اتصل بنا
 

غزة بين نيران التصعيد وآمال الاتفاق.. سيناريوهات مفتوحة

نيسان ـ نشر في 2025-02-28 الساعة 14:27

x
نيسان ـ مع مرور الوقت وتزايد العقبات التي يضعها رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو شخصياً أمام إتمام الصفقة ودفع استحقاقاتها بالكامل وفق وقف إطلاق النار المبرم بين حكومته والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تبقى الحال الميدانية خلال المرحلة المقبلة رهنا للشكوك والسيناريوهات المختلفة.
فدولة الاحتلال التي عرقلت الإفراج عن الدفعة السابعة عدة أيام من الأسرى الفلسطينيين رغم خطوة “حسن النية” التي قدمتها حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بإفراجها عن ستة من الأسرى الأحياء دفعة واحدة خلافا للاتفاق التي يوزعهم على أسبوعين، قابلها الاحتلال بخطوته التي بررها بحجج واهية متداعية، قبل أن يرضخ للاتفاق والتنفيذ المتزامن مع تسليم آخر جثامين أسرى الاحتلال للمرحلة الأولى.
وفوق هذا كله لم يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ “البروتوكول الإنساني”، والذي يعد جزء مهما من الاتفاق، ولعله الجزء الأكثر تأثيراً على الفلسطينيين المعذبين في قطاع غزة المدمر، فقد تركهم هذا الأمر فريسة للجوع والفقر ونقص المأوى والمأكل والمشرب والخدمات الأساسية.
كما أعلن الاحتلال تنصله من استحقاق الانسحاب من الحدود الفلسطينية المصرية الذي يفترض أن يتم بنهاية المرحلة الأولى.
ومع مماطلة الاحتلال الواضحة في الدخول بشكل جدي في مفاوضات المرحلة الثانية من الصفقة، بدعم ونفاق أمريكي واضح، والتي كان الأصل البدء فيها في اليوم السادس عشر للاتفاق، أصبحت الحالة الميدانية والسياسية تتأرجح بين سيناريوهات مختلفة.
فبينما تؤكد الأوساط السياسية والإعلامية الصهيونية أن حكومة نتنياهو تدفع باتجاه تمديد المرحلة الأولى؛ دون الدخول في المرحلة الثانية ودفع استحقاقاتها، تصر المقاومة الفلسطينية على ضرورة انخراطها في مفاوضات المرحلة الثانية واستكمال مراحل الاتفاق كافة.
وأمام هذه الحالة؛ تبرز عدة سيناريوهات لمستقبل الأحداث، منها العودة إلى المواجهة العسكرية الشاملة أو المحدودة والمركزة، وكذلك استئناف المفاوضات لإبرام صفقة تبادل وتثبيت وقف إطلاق النار، ولكل من السيناريوهات عوامله واتجاهاته وترجيحاته المختلفة.
ووفق خبراء سياسيين ومختصين بالشأن العبري، فإن الحلبة السياسية الصهيونية، تجمع في متناقضاتها على ضرورة استئناف الحرب على قطاع غزة؛ لكن بعد استرداد كامل الجنود هناك؛ فـلا شيء جوهريا يختلف في أفكار الساسة الصهاينة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار حول هذه الفكرة؛ بيد أن الاختلاف هو حول التوقيت وترتيب الأولويات.
رغبات متضاربة وضغط داخلي ودولي
المختص في الشأن الصهيوني علي الأعور؛ يرى أن حكومة نتنياهو التي تجنح للتصعيد، تقف أمام مجموعة ضغوط رئيسية، أبرزها وجود أسرى أحياء، وهو ما سيدفع بعوائل بقية الأسرى للتحرك من أجل إنقاذهم، وعدم تكرار ما حدث أسرى آخرين.
ويعتقد “الأعور”، في حديث خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام”، أن أول الأسباب التي تدفع الاحتلال لإبقاء حالة التفاوض للمرحلة الثانية؛ هي الضغوط الدولية والإقليمية؛ والمتمثلة في جهود متزايدة مصرية قطرية مدعومة من الولايات المتحدة لمنع انهيار المفاوضات، خاصة مع تزايد المخاوف من كارثة إنسانية شاملة في غزة، تضر أكثر بمكانة وصورة الاحتلال حول العالم.
