الأردن أمام مرحلة صعبة
د. محمد أبو رمان
وزير أردني سابق، باحث ومتخصص في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في العالم العربي. من كتبه "السلفيون والربيع العربي"و" الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي"و "الحل الإسلامي في الأردن" و"الإسلاميون والدين والثورة في سورية".
نيسان ـ نشر في 2025-02-03 الساعة 10:25
نيسان ـ يمثّل بيان الخماسية العربية في القاهرة، أول من أمس، خطوة مهمة ورئيسية في ضمان وجود موقف عربي واضح رافض لإملاءات الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بتهجير الفلسطينيين من غزّة، والتأكيد على أنّ الأردن ومصر ليستا وحيدتين في مواجهة هذا الموقف المتصلب من الرئيس الجديد، الذي يستخدم لغة غير مسبوقة في التعامل مع الدول والحكومات، مما ينذر – عالمياً- وليس فقط عربياً بمرحلة أزمات كبيرة في العلاقات الدولية، ويدفع بعلاقة الولايات المتحدة الأميركية بالجميع إلى «الحافة»!
إلى الآن تبدو هذه الأفكار متناقضة من حيث المبدأ، فإقامة دولة فلسطينية والمضي في التسوية السلمية لا يتسقان مع فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة، بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وعملية القتل التي تستنسخ ما يحدث في غزة في شمال الضفة، إلاّ إذا كان هنالك اتفاق ضمني بين ترامب ونتنياهو على «مخطط خطير» يقوم على توسيع رقعة إسرائيل ومساحتها، كما وعد ترامب نفسه خلال حملته الانتخابية، على حساب الفلسطينيين وإيجاد «كيان سياسي» فلسطيني هشّ ومحدود وضعيف.
الأخطر من ذلك كلّه أنّ ترامب ليس وحده، بل من الواضح أنّ معه فريق يميني متطرف متواطئ مع اليمين الإسرائيلي، وبانتظار لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، غداً الثلاثاء، وما سينتج عنه من تصريحات ترتبط بالوضع الفلسطيني عموماً وبفكرة التهجير، التي لقيت ترحيباً بل احتفاءً شديداً في الدوائر الإسرائيلية المتطرفة، بعدما كرر ترامب في أكثر من مناسبة تأكيده على قناعته هذه.
في ضوء ذلك كلّه يتبدّى أنّ علاقة الأردن بالإدارة الجديدة لن تكون سهلة ولا سلسة، بل ستشهد توتراً كبيراً، وربما يتم استخدام المساعدات الأميركية الاقتصادية كورقة ضغط على عمّان، وهو أمر ترفضه الدبلوماسية الأردنية بشدة وتعتبر أنّ مسألة التهجير والحديث عن أي دور أردني في الضفة الغربية، اقتُرح سابقاً أو سيقترح لاحقاً، غير مقبول ويرتطم بخطوط حمراء أردنية ثابتة لا تتغير أو تتبادل، وما اجتماع الوزارية العربية في القاهرة وتكوين نواة لموقف عربي موحّد إلاّ رسالة واضحة للإدارة الجديدة، والسؤال كيف ستستقبلها وتتعامل معها؟!
إذا انتقلنا إلى الصورة الكبرى على صعيد السياسات الأميركية في المنطقة؛ فإنّ الدلالات الأولية تشير إلى أنّ هنالك مشكلة في إدراك الإدارة الجديدة لدور الأردن الإقليمي وأهمية الأردن الاستراتيجية في المنطقة من جهة، وتصوّرات راديكالية للملف الفلسطيني، بما في ذلك ما يتعلّق بالقدس والضفة الغربية أو ما يتعلّق بوكالة غوث اللاجئين الأنوروا، وإذا استمرت الإدارة الأميركية بهذا المستوى من الخطاب والسياسات في المرحلة القادمة فإنّها تقوم عملياً بتحجيم مساحة المناورة أمام الدبلوماسية الأردنية في التعامل مع ذلك!
الموقف العربي مهم، والموقف السعودي هو الأهم لأنّ إدارة ترامب تسعى جاهدة لاستدخال السعودية في التطبيع الإقليمي مع إسرائيل، وقد أعلنت السعودية مراراً وتكراراً أنّ هذه الخطوة مشروطة بمشروع التسوية وبإعلان إسرائيل الموافقة على إقامة الدولة الفلسطينية، وهو أمر يخلق مشكلة لدى حكومة نتنياهو التي أخذت قراراً من الكنيست برفض الاعتراف بأي دولة فلسطينية.
وربما هذه العقدة تخدم موقف الدبلوماسية الأردنية التي تحاول تجنب المواجهة المباشرة مع ترامب، وتسعى جاهدة للتعامل «بهدوء» مع هذه الموقف، لكن التصريحات والسلوك الأميركي منذ لحظة تنصيبه حتى اللحظة غير مطمئنة وتدفع إلى القلق الرسمي والشعبي الأردني.
