اتصل بنا
 

الأديبة الروائية الجزائرية مريم عرجون في حوارها للنهار السعودية: أمة بلا أدب ولا علوم كقوم نوح وقوم عاد

نيسان ـ نشر في 2024-05-06 الساعة 10:52

x
نيسان ـ من أرض النضال والحرية والأحرار الجزائر والتي عاشت هذه الأرض عقود تحت وطأة الإستعمار الفرنسي البغيض وما كانت هذه الدماء الزكية للشهداء إلا من أجل أن توهب الحياة لهذا الشعب الأبي الفخور بلغته وهويته العربية فحين أُعلن الاستقلال مع مطلع الستينيات الميلادية بدأت مرحلة البناء التي كانت بسواعد أبناء الوطن من أجل تعزيز هويتهم الثقافية وهي جزء من الهوية العربية وكان هذا الهم الذي اشتغلت عليه النخب في هذا الوطن فكان مشروعها الأهم هو إحياء اللغة العربية وتعزيزها وترسيخها في أذهان الأجيال فأنتج لنا هذا المشروع العلماء في علوم اللغة العربية وآدابها بالجامعات الجزائرية وكان الحراك الثقافي والأدبي يزداد توهجاً وألقاً فأنتج لنا الكُتاب والروائيين والقصصيين فبزغ نجم الأديبة أحلام مستغانمي والروائي الدكتور واسيني الأعرج وغيرهم من الأدباء والشعراء وهذه الأسماء هي من أسهمت بالتعريف بالشخصية الجزائرية وبيئته وما ضيفتنا في هذا الحوار الكاتبة الأديبة الأستاذة مريم عرجون إلا امتداد لهؤلاء والتي ولدت بولاية تيارت في بيئة أسرية تهتم بتعليم أبنائها اللغة والدين فتأثرت بمحيطها الأسري حيث تتلمذت على يد جدها في اللغة الفصاحة والبلاغة والبيان وهي تذكر أنه عالم دين حينها تعلمت وحصلت على شهادة بكالوريا لغات أجنبية منها اللغة الإنجليزية والتي أتقنتها وكتبت بعض من أعمالها الأدبية بهذه اللغة وتعمل مهندسة في تسيير الموارد البشرية فكان همها عربيا فكتبت عن أغلب الدول العربية بما فيها المملكة العربية السعودية تدعو للتألف والمحبة والسلام وكتبت في مجال القصة ومنها المجموعة القصصية "حبتا السكر" ثم "ذكريات قلبي الطفولة" قصة أطفال، وقصة مزجت فيها مابين التراث المادي واللامادي اسمها "سيفار"، ثم "رسالة إلى بائس" كذلك صدر لها رواية بعنوان "الرجل الأعمى" بجزئها الأول وحصلت خلال مسيرتها الأدبية على العديد من شهادات الشكر والتقديرعرفاناً بدورها الانساني إنطلاقا من كتاباتها لإشاعة المحبة والسلام والوئام بين الشعوب فمنحت شهادة شرفية عليا مشتركة لإتحاد السلام والتحالف العالمي لسفراء النوايا الحسنة وحقوق الإنسان، وشهادة شرفية عليا من الاتحاد الدُّوَليّ للدفاع عن حقوق الإنسان العربي وأطفال دول النزاع المسلح في العراق كذلك منحت شهادة شرفية عليا من أكأديمة السلام في ألمانيا، وشهادة دكتوراه فخرية من أكاديمية السلام بألمانيا، ولقب سفيرة السلام، جائزة الإبداع الفني والثقافي لسنة 2020 من مؤسسة نهرين الثقافة الدولية في العراق كما منحت شهادة سفيرة النوايا الحسنة أيضا من مؤسسة نهرين الثقافة الدولية وجينيف للعلاقات العامة فيسعدنا ويشرفنا بصحيفة النهار السعودية أن نلتقي بهذه الأديبة ونطرح عليها أسئلتنا لنخوض معها في قضايا أدبية وثقافية وعن اللغة العربية لنستشرف مستقبل هذه اللغة في بلدها وعن الحراك الثقافي فيه وعن توجهها لهذا الجنس الأدبي من رواية وقصة والكثير من الأسئلة والتي لايجيب عنها ِسواها فأهلاً وسهلاً بكم استاذة مريم..