أما ثاني الأسباب والدوافع، وفق “الأعور”، فهو مصلحة دولة الاحتلال في استعادة جنودها الأسرى، في ظل وجود ضغط شعبي صهيوني متزايد واحتجاجات شعبية كبيرة ضد حكومة نتنياهو، تدعو لإتمام صفقة تبادل تعيدهم أحياء.
وبين أن حكومة نتنياهو تعاني من أزمة سياسية داخلية، وضغوط من عائلات الجنود الأسرى، بالإضافة إلى خلافات داخل الجيش والمؤسسة الأمنية حول استراتيجية التعامل مع غزة، مستدركاً أنه “في حال استمرت هذه الضغوط، فقد يلجأ نتنياهو إلى تصعيد عسكري لكسب دعم اليمين المتشدد وإظهار القوة أمام المعارضة”، وفق تقديره.
عض الأصابع وضغوط متبادلة
أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح رائد نعيرات، فيرى أن ما يحدث بين الاحتلال والمقاومة اليوم، هو معركة عضّ الأصابع بين الطرفين؛ مبيناً أن كل منهما يحاول الدخول للمرحلة الثانية بأكبر نقاط واستفادة ممكنة.
ويعتقد نعيرات، في تصريحات خاصة لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، أنّ نتنياهو يرغب في العودة للقتال، لكنّ رغبته هذه تقف أمامها مجموعة من العوامل الداخلية المهمة؛ أبرزها بروز الملف الإيراني كأولوية عند الإدارة الامريكية الجديدة؛ والتي يحاول نتنياهو الاستفادة منها قدر الإمكان.
ويرغب نتنياهو، وفق “نعيرات”، بممارسة مزيد من الضغوط لدفع حماس إلى ترك حكم قطاع غزة، وفرض شروطه، في معركة ستظل ممتدة ومتواصلة يستمر معها تلويحه باستخدام الحرب، لكنه مكبل بحاجته لاستعادة جنوده أحياء.
وتتضمن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار وصفقة التبادل، الإفراج عن 67 أسيرا صهيونياً، من ألوية وضباط وجنود الاحتلال؛ وهو ما سيجعل نتنياهو ملزما أمام الجيش باستعادتهم؛ وتجنب تمردهم عليه أو إثارة الخلافات معهم، وفق رأي “نعيرات”.
وقال أستاذ العلوم السياسية، إن المقاومة لا مصلحة لها في استئناف القتال، خاصة إذا ما تحقق لها الخروج بصفقة تؤمن عملية الإعمار؛ لكن ذلك يبقى مرهوناً بالموقف السياسي المرن الذي يدفع باتجاه بدائل لليوم التالي.
ويعتقد أن الضغوط الدولية قد تفرض على الطرفين العودة إلى المفاوضات، خصوصًا إذا تصاعدت الكارثة الإنسانية في غزة أو تعرضت دولة الاحتلال لضغط أمريكي جاد لوقف الحرب.
ويبقى المشهد مفتوحًا على السيناريوهات كافة، لكن المؤكد أن غزة تعيش أحد أكثر المراحل حساسية في تاريخها، حيث سيحدد الخيار القادم مستقبل الصراع لفترة طويلة قادمة، فالأيام المقبلة أقل ما يمكن وصفها بأنها حاسمة في رسم ملامح المرحلة المقبلة، بين نار التصعيد أو باب العودة الجادة للمفاوضات، تبعا لضيفينا “الأعور” و”نعيرات”.
وعلى كل حال فإن الأيام القليلة المقبلة كفيلة بتبيان حقيقة المواقف والتوجهات الصهيونية، فإما أن يهرب نتنياهو إلى الأمام هروبا من الضغوط الداخلية ومحاكمته المستمرة نحو العودة للحرب والقتال، وإما أن تكون المقاومة قادرة بما تمتلكه من أوراق على صعد مختلفة من فرض توجهه نحو استكمال المرحلة الثانية من الاتفاق والضفقة، وحتى ذلك الحين، يبقى الترقب سيد الموقف لدى أهالي قطاع غزة الذين يتوقون إلى وقف نهائي للحرب وانسحاب صهيوني كامل من قطاع غزة وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال.

نيسان ـ نشر في 2025-02-28 الساعة 14:27

الكلمات الأكثر بحثاً