الرهان أنّ ترامب قد يتراجع لاحقاً عن هذا الموقف هو رهان هشّ، بخاصة مع تكراره لذلك، مما يعني أنّه من الضروري تحضير الداخل الأردني لمرحلة صعبة، استعداداً لكل السيناريوهات وكيفية التعامل معها، بما يتطلب انسجاماً وتناغماً كبيراً بين الموقف الرسمي والشعبي في هذه المرحلة الحرجة..
إلى الآن تبدو هذه الأفكار متناقضة من حيث المبدأ، فإقامة دولة فلسطينية والمضي في التسوية السلمية لا يتسقان مع فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة، بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية وعملية القتل التي تستنسخ ما يحدث في غزة في شمال الضفة، إلاّ إذا كان هنالك اتفاق ضمني بين ترامب ونتنياهو على «مخطط خطير» يقوم على توسيع رقعة إسرائيل ومساحتها، كما وعد ترامب نفسه خلال حملته الانتخابية، على حساب الفلسطينيين وإيجاد «كيان سياسي» فلسطيني هشّ ومحدود وضعيف.
الأخطر من ذلك كلّه أنّ ترامب ليس وحده، بل من الواضح أنّ معه فريق يميني متطرف متواطئ مع اليمين الإسرائيلي، وبانتظار لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، غداً الثلاثاء، وما سينتج عنه من تصريحات ترتبط بالوضع الفلسطيني عموماً وبفكرة التهجير، التي لقيت ترحيباً بل احتفاءً شديداً في الدوائر الإسرائيلية المتطرفة، بعدما كرر ترامب في أكثر من مناسبة تأكيده على قناعته هذه.
في ضوء ذلك كلّه يتبدّى أنّ علاقة الأردن بالإدارة الجديدة لن تكون سهلة ولا سلسة، بل ستشهد توتراً كبيراً، وربما يتم استخدام المساعدات الأميركية الاقتصادية كورقة ضغط على عمّان، وهو أمر ترفضه الدبلوماسية الأردنية بشدة وتعتبر أنّ مسألة التهجير والحديث عن أي دور أردني في الضفة الغربية، اقتُرح سابقاً أو سيقترح لاحقاً، غير مقبول ويرتطم بخطوط حمراء أردنية ثابتة لا تتغير أو تتبادل، وما اجتماع الوزارية العربية في القاهرة وتكوين نواة لموقف عربي موحّد إلاّ رسالة واضحة للإدارة الجديدة، والسؤال كيف ستستقبلها وتتعامل معها؟!
إذا انتقلنا إلى الصورة الكبرى على صعيد السياسات الأميركية في المنطقة؛ فإنّ الدلالات الأولية تشير إلى أنّ هنالك مشكلة في إدراك الإدارة الجديدة لدور الأردن الإقليمي وأهمية الأردن الاستراتيجية في المنطقة من جهة، وتصوّرات راديكالية للملف الفلسطيني، بما في ذلك ما يتعلّق بالقدس والضفة الغربية أو ما يتعلّق بوكالة غوث اللاجئين الأنوروا، وإذا استمرت الإدارة الأميركية بهذا المستوى من الخطاب والسياسات في المرحلة القادمة فإنّها تقوم عملياً بتحجيم مساحة المناورة أمام الدبلوماسية الأردنية في التعامل مع ذلك!
الموقف العربي مهم، والموقف السعودي هو الأهم لأنّ إدارة ترامب تسعى جاهدة لاستدخال السعودية في التطبيع الإقليمي مع إسرائيل، وقد أعلنت السعودية مراراً وتكراراً أنّ هذه الخطوة مشروطة بمشروع التسوية وبإعلان إسرائيل الموافقة على إقامة الدولة الفلسطينية، وهو أمر يخلق مشكلة لدى حكومة نتنياهو التي أخذت قراراً من الكنيست برفض الاعتراف بأي دولة فلسطينية.
وربما هذه العقدة تخدم موقف الدبلوماسية الأردنية التي تحاول تجنب المواجهة المباشرة مع ترامب، وتسعى جاهدة للتعامل «بهدوء» مع هذه الموقف، لكن التصريحات والسلوك الأميركي منذ لحظة تنصيبه حتى اللحظة غير مطمئنة وتدفع إلى القلق الرسمي والشعبي الأردني.
الرهان أنّ ترامب قد يتراجع لاحقاً عن هذا الموقف هو رهان هشّ، بخاصة مع تكراره لذلك، مما يعني أنّه من الضروري تحضير الداخل الأردني لمرحلة صعبة، استعداداً لكل السيناريوهات وكيفية التعامل معها، بما يتطلب انسجاماً وتناغماً كبيراً بين الموقف الرسمي والشعبي في هذه المرحلة الحرجة..
نيسان ـ نشر في 2025-02-03 الساعة 10:25
رأي: د. محمد أبو رمان وزير أردني سابق، باحث ومتخصص في الفكر الإسلامي والإصلاح السياسي والتحول الديمقراطي في العالم العربي. من كتبه "السلفيون والربيع العربي"و" الإصلاح السياسي في الفكر الإسلامي"و "الحل الإسلامي في الأردن" و"الإسلاميون والدين والثورة في سورية".