اتصل بنا
 

ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتدويل الدور السعودي

كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

نيسان ـ نشر في 2023-09-12 الساعة 14:21

نيسان ـ منذ حادثة مقتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي في السفارة السعودية في ‏تركيا عام 2018 والسعودية تعاني من ضربة معنوية في سمعتها الدولية خصوصًا بعدما دفعت تركيا بمطالبها لتدويل الأزمة وملاحقة المسؤولين عن هذه "الجريمة" والتي طالت رأس الدولة السعودية وولي العهد السعودي نفسه محمد بن سلمان الذي قيل أنه كان يعلم بخطة قتل الصحفي السعودي المعارض جمال خاشقجي. لكن ملف الأزمة أغلق العام الماضي حينما ردته تركيا إلى السعودية.
ولعل زيارة ترامب الى السعودية في عام 2017، والتي لقيت ترحيبًا مفرطًا به من جانب السعودية والذي نتج عن توقيع ما يقارب من 34 عقدًا، بقيمة تزيد عن 380 مليار دولار لصالح الولايات المتحدة حسبما جاء في التقارير الصحفية، كانت قد أثارت انتقادات عربية شديدة اللهجة. وقد كشفت تلك الزيارة بشكلٍ صارخ عن تبعية المملكة العربية السعودية للغرب ممثلاً بالولايات المتحدة.
حديثًا بدأنا نسمع مصطلح "السعودية العظمى" فما الذي حصل مؤخرًا حتى يتبنى بن سلمان رؤية جديدة يسميها 2030 Vision وهو الذي يطمح لجعل الشرق الأوسط أوروبا الجديدة. وكيف مرت السنوات الست الماضية على محمد بن سلمان الذي طالته أصابع الإتهام في مقتل خاشقجي؟ وكيف يتحول الشرق الأوسط إلى أوروبا جديدة في خضم صراعات على الأرض في العالم العربي في عديد من الدول العربية والتي انتقلت من الربيع العربي إلى خريفه وشتائه وصيفه الحار؟ وكيف تختلف رؤية 2030 عن رؤية بن سلمان السابقة Vision 2020؟
رؤى محمد بن سلمان الذي يطلق عليه اختصارًا لقب MBS تهدف باختصار إلى إنهاء عصر الإعتماد على النفط السعودي وتعدد مع تنويع في الإستثمارات في القطاعات الأخرى داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.
وفيما كانت رؤية 2020 مركزة على بث بذور الإنفتاح في دولة آل سعود بما رافقها من اصطدامات مع التيار اليميني الطاغي في المملكة العربية السعودية حول حقوق المرأة السعودية على سبيل المثال وغيرها من المسائل الحياتية، فإن رؤية 2030 تعزز الدور الديني للسعودية في العالم الإسلامي وتعتمد على إحياء ثروات المملكة من الطاقة البشرية والطبيعية و المكتسبة والمتنوعة.
كذلك، فإن موقع المملكة الجغرافي و الإستراتيجي الواقع بين ثلاث قارات وإحياء الثروة البشرية التي يعتبرها بن سلمان "الثروة الأولى التي لا تعادلها ثروة مهما بلغت" يؤطران دور المملكة في الداخل والخارج. وهنا يمكننا أن نعتبر ان بن سلمان الشاب، الذي يمسك بمقاليد الحكم في السعودية، يسير بخطى ثابتة في الطريق الصحيح لتحقيق نهضة عصرية في الدولة الإسلامية الأولى في العالم.
ومن هنا أيضًا ينطلق بن سلمان في رحلة الإبحار باتجاه دور عالمي خصوصًا بعد إطلاق مصطلح السعودية العظمى مؤخرًا وهو ذات المصطلح الذي يعني إبراز دور هام للسياسات السعودية في شؤون العالم، حيث سعى بن سلمان إلى الوساطة في الحرب الروسية على أوكرانيا وبشر الشركات السعودية بأنها ستكون عابرة للقارات ووعد باستثمار الثروة السعودية في الداخل من أجل خلق فرص وظيفية واقتصادية. وهو قادمٌ الى لندن هذا الشتاء بعد أن كان مقيد الحركة بسبب الإنتقادات والإتهامات التي تلقاها بعد مقتل خاشقجي تلبية لدعوة رئيس الوزراء البريطاني من أصلٍ هندي، ريشي سوناك.
رؤى بن سلمان سواء كانت رؤية 2020 أو رؤية 2030 تدل على وجود حاكم طموح في المحيط العربي لكن الأجدى به القيام بنهضة عربية قبل القفز عن هذا العالم ليحظى بفرص استثمارية عالمية. وهنا نجد ان بن سلمان يناقض نفسه بسبب الحرب السعودية على اليمن، عاصفة الحزم التي شنتها الحكومة لدعم الحكم الشرعي في اليمن ضد الحوثيين، المدعومين من إيران، لكننا في الآونة الأخيرة، بدأنا نرى تقارب سعودي إيراني حذر لإنهاء الأزمة بين البلدين العربيين الشقيقين والمتجاورين.
لكن السؤال هو متى يقود بن سلمان الذي يقود واحدة من أغنى دول العالم، ان لم تكن الأغنى، نهضة عربية حيث الأقربون أولى. وهل سينج في جعل السعودية نموذجًا يحتذى به في الدول العربية الشقيقة؟

نيسان ـ نشر في 2023-09-12 الساعة 14:21


رأي: سندس القيسي كاتبة وصحافية مقيمة في لندن

الكلمات الأكثر بحثاً