالبشرة، أردتُ استغلال تخفيض الأسعار، فكان سعر الكريم بعد التخفيض 60 دينارًا، ورغم أنني أملتك ثمنه لكنني شعرتُ أنني أقوم بجريمة إن اشتريته، وبدأتُ أبحث في الوصفات الطبيعية، وأنقذتُ بشرتي بما يعادل الستة دنانير فقط على طول عام كامل. منذ ذلك الحين أدركت أن الشركات تعتاش على كسلنا وسذاجتنا وجهلنا.
- بناء على ما سبق علينا كنساء أن نناضل باتجاهين؛ الاتجاه الأول أن نُعرف الجمال وفق حضارتنا نحن، وليس الشركات، وإن معنى الجمال أو الحسن بلغة أدق في حضارتنا أكثر عمقًا وإنسانية ورقيًّا من الحضارة الرأسمالية السخيفة، وثانيًا علينا أن نعود للطبيعة ليتحقق جمالنا نتيجة التفاعل مع طبيعة بلادنا، وأن نكف عن الاستهلاك، وهذا وحده يتطلب جبهة مقاومة بأكملها.

نيسان ـ نشر في 2023-08-07 الساعة 15:12


رأي: رانية الجعبري صحافية وكاتبة أردنية

الكلمات الأكثر بحثاً