الحداثة الإسلامية:الصراع بدل الاستيعاب
إبراهيم غرايبة
كاتب اردني
نيسان ـ نشر في 2023-09-02 الساعة 08:51
نيسان ـ تحولت "الإسلاموية" إلى ظاهرة شعبية سائدة تؤثر في الدول والجماعات والعلاقات الدولية، وأطرت معظم إن لم يكن جميع الحركات والجماعات الثورية والسلمية والمشاركة السياسية الديمقراطية أو غير الديمقراطية والمواجهة الفكرية والسياسية مع الغرب والعالم "صراع الحضارات"
يؤسس الإخوان المسلمون لمشروع التكيف الإسلامي مع الحداثة، وصار مشروعهم لأسلمة الواقع والحداثة العمود الفقري لكل مشروعات الجماعات والحكومات للانسجام والمواءمة بين الواقع الحدث والإسلام أو النقد والمواجهة مع العالم والحداثة وصولا إلى الحرب على العالم التي دشنها تحالف القاعدة والجهاد الإسلامي؛ المشروع الذي أدخل المسلمين والعالم في دوامة من العنف والرعب والتعصب والتطرف. صحيح من الناحية القانونية أن الإخوان المسلمين لم يشاركوا القاعدة وأخواتها وبناتها في عمليات العنف والإرهاب، لكنهم عمليا أطلقوا المشروع، وزينوا لجماعات العنف عملها وفكرها وإن لم يشاركوا فيها، وساهموا في إنشاء التوتر والتناقض بين المسلمين وواقعهم وبين المسلمين والعالم، ثم ابتعدوا ليوظفوا منافع العالم والحداثة والديمقراطية والعلمانية في مكاسب سياسية واقتصادية وشخصية!
عندما تشكلت الدولة المركزية الحديثة في عالم العرب والمسلمين كانت تشغلها في العلاقة مع الإسلام أربعة تحديات رئيسية: إقامة دول معاصرة منسجمة مع الإسلام، والارتقاء بالمؤسسات الدينية والتعليم الديني لتواكب متطلبات الدولة الحديثة، ومواجهة تيارين علمانيين، أحدهما علماني إسلامي يستوعب المعرفة الإسلامية المتخصصة إضافة إلى المعرفة العالمية المعاصرة، مثل علي عبد الرازق وطه حسين ونصر حامد أبو زيد، وغيرهم ممن تعلموا في الأزهر وتقدموا في التعليم الديني وفي الوقت نفسه استوعبوا المعارف العالمية من مصادرها، والتيار العلماني غير الإسلامي والذي يستند إلى ضرورات وفلسفة سياسية اجتماعية وتصورات للدولة المعاصرة مناظرة للتجربة العالمية المعاصرة.
كان الإخوان المسلمون الشريك الأساسي والفاعل للحكومات في مشروعاتها وتحديات الأربعة السابقة، لكن حدثت تطورات لاحقة جعلت الشراكة عبئا على الدول والمجتمعات، فقد استكملت الدولة تحديث وعصرنة مشروعها المؤسسي الديني والتعليمي، ولم تعد بحاجة إلى مشاركة الإخوان المسلمين، ثم إن الدولة بطبيعتها وفلسفتها والتغيرات الكثيرة المحيطة بعملها ورسالتها تسلك دائما كما هو شأنها في مسارات براغماتية وتجري مراجعات مستمرة، في حين أن الإخوان المسلمين كجماعة سياسية اجتماعية تشكلت حول "الأسلمة" كانت أقل ديناميكية من الدول والمجتمعات، وأكثر جمودا وتعصبا، ثم إنها صارت تملك شرعية دينية سياسية تنافس السلطات السياسية التي تنظر إلى الدين كقضية سيادية تعتمد عليها في شرعيتها وبناء الهويات والتماسك الاجتماعي ودعم سياساتها ومواقفها، لكن التطور الدراماتيكي كان في تخلي الإخوان المسلمين عن مشروعهم الإصلاحي والتحول إلى جماعات سياسية تحمل فكرا مفاصلا للدول والمجتمعات ويستعلي على الآخرين ويشعر بالتميز والأفضلية الدينية ثم الملاءمة السياسية والاجتماعية. لكن الجماعة لم تقدر على التوفيق بين طبيعتها البراغماتية وبين الأيديولوجيا الجديدة المتطرفة فدخلت في مسارات جديدة خطيرة، منها نشوء جماعات عنيفة متطرفة، وبناء دوغمائية اجتماعية جديدة تنشئ شرعيتها السياسية والدينية على رفض الآخرين من المسلمين وغير المسلمين وتكفيرهم والانتقاص منهم والحروب السياسية السلمية على أساس التميز الديني؛ ما أنشأ حالة من التعصب الديني الكاسح والخارج عن السيطرة!