● كيف ترين الحراك الثقافي ببلدك الجزائر وانتِ من موقع المسئولية كونك تعملين بوزارة الثقافة؟
- بمجرد الحديث أيضا عن الأدب، والفنون بالنسبة للأمم هي كأسيره حياة، فأمة بلا أدب، ولا فنون، ولا علوم، كقوم نوح، وقوم عاد، هل ترى لهم من باقية؟ أما الأمم التي أبقت لنا فنا يقرأ، لقد أبقته لنا زادا، وإن الحراك الثقافي ميزة من مميزات دولة الجزائر الثرية، بتنوع المشارب، والتعابير الفنية، فمنذ القدم والشعب الجزائري يستند على الفن للتعبير عن همومه، وتطلعاته بكل الأشكال الفنية من السينما، والأدب، والأغنية التي جندت لدعم الثورة التحريرية الجزائرية، ومازال الشعب الجزائري متمسك بثقافته كرمز للهوية، و كوسيلة للتعبير عن تطلعاته، وإن دور وزارة الثقافة، والفنون يكمن في الحفاظ على هذه الهوية، وتجنيد كل الوسائل، والأطر للترويج لهذه الثقافة بمختلف أشكالها
● في كلمة لكم على خدمة اليوتيوب بمناسبة يوم عيد المرأة العالمي تأسفت من الحضور بقولك أتأسف لمن لم يفهم مفرداتي بعض من الموجودين.
ماذا تقصدين من ذلك ولغتك جميلة وواضحة وشاعرية ؟
- بمناسبة عيد المرأة كنت ضيفة شرف في الصالون الوطني للفنانات التشكيليات، وكان هناك احتفال كبير بقصر الثقافة بمدينة تلمسان، التي كانت عاصمة للدولة الزيانية، وعاصمة للثقافة العربية، هذه المدينة التي لقبت بلؤلؤة الغرب الكبير، وهي من المدن التي تزخر بتاريخها، وحضارتها العريقة، فطلبوا مني أن ألقي كلمة بهذه المناسبة، وعند صعود على خشبة القصر، وأمام مسؤولين الدولة، والجمهور الغفير الذي حقا أدهشني بحضوره القوي، مما أوحي لي أنني واقفة أمام حضارة أندلسية، تزخر بلباسها، وتقاليدها، وثقافتها التي تأصلت في المغرب الإسلامي الكبير، وبالذات في هذه المدينة، وهذا الشعب الأبي، رأيت هناك نساء مجاهدات كبار السن، وغيرهم من الشيوخ، فخجلت أن تكون كلماتي لا يفهمها البعض فتأسفت على تلك المفردات احتراما، وخجلا منهم.
● لم نطلع على روايتك الرجل الأعمى في جزئها الأول لعدم توفرها بين يدينا عن ماذا تتحدث هذه الرواية؟
- قال الله تعالى في الآية الكريمة «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ«
السلام، هذا الاسم الذي يدل على عظمة معناه، وعمق ما يحمله من سمو، ورفعة فهوة اسم الله جل علاه، إنه السلام الذي تبناه المجتمع المدني، انطلاقًا من فكرة قيادة التعايش السلمي معا، ونبذ الطائفية، والعنف، وإيقاف النزاعات في الدول المتناحرة.
ومن أين تأتي البداية؟ حقيقة لا نعرفها.
بدايات أحيانا تبعثرنا، وأخرى ترتبنا لتبقى عميقة جدا، فليست الروابي وحدها من تملك الشموخ، فجذور النخوة الضاربة في عمق الرجال أيضا.
