إكتشاف الاثار ودفنها جريمة بحق الحاضر والمستقبل
حاتم الأزرعي
كاتب أردني
نيسان ـ نشر في 2025-01-06 الساعة 15:04
نيسان ـ أعلنت مديرية آثار عجلون اخيرا ، عن اكتشاف أرضيات فسيفسائية ، وصفت بأنها " نادرة " ، وذلك في موقع خربة البدية الأثري، الواقع على بعد 15 كيلومترًا جنوب غرب مدينة عجلون ، وتمثل هذه الأرضيات جزءًا من تاريخ الموقع الممتد عبر الفترات الرومانية، البيزنطية، والإسلامية، مشيرًا إلى أن التفاصيل الدقيقة التي تزين هذه الأرضيات تسلط الضوء على المهارة الفنية العالية التي سادت في تلك العصور.
إلى هنا ، جميل ، وإنجاز يستحق الاهتمام والتقدير والمتابعة ، لكن تتمة الخبر تبعث على القلق والاستغراب ، وأكثر من ذلك الاستنكار ، وطرح اسئلة لا بد أن تجد لدى الجهات المعنية إجابات واضحة مباشرة صريحة لا تحتمل التأويل أو الغوص في تفسيرات تبريرية ،تخلط الاوراق وتبعثرها في زوايا الإهمال والنسيان .
تقول تتمة الخبر : " أن الفريق قام بإعادة تغطية الأرضيات بعد انتهاء أعمال التنظيف، للحفاظ عليها من التأثيرات المناخية والبيئية، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تعكس حرص المديرية على صون هذا الإرث الأثري للأجيال القادمة ".
ومع كل اكتشاف اثري قيم جديد ، بتنا نضع أيدينا على قلوبنا ،خوفا وقلقا ،وتحسبا من المصير المجهول ، حين يعاد الطمر ' والتغطية " تحت شعار رنان ،تطرب له الأذان ، وهو "الحرص على صون الإرث الاثري للأجيال القادمة " ، ونسأل اي حرص هذا الذي لا يتأتى إلا بإعادة دفن المواليد الأثرية حية قبل أن ترى النور ، ويملأ جمالها وروعتها وعبق التاريخ فيها عيون الأجيال الحالية ؟!! اليس من حقنا أيضا الاستمتاع والنفع من كنوزنا الأثرية !!.
ويعيد هذا الاكتشاف الهام ، فتح ملف الآثار المهملة والمنسية ، ونسأل ما مصير اكتشاف ديار النبي لوط في منطقة الأغوار الجنوبية جنوب الاردن ؟ وهل إنعكس ايجابا على خارطة السياحة المحلية والعالمية ؟ وهل استثمر ليسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة الاحوج إلى النهوض بمستوى أهلها ، وخلق فرص افضل للحياة بعيدا عن شبح الفقر والبطالة !!.
وحين يفتح ملف السياحة والآثار والكنوز تحت أرضنا وفوقها ، تعتري النفس حالة من الكآبة ، مردها قصص الفشل الرسمي ، في اقتناص الفرص واستثمارها، وتتبدى قدرات الحكومات المتعاقبة الابداعية في إضاعة الفرص وهدرها ، وجعلها هباء منثورا .
وفي سياق التداعيات التي يثيرها كل اكتشاف أثري جديد ، تتبدى صور اثارنا القائمة المنسية بالاهمال الرسمي ،وتلك التي عثر عليها بالصدفة المحضة، كتلك التي كشفت عنها حفريات الامانة في وسط البلد ،من آثار رومانية قيمة ، اعيد دفنها الى حين بعثها حية عند توفر المال اللازم لهذه الغاية ، ونسيتها الحكومة ونسيناها، لولا ذاكرة السوء ،التي تلازمنا ،كلما دق الكوز في جرة الحكومة .
ومن يستطع أن يمحي من الذاكرة الجمعية للاردنيين آثارهم في الخارج التي هربت أو سرقت أو اهديت ، وظهر منها في مزادات عالمية ، ويقبع بعضها في غربة قصرية خارج موطنها بعيدا عن أهلها الشرعيين في المتاحف البريطانية والألمانية والأميركية والاسترالية ، ولم تسع الحكومات المتعاقبة لاستعادتها، وإن فعلت فعلى استحياء وبخجل يندى له الجبين .
وإن ننسى، فهل ننسى أن عدد المواقع الأثرية المسجلة رسميا بلغ (١٥) ألف موقع، وان عدد القطع الأثرية المسجلة ( ٢٠٠) ألف قطعة، منها ( ٢٠٠٠) فقط معروض في المتاحف، والباقي الله اعلم بحاله ومصيره ، وأن هناك حوالي ( ٢٨٧٧) موقع تراثي متضرر ،لا يجد من يمد له يد العون والانقاذ .