يؤسس الإخوان المسلمون لمشروع التكيف الإسلامي مع الحداثة، وصار مشروعهم لأسلمة الواقع والحداثة العمود الفقري لكل مشروعات الجماعات والحكومات للانسجام والمواءمة بين الواقع الحدث والإسلام أو النقد والمواجهة مع العالم والحداثة وصولا إلى الحرب على العالم التي دشنها تحالف القاعدة والجهاد الإسلامي؛ المشروع الذي أدخل المسلمين والعالم في دوامة من العنف والرعب والتعصب والتطرف. صحيح من الناحية القانونية أن الإخوان المسلمين لم يشاركوا القاعدة وأخواتها وبناتها في عمليات العنف والإرهاب، لكنهم عمليا أطلقوا المشروع، وزينوا لجماعات العنف عملها وفكرها وإن لم يشاركوا فيها، وساهموا في إنشاء التوتر والتناقض بين المسلمين وواقعهم وبين المسلمين والعالم، ثم ابتعدوا ليوظفوا منافع العالم والحداثة والديمقراطية والعلمانية في مكاسب سياسية واقتصادية وشخصية!
عندما تشكلت الدولة المركزية الحديثة في عالم العرب والمسلمين كانت تشغلها في العلاقة مع الإسلام أربعة تحديات رئيسية: إقامة دول معاصرة منسجمة مع الإسلام، والارتقاء بالمؤسسات الدينية والتعليم الديني لتواكب متطلبات الدولة الحديثة، ومواجهة تيارين علمانيين، أحدهما علماني إسلامي يستوعب المعرفة الإسلامية المتخصصة إضافة إلى المعرفة العالمية المعاصرة، مثل علي عبد الرازق وطه حسين ونصر حامد أبو زيد، وغيرهم ممن تعلموا في الأزهر وتقدموا في التعليم الديني وفي الوقت نفسه استوعبوا المعارف العالمية من مصادرها، والتيار العلماني غير الإسلامي والذي يستند إلى ضرورات وفلسفة سياسية اجتماعية وتصورات للدولة المعاصرة مناظرة للتجربة العالمية المعاصرة.
كان الإخوان المسلمون الشريك الأساسي والفاعل للحكومات في مشروعاتها وتحديات الأربعة السابقة، لكن حدثت تطورات لاحقة جعلت الشراكة عبئا على الدول والمجتمعات، فقد استكملت الدولة تحديث وعصرنة مشروعها المؤسسي الديني والتعليمي، ولم تعد بحاجة إلى مشاركة الإخوان المسلمين، ثم إن الدولة بطبيعتها وفلسفتها والتغيرات الكثيرة المحيطة بعملها ورسالتها تسلك دائما كما هو شأنها في مسارات براغماتية وتجري مراجعات مستمرة، في حين أن الإخوان المسلمين كجماعة سياسية اجتماعية تشكلت حول "الأسلمة" كانت أقل ديناميكية من الدول والمجتمعات، وأكثر جمودا وتعصبا، ثم إنها صارت تملك شرعية دينية سياسية تنافس السلطات السياسية التي تنظر إلى الدين كقضية سيادية تعتمد عليها في شرعيتها وبناء الهويات والتماسك الاجتماعي ودعم سياساتها ومواقفها، لكن التطور الدراماتيكي كان في تخلي الإخوان المسلمين عن مشروعهم الإصلاحي والتحول إلى جماعات سياسية تحمل فكرا مفاصلا للدول والمجتمعات ويستعلي على الآخرين ويشعر بالتميز والأفضلية الدينية ثم الملاءمة السياسية والاجتماعية. لكن الجماعة لم تقدر على التوفيق بين طبيعتها البراغماتية وبين الأيديولوجيا الجديدة المتطرفة فدخلت في مسارات جديدة خطيرة، منها نشوء جماعات عنيفة متطرفة، وبناء دوغمائية اجتماعية جديدة تنشئ شرعيتها السياسية والدينية على رفض الآخرين من المسلمين وغير المسلمين وتكفيرهم والانتقاص منهم والحروب السياسية السلمية على أساس التميز الديني؛ ما أنشأ حالة من التعصب الديني الكاسح والخارج عن السيطرة!
نيسان ـ نشر في 2023-09-02 الساعة 08:51
رأي: إبراهيم غرايبة كاتب اردني