تدور الأحداث على شاب فقير، لا يملك النخوة عن وطنه وأهله، حاول الهجرة غير شرعية في زمن تعاني بلدته من الحرب الأهلية، فهرب عبر باخرة مع السلع، ولكن ألقوا عليه القبض في منتصف الرحلة، و زجوا به في السجن، يصف لنا المعاناة بالسجن داخل جدرانه، ثم يهرب بسبب انفجار، بعدما سلبت منه قرة عين شبابه، ليعود لأهله، وخطيبته كائنا آخر أقل من انسان، فيعيش بسجن أكبر، وهو حالة البحث عن السلام في ذكريات بلدته الأليمة، فيصف لنا كل الأحداث التي مرت بها من قهر، وموت، وحرمان، و تفرق بين الأهل، و الجيران، وفشل الحياة الاقتصادية، و تمزق النسيج الاجتماعي، و يرى أن المجتمع محتاج إلى عدة عقود من الزمن، لإعادة البناء، و التوازن، و الوئام، مع كل هذا إلا انه لم يحرك فيه شعور النخوة، لكن تتحرك الأحداث عنده بعدما صادف صبية صغيرة من المهاجرين من الحرب السورية إلى دولته، تجرجر حقيبتها المهترئة كل يوم إلى وَسَط المدينة، و بحبيبته القديمة التي حركت بعض الجماد داخله، لكن بعدما اختطفت أمام ناظريه.
الجزء الثاني تبدأ الرحلة عن الصبية من بلدة إلى بلدة ومن حكاية إلى حكاية، وكلها قصص مجتمع نعيشه ونحن نبحث فيه عن السلام المفقود.
السلام هو عند اصلاح التعقيد، السلام ليس شيئا تبدأ به، انه الهدف خط النهاية، وبين "حاء" و"باء" تسكن "راء" قلبي والسلام من الله.
● في حوار لك مع صحيفة الاتحاد الجزائرية ومن خلال كلمة توجيهيه للشباب الجزائري بقولك بأن لا يحبط وذكرتي بأنكِ مريتي بهذه التجربة وتغلبت عليها.
هل البيئة المحيطة بك كان لها دور في محاولة إحباطك؟
- قالها لي أبي كثيرا كنت صغيرة لم أستوعب معناها،{ وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيرا} ولما بلغت العشرين من عمري، قالها بطريقة جعلتني أفيق، فهمت لحظتها كل شيء، نعم كل شيء، إنه اختبار صبر، وانه على قدرك تبتلى، فالموظف الذي أخرني دون قصد منه أو ربما بقصد منه في تلك الدائرة الحكومية هو "اختبار صبر"والآخر الذي وطيء قدمي، والثالث الذي أذاني بتصرفاته، كلهم فتنة لي أأصبر{ أتصبرون}، فهؤلاء اعداء النجاح الذين يتلذذون بعرقلتك، وأذيتك بغير حق، لا يخرج من كونه انحرافا سلوكيا، أو كما أراهم مجرد مساكين أشفق عليهم، لأنهم حقا مجرد حطب جهنم، وتلك صحائفهم يملونها كيفما شاؤوا، وليس ببلدي فقط تصادف من لهم الإعاقة الذهنية، بل في كل مكان، لأن الدنيا بالذات ما هي إلا دار ابتلاء وليست جزاء، ومواقف، وتمحيص وافتتان، لأن كل شيء مرصود، ومدرج في بنود التقييم، وفي كتاب مسطور و لأن الرقيب هو الله "وكان ربك بصيرا"، وكل هذه ما هي إلا عبر وحكم نعتبر منها، فإن وجدنا خيرا شكرنا، وإن وجدنا شرا إستغفرنا، والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، إذن تحل بالصبر فإذا كتب في صحيفتك" صابر" فإن ذلك يعني الأجر اللامحدود، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب {أتصبرون}.
والناس معادن كما يوجد من يعرقل سيرك هناك من يشد بيدك، ومثلي مثل أي انسان تعيقه الحياة، وما دمت مستهدفا فهذا يعني أنك في المقدمة.
