اتصل بنا
 

أفضل الأوعية الاستثمارية في 2023

نيسان ـ نشر في 2023-12-31 الساعة 19:01

نيسان ـ عندما بدأت رحلة رفع الفائدة الأمريكية، تبادر إلى الأذهان للوهلة الأولى أن الأسواق المالية العالمية في طريقها إلى انتكاسة، لكن ذلك الأمر لم يحدث في المحصلة النهائية وجاء أداء الأوعية الاستثمارية مخالفا بعض الشيء لنطاق التوقعات مع ارتداد الأسواق من صدمات السياسات النقدية .
لست هنا لأعطي توصيات استثمارية ، لكنها جردة حساب لعام 2023 .. لقد كان للبيانات الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية الكلمة الحاسمة في التأثير على قرارات المستثمرين .. الأهم أن الرهانات على بعض الأدوات الاستثمارية لم تكن دقيقة ، حيث رأينا كيف تتغير المعنويات في الأسواق العالمية بعكس ما يريده صناع السياسة النقدية في البنوك المركزية والمحللون خلف شاشات الأسواق.
هل من المجازفة القول إن الواقعية الاقتصادية كسبت الرهان في 2023؟
يبدو أن المستثمرين استوعبوا دورة رفع الفائدة جيدا وكيفوا أنفسهم على إيقاع قرارات مجلس الاحتياطي الفيدرالي، فرأينا بعض المؤشرات الأمريكية تحقق مستويات قياسية وفي مقدمتها ناسداك، ولم يحقق الدولار الأمريكي مفاجئات بدعم الفائدة المرتفعة واختتم العام بانخفاض ٢ في المائة وبقي متسيدا المشهد إلى جانب اليورو الذي يحتفل بمرور 25 عاما على انطلاقته كعملة أوروبية موحدة ، أما الين الياباني فخرق التوقعات بمكاسب تقارب 10 في المائة مع استمرار السياسة النقدية الميسرة وعدم لحاق بنك اليابان المركزي بسياسات "الفيدرالي" التي تحركها مؤشرات التضخم وانفاق المستهلكين. أما اليوان الصيني فكان مستقرا نسبيا بالنظر إلى السياسة النقدية المتحفظة لبنك الشعب الصيني، والذي استمر بالتدخل في أسواق الصرف وفي أسواق السندات وضخ سيولة كافية في النظام المصرفي.
الاستثمار في السندات الأمريكية حافظ على جاذبيته رغم التغيرات، ولاحظنا العائد يتغير من شهر لشهر وخصوصا لأجل عشر سنوات ، التي تراوح العائد فيها بين 3.8 إلى 6 في المائة وهذا يعني أن هذا الوعاء بقي الخيار الآمن لبعض المستثمرين خلال العام المنتهي .
في الجهة الأخرى استعاد الذهب بريقه بأفضل مكاسب خلال 3 سنوات تخطت 12 في المائة وحققت الأسعار رقما قياسيا بعكس التوقعات بفقدان شهية المستثمرين للذهب كملاذ آمن لا يدر عائدا ، وسجل المعدن الأصفر مستويات تجاوزت 2010 دولارات للأونصة .
المفاجئة كانت عملة بتكوين الافتراضية المشفرة والتي سجلت عوائد ضخمة خلال 2023 تقارب 160 في المائة وعادت إلى الواجهة من جديد بفعل المضاربات رغم المضايقات التي تعرضت لها من البنوك المركزية لتأطير تداولاتها، لكنها تبقى من الأدوات الاستثمارية الخطرة رغم توقعات أن يعيد تقسيم سعر وحداتها الاقبال إليها من المستثمرين الأفراد وليس المؤسسيين.
أداء النفط في 2023 كان مغايرا مع ضغوط الدولار وتقلباته، فسجل تراجعا تجاوز 10 في المائة ، وذلك بتأثير الأحداث الجيوسياسية والإنتاج العالي للدول المنتجة خارج تحالف أوبك + والغموض بشأن الاقتصاد العالمي ومستقبل الطلب.
الخلاصة أن الأوعية الاستثمارية غردت باتجاه مستقل عن المؤثرات التقليدية وتموضع المستثمرون ووجهوا بوصلتهم إلى اقتناص الفرص ذات العائد، لكن 2023 لم يكن عام الخسارات بكل تأكيد.
المتوقع أن تلتقط الأسواق أنفاسها وتنتعش مع ترقب دورة جديدة للاقتصاد العالمي تتضح ملامحها في النصف الثاني من 2024 ، عندما تبدأ الفائدة في الانخفاض تدريجيا مع استقرار معدلات التضخم قرب النطاق المستهدف، لكن النصيحة الأهم هي عدم وضع كل البيض في سلة واحدة ،وتنويع المحافظ الاستثمارية في عالم لا تحكمه الثوابت وإنما المتغيرات.

نيسان ـ نشر في 2023-12-31 الساعة 19:01


رأي: د. محمود مشارقة

الكلمات الأكثر بحثاً