اذا كان حال آثارنا الحالية على هذه الدرجة من الاهمال والضياع والغربة والتيه في عواصم العالم وبين يدي التجار والسارقين والمهربين، فهل نملك ان نتفاءل بالاكتشاف الجديد ،ونأمل خيرا يبث في نفوسنا سعادة تنزع التعاسة وتبددها !!. لكن الجواب الحاضر ،الملازم لكل اكتشاف جديد يعاد دفنه من أجل عيون الأجيال القادمة ، يدفن معه الامل ويقتل اي نزعة تفاؤوليةفيمهدها!!.
إلى هنا ، جميل ، وإنجاز يستحق الاهتمام والتقدير والمتابعة ، لكن تتمة الخبر تبعث على القلق والاستغراب ، وأكثر من ذلك الاستنكار ، وطرح اسئلة لا بد أن تجد لدى الجهات المعنية إجابات واضحة مباشرة صريحة لا تحتمل التأويل أو الغوص في تفسيرات تبريرية ،تخلط الاوراق وتبعثرها في زوايا الإهمال والنسيان .
تقول تتمة الخبر : " أن الفريق قام بإعادة تغطية الأرضيات بعد انتهاء أعمال التنظيف، للحفاظ عليها من التأثيرات المناخية والبيئية، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تعكس حرص المديرية على صون هذا الإرث الأثري للأجيال القادمة ".
ومع كل اكتشاف اثري قيم جديد ، بتنا نضع أيدينا على قلوبنا ،خوفا وقلقا ،وتحسبا من المصير المجهول ، حين يعاد الطمر ' والتغطية " تحت شعار رنان ،تطرب له الأذان ، وهو "الحرص على صون الإرث الاثري للأجيال القادمة " ، ونسأل اي حرص هذا الذي لا يتأتى إلا بإعادة دفن المواليد الأثرية حية قبل أن ترى النور ، ويملأ جمالها وروعتها وعبق التاريخ فيها عيون الأجيال الحالية ؟!! اليس من حقنا أيضا الاستمتاع والنفع من كنوزنا الأثرية !!.
ويعيد هذا الاكتشاف الهام ، فتح ملف الآثار المهملة والمنسية ، ونسأل ما مصير اكتشاف ديار النبي لوط في منطقة الأغوار الجنوبية جنوب الاردن ؟ وهل إنعكس ايجابا على خارطة السياحة المحلية والعالمية ؟ وهل استثمر ليسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة الاحوج إلى النهوض بمستوى أهلها ، وخلق فرص افضل للحياة بعيدا عن شبح الفقر والبطالة !!.
وحين يفتح ملف السياحة والآثار والكنوز تحت أرضنا وفوقها ، تعتري النفس حالة من الكآبة ، مردها قصص الفشل الرسمي ، في اقتناص الفرص واستثمارها، وتتبدى قدرات الحكومات المتعاقبة الابداعية في إضاعة الفرص وهدرها ، وجعلها هباء منثورا .
وفي سياق التداعيات التي يثيرها كل اكتشاف أثري جديد ، تتبدى صور اثارنا القائمة المنسية بالاهمال الرسمي ،وتلك التي عثر عليها بالصدفة المحضة، كتلك التي كشفت عنها حفريات الامانة في وسط البلد ،من آثار رومانية قيمة ، اعيد دفنها الى حين بعثها حية عند توفر المال اللازم لهذه الغاية ، ونسيتها الحكومة ونسيناها، لولا ذاكرة السوء ،التي تلازمنا ،كلما دق الكوز في جرة الحكومة .
ومن يستطع أن يمحي من الذاكرة الجمعية للاردنيين آثارهم في الخارج التي هربت أو سرقت أو اهديت ، وظهر منها في مزادات عالمية ، ويقبع بعضها في غربة قصرية خارج موطنها بعيدا عن أهلها الشرعيين في المتاحف البريطانية والألمانية والأميركية والاسترالية ، ولم تسع الحكومات المتعاقبة لاستعادتها، وإن فعلت فعلى استحياء وبخجل يندى له الجبين .
وإن ننسى، فهل ننسى أن عدد المواقع الأثرية المسجلة رسميا بلغ (١٥) ألف موقع، وان عدد القطع الأثرية المسجلة ( ٢٠٠) ألف قطعة، منها ( ٢٠٠٠) فقط معروض في المتاحف، والباقي الله اعلم بحاله ومصيره ، وأن هناك حوالي ( ٢٨٧٧) موقع تراثي متضرر ،لا يجد من يمد له يد العون والانقاذ .
اذا كان حال آثارنا الحالية على هذه الدرجة من الاهمال والضياع والغربة والتيه في عواصم العالم وبين يدي التجار والسارقين والمهربين، فهل نملك ان نتفاءل بالاكتشاف الجديد ،ونأمل خيرا يبث في نفوسنا سعادة تنزع التعاسة وتبددها !!. لكن الجواب الحاضر ،الملازم لكل اكتشاف جديد يعاد دفنه من أجل عيون الأجيال القادمة ، يدفن معه الامل ويقتل اي نزعة تفاؤوليةفيمهدها!!.
نيسان ـ نشر في 2025-01-06 الساعة 15:04
رأي: حاتم الأزرعي كاتب أردني