●عاشت الجزائر فترة طويلة زمن الاستعمار الفرنسي وهي مغربة عن ثقافتها العربية كيف ترين اليوم الشباب الجزائري و مدى ارتباطه بلغته العربية في ظل عصر العولمة التي عصف بالثقافة العربية ؟
- فعلًا كانت الحقبة الاستعمارية تقوم مقام حجاب لبس فقط على الثقافة الجزائرية، بل على الوجدان، وهوية الشعب الجزائري، و لا يخفى على أحد أن الاستعمار الفرنسي انتهج سياسة العنف على أوسع نطاق، وحارب العروبة في كافة المجالات، وبكل السبل المتاحة لمحو الدين الإسلامي، واللغة التي كانت لسان هذا الدين ودعامة له، ولم يكتفي هذا المستعمر بشن حرب توسعية، بل كان يسعى إلى طمس شخصية الشعب الجزائري، ولكن هذا الشعب كان واعيا لسياسة تفريغ العقل الجزائري من الفكر العربي الإسلامي، وتعبئته بالفكر الغربي، فحاربت جمعية علماء المسلمين هذه السياسة، وعاقبت كل رجال الفكر المزيفين، والمضللين، لذا فشلت في طمس اللغة، والدين، والهوية، و إن المبدعين، والفنانين الجزائريين، حتى الرياضيين ومن بينهم أول فريق رياضي مسلم أسس سنة 1921 تحديا للأندية الفرنسية التي كانت حينها، ولعب ضد فرنسا الذي يعدّ عميد الأندية الجزائرية "مولودية"ومن الأندية المساهمة في محاربة الفكر الاستعماري، والداعم للثورة، والهوية، و جمعية العلماء المسلمين التي اتخذت مقرها بمكتب هذا النادي، ورفضوا أي فرنسي الدخول لهذا الفريق الرياضي لأن الفريق " جزائري عربي مسلم"، ويعتبر بوعلام رحال أصغر شهيد ولاعب في هذا النادي، و تم إعدامه في سن 19 من عمره، مما زورت السلطات الاستعمارية شهادة ميلاده بإضافة 10 أشهر كاملة حتى تطبق عليه عقوبة الإعدام لأنه قاصر، وكتبت في حقه أجمل أغنية تحمل في طياتها معاناة أصغر شهيد لا زالت إلى يومنا هذا تسمع في الشوارع الجزائرية لشاعر محمد الباجي (يا المقنين الزين)، و كانوا دوما إلى جانب الشعب الجزائري بتمسكه بعروبته وإسلامه كإحدى مكونات شخصيته، وهذا مجرد مثال بسيط على تكريس الروح الجزائرية كلها للحفاظ على اللغة، ودين، والهوية، فإن قرن والثلاثين عام كافية لمحو أمة، ولكن ليس أمام شعب لا يعرف الهزيمة، فعندما يكون المستهدف وطنا يكون الصمت تواطئ، والحياد خيانة، وإلى جانب اللغة الأمازيغية التي تعبر عن عمق حضارته، وتاريخه كما أن البعض المبدعين لا زالوا يعبرون باللغة الفرنسية التي هي كما وصفها الأديب كاتب ياسين غنيمة من الاستعمار وفقط.
● من خلال تواصلي معكم ذكرتم لنا أنكم تميلون للأدب الواقعي وأثنيتم على الأديب الروائي الجزائري الراحل محمد ديب كمثال في هذا النوع من الأدب علما بأنه من كٌتاب الرواية باللغة الفرنسية
بماذا يتميز هذا النوع من الأدب عن غيره وألا ترين بأن الخيال هو عنصر إبداع في الرواية؟
"-رب قلم أبلغ من سيف" محمد ديب رحمه الله كان الأب المؤسس للأدب المغاربي، واعتبرت ثلاثيته من أجمل ما كتب في الأدب الواقعي، الذي عبر عن أزمة الإنسان العربي، والجزائري بصفة خاصة، بكتابة فضائع الحرب وأثرها عليه، ووعيا منه بالدور الذي يلعبه السلاح الأدبي، للنضال، وإبراز الهوية الوطنية من خلال إقحامها في المجال الأدبي، وبالرغم أن اللغة الفرنسية كانت منفاه كما قال مالك حداد الى أن الروح كانت عربية.
