اتصل بنا
 

المُثقَّف و المَنفى في فكر إدوارد سعيد :

نيسان ـ نشر في 2025-04-26 الساعة 10:09

x
نيسان ـ المُثقَّف الإدواردي هو بطبعه كائن مسكون بروح المعارضة والانشقاق على الوضع الرّاهن ، هو الذي يصدح جهاراً - بصوته الناقد - في وجه السّلطة مهما كان نوعها ، الأمر الذي يجعله منبوذاً في المجتمع ، وطرفاً مُهمَّشاً ، لأنه يشكل خطراً على النظام القائم ، وعلى التقاليد السائدة .
- إنه المثقف المتحرر من سلطة المناهج ، ومن سجن النظريات والتخصصات المعرفية ، خاصة مع سيادة هذا التوجه الدقيق في المعرفة الذي مزق المعارف إلى تخصصات دقيقة ، أُقيمت لها الحدود الفاصلة ، لئلا يقع بينها أي تماسّ ، ومن جهة أخرى ؛ وُضعَت الحدود التي تفصل الممارسة المعرفية عن الحياة وعن الواقع ، فأصبحت الطبقة المثقفة سجينة وعيها النظري ، غارقة فيما سمّاه إدوارد سعيد - بكثير من الحسرة - ( الكهنوت الأرضي ) وأضحت الممارسة النقدية شأناً بارداً لا يلامس الواقع ، وصار الناقد لا يفقه العالم الموازي للنص ، ولا يحق له مثلاً أن يُبدي رأياً في السياسة الخارجية للدولة ، وإذا فعل ؛ رُفِضَ رأيه.
- إن أفضل موقع يمكن أن يتخذه المثقف ؛ هو أن يكون منفيّاً ، سواء أكان هذا المنفى حقيقياً أو مجازياً ، فمن شأن المنفى أن يخلق مسافة نقدية بين المثقف والمجتمع الذي هاجر إليه ، أو مجتمعه الأصلي.
لقد استثمر سعيد المنظور الأدورني - نسبة للمفكر الألماني أدورنو - لمفهوم المثقف الذي يرى في الأوطان مجرد ملاجئ مؤقتة ، وفي الحدود التي تفصل بيننا ؛ أسيجة تعزل الإنسان عن العالم الخارجي ، وتغرس فيه مشاعر قومية ضيقة ، في حين أن المكان الذي ينتمي إليه المثقف هو العالم بأكمله ، العالم الذي لا تمزقه الحواجز الوهمية ، لأنه المواطن العالمي العابر للحدود ، بما فيها حدود الفكر والتجربة.
- إن تجربة إدوارد سعيد ترسم نموذجاً لهذا المثقف الكوني ، الذي عاش قلق اللاّمكان ، وقاوم بنفس الوقت مشاعر الوطنية الضيقة ، ووجد في الكتابة وفي اللغة ؛ موطنه الذي يستوعب كل الأحاسيس الإنسانية.
"موسوعة الأبحاث الفلسفية ، الفلسفة العربية المعاصرة ، مجموعة من الأكاديميين العرب ، 2014" .

نيسان ـ نشر في 2025-04-26 الساعة 10:09

الكلمات الأكثر بحثاً