اتصل بنا
 

ما بعد قمة واشنطن

وزير اعلام سابق

نيسان ـ نشر في 2025-02-14 الساعة 09:06

نيسان ـ فوجئنا بما وقع في السابع من تشرين الثاني / أكتوبر 2023، وأدركنا أن الظرف الدولي وملخصه التحالف الغربي في مواجهة روسيا سيمنح حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل غطاء سياسياً لا حدود له، وأسلحة دمار بعضها لم يستخدم من قبل.
لم نكن وحدنا من تفاجأ بعملية طوفان الأقصى. السلطة الفلسطينية صاحبة الولاية، ومصر الجارة، بل والعالم كله فوجئوا أيضاً.
تولى الأردن مهمة مواجهة الأجندة اليمينية المتطرفة في إسرائيل التي سعت إلى ترويجها لدى الغرب للتغطية على المجازر والدمار الذي شرعت به في غزة مخالفة لكافة القوانين الدولية والدولية الإنسانية.
قلنا إن السابع من أكتوبر حلقة من صراع طويل
سببه الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وإن الحل هو ضمان حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقيام دولته المستقلة على ترابه الوطني.
روجت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن أفكار نتنياهو المتطرفة لتهجير أهل غزة إلى سيناء مؤقتاً لحين التخلص من حركة حماس.
كان جلالة الملك أول قائد عربي التقى وزير الخارجية الأميركي في عمان خلال جولته الأولى في المنطقة عقب السابع من أكتوبر وبعد زيارته لإسرائيل. قال الملك إن فكرة التهجير تعني إعلان الحرب علينا وعلى مصر، وإنها إن طبقت في غزة فستطبق في الضفة الغربية.
دخل حزب الله والحوثيون وإيران على خط المواجهة. تلقى هؤلاء وحماس ضربات قاصمة، وانتهى الأمر بوقف إطلاق النار.
سقط نظام بشار الأسد في سوريا. انقطع الجبل السري الإيراني، وكسبت حكومة التطرف الإسرائيلية بقيادة نتنياهو الجولة.
ثم جاء انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوعوده الحاسمة لدعم إسرائيل وإحلال السلام على طريقته في كل العالم بما فيه منطقتنا.
فكرة ترمب عن السلام في المنطقة تقوم أساساً على صغر مساحة إسرائيل. ليس في قاموسه حتى اليوم دولة تدعى فلسطين. إخلاء قطاع غزة من سكانه هو جزء من الحل، وضم الضفة الغربية هو كامل الحل.
استقبل ترمب نتنياهو في البيت الأبيض، وهدد حماس مرة تلو الأخرى بالجحيم. لم يعد في قطاع غزة مكان لا يدعى الجحيم. قتل أكبر عدد من الغزيين هو وحده ما يعني الجحيم الجديد.
تلك قناعات ترامب خلال ثلاثة أسابيع قضاها في البيت الأبيض.
دخول جلالة الملك عبد الله الثاني، وبمعيته ولي عهده إلى البيت الأبيض، وحواره مع الرئيس الأميركي وضع حقائق جديدة على الطاولة، ربما لم يسمع بها ترمب أو أنه لا يرغب بسماعها.
شطب فلسطين غير وارد، وكذلك تهجير أهلها. ملك صلب في تمسكه بالمبادئ، لكنه لبق في الحوار حتى مع ترمب.
على مدى سبعة عقود خلت، وحتى لحظة دخول الملك إلى البيت الأبيض، فالأردن والولايات المتحدة يرتبطان بعلاقات مميزة.
لم يخرج جلالة الملك من البيت الأبيض وقد خسر التحالف مع واشنطن. بما في ذلك الإشارات إلى استمرار دعم الأردن.
تحدث الملك عن حل الدولتين باعتباره سبيلاً وحيداً في المنطقة. أما مسألة غزة والتهجير فأحالها إلى القمة العربية المقبلة في السابع والعشرين في الشهر الحالي، مع الأخذ بعين الاعتبار موقف مصر وخططها وبدائلها في هذا الشأن.
الدعاية ذاتها التي استهدفتنا غير مرة، عبر بعض وسائل الإعلام العربية والإقليمية، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي شنت هجوماً ظالماً على الأردن. تردد صدى الهجوم لدى بعض الأطراف في الداخل أيضاً.
لم يكن غير الأردن من تصدى لرواية الاحتلال. لم يكن غيره من كسر الحصار ولا يزال يوصل الغذاء والدواء والإيواء.
قالها جلالة الملك بوضوح : مصلحة بلدي.
لكنهم لا يريدون مصلحة الأردن. توهموا الكارثة نصراً. دمار غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان والقتل العشوائي وآلاف الجرحى.
يتمسك القائد بالمبادئ، ويقف إلى جانب أشقائه بكل اقتدار وحكمة، ويحاور رئيساً لأقوى دولة في العالم يتبنى أفكار الاحتلال ليضع أمامه حقائق قد تغير نظرته إلى المنطقة عموماً.
لم نكن جزءاً من قرار الحرب، ولا جزءاً من محادثات وقف إطلاق النار ولا شروطها. لكننا كنا وما زلنا في مقدمة المتضررين سياسياً واقتصادياً وأمنيا مما جرى على الصعيدين الوطني والقومي أيضاً.
سنبقى إلى جانب أشقائنا في سعيهم لنيل حقوقهم. الأردن القوي هو القادر على الاستمرار، ومصلحته مثلما مصلحة أشقائه أن يبقى قوياً، لا أن نغامر به ليكون في خانة الضحايا... المنتصرين.

نيسان ـ نشر في 2025-02-14 الساعة 09:06


رأي: فيصل الشبول وزير اعلام سابق

الكلمات الأكثر بحثاً