عدّ الأدب الواقعي هذا الذي ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أنه اهتم بمعرفة الطبيعة الإنسانية، وعلاقة الإنسان بالعالم الواقعي، والتركيز بتصوير الواقع بشكل صادق، ودقيق دون مبالغة، وإغراق في المثاليات، وتصوير حياة الناس، وتجاربهم بكل عيوبها، والتركيز على موضوعات اجتماعية، كالعنف الاضطهاد، الفقر، الجهل ولا يتميز هذا الاتجاه الأدبي بالجمالية، وشخصيات الرومانسية، بل بالمجتمع، والمشاعر الإنسانية الأساسية، وكما أني أرى أيضا أن الأدب الواقعي هو نوع من الخيال، أو الضوء الذي يصور الشخصيات، والأحداث أو معاناة معينة، ولفت المجتمع إلى القضايا الإنسانية بطريقة تشبه إلى حد بعيد الحياة الحقيقية، كما له أيضاً وجه آخر غير الواقعية وهو الوجه الخيالي، مما ينقل القارئ إلى عوالم من الخيال فتتيح له الفرصة لمعايشة اللحظة التي قد لا توفها للغير في واقعه العملي، وإن هذا الخيال أعتبره جوهر العمل الروائي أو الفني بصفة عامة فهو نواة اشتغال المخيال البصري الذي يمزج بين عالمين من الشعور الخيالي والواقعي، ليجسد على الورق عالم جدي جداُ، يرسم حياة بِرُمَّتها و بأبعادها الفكرية النفسية والشعورية، والفكرية، والمادية أيضا لنرى العالم بمنظار متعدد الأبعاد.
● لماذا القصة فقدت وهجها وبريقها السابق هل تعتقدين بأن الرواية أضعفت هذا الوهج وبماذا تعللين تحول أغلب كُتابها لفن الرواية ؟
- هذان الفنان الجديدان الذي عرفا إلا بعد الثورة الصناعية بأوروبا، مختلفان اختلاف كلي، فتقنيات القصة أقرب إلى القصيدة، وتكتب في وقت قصير، أما الرواية التي تربعت على عرش الإبداع الأدبي انفردت بذاتها التي تتشكل تحت ألف شكل وشكل، وترتدي ألف رداء ورداء، وتتخذ لنفسها ألف وجه ووجه، فهي كملحمة نثر تسرد أحداث ومواقف إنسان في عالم يسعى ليجسد الحقيقة في مساحات أوسع في الأمكنة، والأزمنة، وهندسة العلاقات المتوافقة بين الشخوص، والشخوص، ولو أنه من الصعب تحديد مميزات القصة من الرواية، إلا أن المتفق عليه هو دقة و قصر القصة التي تبقى سردا غير بعيد عن الواقع المعاش، أما السرد الروائي فهو أطول، و أبعد من الواقع، مما يترك مجالا أكثر للإبداع في تركيب مكونات السرد وبالتالي في الهام وتغذية مخيله القارئ، وأرى أن هناك أسباب كثيرة في التحولات التي دفعت كتاب القصة إلى الرواية، ومن بينها التحولات التي يمر بها المجتمع ثقافيا، وسياسيا، وهيمنة الرواية التسويقية، و الرواج الأكبر للرواية من الممكن تفسير ذلك بعوامل تاريخية أفرزتها نهضه الأدب العربي من جهة، و من جهة أخرى تطورات المجتمعات العربية، ورقي مستوى الأدباء العرب حتى القراء الذين يتطلعون إلى الأنواع الفنية التي تغذي أكثر وتحسن مخيلتهم، والمنافسة أيضا على الجوائز الوطنية حتى الدولية، التي أراه ترويج لثقافة الدول وهاته المنافسات التي توجها إليها كتابنا أعتبرها بوابة للتعريف بحضارة كل أمة وانجازاتهم الفنية، التي تدخل دائما في سياق رفع الدبلوماسية الأدبية لدولته، وتعتبر حاجة ماسة تقاس بها نجاح الدول وقوتها بمدى قدراتها الثقافية
● ألاترين استاذه مريم بأن الرواية العربية المغاربية أكثر حضوراُ من المشرقية في أوروبا ولاسيما في فرنسا ماهو تعليلك لهذه الحالة ؟
- في نظري الأمر مرتبط بتوفر الأطر الملائمة في مثل هذه الدول، وذلك ما قد يفسر حضور الرواية المغاربية في بلد كفرنسا، إلى جانب العامل التاريخي المتمثل في الحقبة الاستعمارية التي أنتج نخبة من المفكرين، والأدباء المتمكنين في لغة فولتير.
