اتصل بنا
 

مدرسة تجمع الاطفال من كل الاطياف في عراق ممزق

نيسان ـ نشر في 2015-11-06 الساعة 17:50

x
نيسان ـ

يجلس اطفال اكراد وعرب وتركمان مسلمون واخرون مسيحيون على مقاعد صفوف مدرسة "مريم انا" في مدينة كركوك شمال بغداد، يتلقون علوم ومناهج موحدة في بادرة فريدة في بلد تمزقه الانقسامات الطائفية والسياسية.
وتقول مديرة المدرسة زكية متى داود لوكالة فرانس برس "الفكرة الاساسية هي ان تكون المدرسة شاملة لكل الاعراق والاديان (...) من اجل ان يتخلص المجتمع من هذا التوتر".
وافتتح البطريرك الكلداني لويس روفائيل الاول ساكو المدرسة العام 2012، وكان رئيس اساقفة كركوك آنذاك.
وتجمع المدرسة حاليا 150 طالبا، بينهم 100 مسلم وخمسون مسيحيا، تتراوح اعمارهم بين السادسة و12 عاما.
وقال حمزة (تسعة اعوام) الذي كان يرتدي قميصا ابيض انيقا ويضع ربطة عنق حمراء "احب مدرستي لانني اتعلم هنا والعب مع اصدقائي".
ولا يبدو ان الطلبة مدركون لخصوصية مدرستهم، وهذا امر بحد ذاته يعتبر انجازا بالنسبة الى القيمين على المدرسة ويدفع في اتجاه تربية جيل مميز لخدمة المجتمع.
وتقول مديرة المدرسة، وهي راهبة دومينيكانية ترتدي ثوب الرهبانية الابيض والاسود المعروف، ان طلابها "يأتون سوية الى المدرسة واصبحوا اصدقاء"، مضيفة ان "اهلهم ايضا يأتون سوية" لايصال اطفالهم.
ويحرص عدد من الاهالي على ارسال ابنائهم الى مدرسة "مريم انا" لانها تعكس التنوع الذي تتميز به كركوك. وتجمع المدينة قوميات واعراقا واديانا مختلفة.
ويقول فرج يينوا كامورا، رئيس جمعية "الاخوة في العراق" وهي منظمة انسانية فرنسية تعمل على دعم الاقليات، ان البطريرك الكلداني يؤمن بان "هذه المدرسة تشكل طريقة ملموسة لبناء السلام على المدى الطويل".
واضاف كامورا الذي ساهمت منظمته بتمويل المدرسة، "ان نحاح هذه المدرسة يدل على ان كثيرين من اهالي كركوك يرفضون ان يتم تقسيم مدينتهم على اسس طائفية وعرقية".
وترتبط كركوك الغنية بالنفط من جهة بمحافظات حكومة اقليم كردستان العراق الشمالي ومن جهة اخرى بالحكومة الاتحادية في بغداد.
وتتمركز في كركوك فصائل عدة متصارعة في البلاد، من اكراد وعرب وتركمان من السنة او الشيعة. لذلك تصور غالبا على انها ارض خصبة لنزاع دام قد ينفجر في اي لحظة.
وافتتحت مدرسة مريم انا مباشرة بعد العام 2011 الذي شهدت خلاله كركوك تصاعد العنف الطائفي، لكن من دون ان تتلاشى رغبة الاهالي في استمرار التعايش السلمي.
ويقول سعد سلوم، مؤلف العديد من الكتب المتعلقة بالاقليات في العراق ورئيس معهد تعزيز التبادل الثقافي، انه من المؤسف ان يعرف العراقيون القليل عن ثقافات بعضهم البعض". ويتابع محذرا "من السهل ان تقتل شخصا لا تعرفه".
ويضيف "هناك حاجة حقيقية للعمل (...) لانقاذ ما يمكن انقاذه من التنوع الثقافي العراقي وللمساعدة في دعم السلام" والاستقرار الامني.
وتقول مديرة المدرسة ان نجاح مدرسة مريم انا يجد اسسه في نوعية التعليم، مشيرة الى مجموعة من الكتب وبينها "تعلم القرآن" و"يسوع يحبنا" و"الانكليزية في العراق".
وفازت "مريم انا" بجائزة افضل مدرسة في كركوك عبر تصويت اجراه مجلس المحافظة. كما فازت بجوائز محلية ووطنية.
ويدفع كل طالب مبلغ 700 دولار سنويا، وقد تعفى بعض الاسر من الدفع اذا كانت تعاني من ظروف مادية قاسية.
ويشكل النازحون من هجمات تنظيم الدولة الاسلامية التي اجتاحت مناطق متفرقة من البلاد في حزيران/يونيو 2014، ثلثي الطلاب.
وتقول مدرسة اللغة الانكليزية دنيا اكرم (25 عاما) "نعيش كلنا معا، طلبة او مدرسين". واضافت الشابة المسلمة وهي تراقب الطلبة وهم يلعبون في ساحة المدرسة "نحن نختلف عن بعضنا قليلا كمسيحيين ومسلمين، لكننا جميعا نتعلم من بعضنا هنا".
على مقربة من المدرسة، تعمل حفارة في محاولة لانجاز بناء منزل ليكون روضة اطفال ملحقة بالمدرسة.
ويقول رئيس اساقفة الكلدان في كركوك المطران يوسف توما "لدى راهبات الكلدان تاريخ طويل في خدمة التعليم والصحة في العراق".
ويؤكد ان "المدارس المسيحية في العراق كانت باستمرار جسرا بين الغرب والشرق، لكن دورها تلاشى بعد ان اصبحت جميع المدارس حكومية في سبعينات" القرن الماضي.
ويتابع "نحن استأنفنا هذه التجربة في كركوك".
ويشكل تكرار تجربة مدرسة مريم انا في مدن عراقية اخرى تحديا كبيرا في الوقت الحاضر بسبب الصراعات السياسية وعدم استقرار الاوضاع الامنية خصوصا في شمال البلاد وغربها، لكن من شانه ان يدل على الثقة بالمستقبل.
ويقول توما "مريم انا واحة صغيرة (...) نأمل ان تمهد تدريجيا للربيع".

نيسان ـ نشر في 2015-11-06 الساعة 17:50

الكلمات الأكثر بحثاً