(شغالتي)

نيسان ـ

لا أستطيع ولا أريد أن أسمعك أيتها السيدة.

لا أريد أن أعرف رأيك بالظلم ولا بإسرائيل واحتلالها لنا.

ولا بظلم زوجك لك ولا أريد أن أعرف عن حماتك اللئيمة.

لا أريد ولا أستطيع أن أسمعك سيدتي، خاصة وأنت تحتجزين تلك المسكينة التي تسمينها "شغالتي" وتستمتعين بالشد على حرف الياء، كمن يفخر بأحد ممتلكاته وأنت تقولين الكلمة .

"شغالتي"!! وتريدين مني أن أسمع شكواك منها أيضا، لا أريد ولا أستطيع أن أسمعك ولا حتى أن أنظر في وجهك الا عندما تفكين أسر "شغالتك "، فكي أسرها كي أستطيع أن أسمعك.

أنت مثالية جدا كما تقولين لي، لا تعرفين "بلاويها"، وتقولين: هذا خيارها، هي التي اختارت العمل ، كما أنني أعاملها جيدا وآخذها معي الى لسوق ، ولست كباقي السيدات أسجنها لأشهر داخل البيت.

جميل.

لكن كيف تعاملينها جيدا وهي تعمل من السابعة صباحا الى العاشرة ليلا !!؟؟

متى ستعرفين أنها موظفة وليست أسيرة؟ وأن لها حقوق من بينها أن لا تعمل أكثر من ثماني ساعات، مع وجوب معاملتها باحترام يليق بآدميتها، متى ستعرفين أيتها السيدة المتفضلة أنه يحق لها حرية الحركة؟

لكنها تنام في المنزل تقولين، نعم، أعرف ذلك المكان الحقير الذي تنام فيه، ولا أريد أن أسمعك أكثر، بإمكانك أن تجلسي مع باقي السيدات اللواتي يمتلكن مثلك "شغالات" لكي تتبادلن الأحاديث والشكوى والتذمر من تلك الكائنات الغريبة اللواتي تطلقن عليها "خادمات".

لا أفهم كيف تستطيعين أن تشتكي منها أيضا؟ مخطئة كثيرا أنت .

أنا أعرف من تسمينها بـ "شغالتي " جيدا، أعرف كيف تعمل بجد ومثابرة، محتفظة برسم ابتسامة على وجهها رغم معاناتها، وأعرف قصة الفقر الذي جاء بها الى هنا، ولما تصبر على كلما تتعرض له من قهر ...

أعرف أحلامها وأحلام مثيلاتها بإكمال الدراسة، وأعرف الدفتر الذي كتبت عليه أهدافها في الحياة، وكيف ترتب ميزانيتها .

أعرف صبرها جيدا، وأعرف أيضا ما قالت لي "إن الأهداف التي تريد أن تحققها هي التي تجعلها تصبر على التعب والغربة .. وأن هذا عمل شاق جدا لكنها محظوظة به لأنه شكل لها ولأهلها طوق النجاة والبقاء على قيد الحياة، فهي من خلال ما تجودين به عليها ، تستطيع أن تساعد أهلها.

سيدتي .. لا أريد ان أسمعك، أريد أن أسمع من تسمينها "شغالتي " فقصتها جديرة أن تُسمع، وهي من تعلمتُ منها الكثير، واحترمتها، وشعرت بصدق كلماتها.