● كيف ترون الحِراك الثقافي بالمملكة العربية السعودية وهل قرأتم روايات من الأدب السعودي ومَن مِن الروائيين أعجبكم أسلوبه في السرد ؟
- مرت دولة السعودية بتحولات كبيرة على مستوى البناء الفني، وهذا الحراك جاء متساوق مع التحولات الكبرى التي شهدتها هذه الدولة الشقيق بصفة عامة، والمجتمع السعودي بصفة خاصة، وفي مسيرة النوع الأدبي الذي أنجبته التجارب الاجتماعية، التي انفتحت على وسائط جديدة، وانفتاح الروائي بالحد ذاته على الذات، فدخلت الرواية السعودية بفنها الأدبي المتنوع والجريء، وقدراته المتفاوتة، وكشفت لنا الوعي الثقافي، والقيم التي تحكم هذا المجتمع، و الذي دخل حقلها أكبر أكاديميون، والشعراء وساهموا في بناء الرواية السعودية التي وفرت الجماليات الفنية مما جعلها تنتقل إلى نقطة منفردة بنوعها،
ويؤسفني أني لم أقرأ كثيرا للروائيين السعوديين، لأني من المهتمين والمتأثرين بشعرائها الذين تربعوا على عرش الشعر، وأعتبر حكيم شعراء العرب "زهير بن أبي سلمى" من شعرائي المفضلين، ومع كل احترام لهم، ولفكرهم، وأقلامهم التي ينيرون بها بني آدم، ولأني كبرت واعتدت على قراءة القرآن الكريم، وأفكر فيه، ودائما أجده أنه كتاب علم، يعلمك منهج الحياة، ففيه القضاء، والتشريع، والقصص، وعلم النفس، وهو أفضل كتاب أتعلم منه فصاحة اللسان وحسن البيان، وليس العزوف عن القراءة للروائيين بصفة عامة هو الاكتفاء منهم ولكن أرى أن استقاء المعرفة، له أيضا مصادر كثيرة، هناك أيضاً المشاهدة، و هذه الحياة التي هي في الحقيقة كتاب مفتوح كلنا نتعلم منه، فأنا لا أهمل القراءة العينية البصرية التي أبصرها بسمعي وبصري
● استاذة مريم سعدنا بهذا الحوار معكم وهل لكم من كلمة حيال هذه الصحيفة ولاسيما بأنكم أحد كُتابها؟
ج/ كيف يمكنني ان أقول ما لا أقول، فربما لا تسعفني الكلمات،
إنني اشكر اخواننا المسؤولين في صحيفة النهار السعودية على تواجدي بينكم وافساح المجال لي في المشاركة بمقالاتي المتواضعة وعلى الجهود التي تقدموها في ابراز إبداعاتنا للمجتمع، وأتمنى لها الدوام والاستمرارية في تأدية رسالتها، واشكر الزميل الذي حاورني وكل التوفيق لمراسليها وصحفيها والساعين لخدمة الفن والفنانين وشكري وتقديري لكم

نيسان ـ نشر في 2024-05-06 الساعة 10:52

الكلمات الأكثر بحثاً