اتصل بنا
 

'المستشفى الافتراضي' ..وقف التحويلات.. تسويق الوهم !!

كاتب أردني

نيسان ـ نشر في 2025-02-06 الساعة 13:44

نيسان ـ من الواضح جليا أن وزارة الصحة ماضية في انتهاك حقوق المرضى بتلقي الرعاية الصحية الثانوية في المستشفيات ،بشكل يحفظ صحتهم وسلامتهم وكرامتهم ،في ظل ظروف اقتصادية بالغة التعقيد والصعوبة .
المتابعون للشؤون الصحية ، وقبلهم وبعدهم المرضى ، يلمسون حقيقة تراجع خدمات الرعاية الصحية الثانوية التي تقدمها الوزارة ، ويكتوون بنار تخبطها وقراراتها الارتجالية التي تنم عن عجز تام .
وآخر ما تمخض عنه عجز الوزارة وقلت حيلتها ،الهروب من الواقع إلى العالم الافتراضي ، حيث تفتقت ذهنيتها عن حل سحري للتغلب على التحديات ببدعة غير مسبوقة أسمتها الوزارة "المستشفى الافتراضي" وراحت تبشر بولادتها في الربع الأول من العام الحالي .
وبالتزامن والتوازي مع مخاض ولادة البدعة البديعة ، وفرحا وتهليلا بمقدمها السعيد ، أوقفت الوزارة التحويلات من مستشفى الأميرة بسمة إلى مستشفى الملك المؤسس عبد الله الجامعي ، واقتصر التحويل الى مستشفيي البشير والأمير حمزة في عمان .
وقبل الدخول في التفاصيل ، يدهشني إقرار وزير الصحة الدكتور فراس الهواري في معرض تسويقه للمستشفى الافتراضي ، بالنقص في أطباء الاختصاص ، وبعد المسافة بين المستشفيات الطرفية والتحويلية ، وعدم توفر الخبرات، ومع أن ذلك الإقرار يأتي من باب كلمة الحق التي يراد بها باطل ، لكن لا بأس ، فالاعتراف بالتقصير بحد ذاته فضيلة .
ويعتقد الوزير أن الحل لهذه التحديات ، يكمن في المستشفى الافتراضي ، وعلاج المرضى والمرور عليهم افتراضيا في أقسام العناية الحثيثة وغسل الكلى والأشعة في المستشفيات الطرفية التابعة للوزارة في عجلون والرمثا والمفرق ومعان والطفيلة بربطها بمستشفى السلط القديم بعد إعادة تأهيله .
لاحظوا كم هي قاسية ومؤلمة "المرور على المرضى افتراضيا " ولا سيما في العناية الحثيثة ، حين يكون المرضى يصارعون الموت ، وتفرق معهم الخدمة الطبية ونجاعتها بالثانية لا بل جزءا منها ، فيما وزيرنا يملك ترف الانتظار والوقت الكافي للمعالجة عن بعد "للتخفيف من دخول المرضى إلى المستشفيات المركزية" !!.
وحين يهرب الوزير من الواقعي إلى الافتراضي ، فإنما يرمي إلى ذر الرماد في العيون ، وتسويق الوهم ،بالايهام بحلول سحرية ، هي أبعد ما تكون عن الحلول الناجعة المتمثلة بتطوير المستشفيات الطرفية وتعزيزها بالاختصاصيين ليكونوا بين المرضى ومعهم وليس في عالم افتراضي غير موجود الا في خيال الوزير .
وأمام الوقائع على الأرض في ميدان تقديم الخدمة الطبية في المستشفيات الطرفية تتهاوى سردية الوزير ،وتكشف قراراته النية المبيته لتضييق الخناق على المرضى وذويهم .
وفي الوقت الذي يسوق الوزير للمستشفى الافتراضي ،بانه يخفف على المرضى عناء التحويل من المستشفيات الطرفية الى التحويلة
بعيدا عن سكنهم وأماكن إقامتهم ، فإنه في الوقت ذاته لا يتوانى عن تعذيب المرضى بمنع تحويلهم من مستشفى الأميرة بسمة إلى المستشفى الأقرب إليهم (الملك المؤسس ) ويقرر أن يتم تحويلهم الى مستشفيي البشير وحمزة في العاصمة عمان .
وللحقيقة فإن المستشفى الافتراضي ، ومنع تحويل المرضى إلى المستشفيات الجامعية ، يشكلان ضربة قاسية للقطاع الطبي ، ويصيبان الكوادر والمرضى بمقتل .
المستشفى الافتراضي يحرم المستشفيات الطرفية من فرص التطوير والتحديث ، ويسهم في مزيد من تراجعها وحرمان مرضاها من وجود الاخصائيين والخبرات والكفاءات لتقديم الرعاية الطبية مباشرة ، فضلا عن تفاقم معاناة الاخصائيين في المستشفيات التحويلية بإلقاء مزيد من الأعباء على كاهلهم تحول دون تقديمهم الخدمة الطبية المثلى لمرضاهم "الواقعيين والوهميين " الذين سوف تتعاظم معاناتهم وتتفاقم أوضاعهم الصحية سوءا .
وقرار الوزير منع التحويل من مستشفى الأميرة بسمة إلى مستشفى الملك المؤسس عبدالله الجامعي وغيره من المستشفيات التعليمية ، يأتي ليشكل ضربة قاصمة لأبناء محافظات الشمال الذين يجدون في هذه المستشفىيات ملاذا وحيدا للتغطية على عجز مستشفى الأميرة بسمة عن خدمتهم الطبية لعدم توفر الكوادر المختصة الكافية وشح الإمكانات الأخرى ، ويريد الوزير حرمانهم من هذا الملاذ ويطالبهم بالتحويل إلى مستش ظلفيات الوزارة في العاصمة . فتخيلوا حجم الالم والمعاناة التي تنتظرهم ، فيما الوزير يعيش في برج عاجي ويحلم بالحلول الافتراضية !!.

نيسان ـ نشر في 2025-02-06 الساعة 13:44


رأي: حاتم الأزرعي كاتب أردني

الكلمات الأكثر بحثاً