الساعة البيولوجية الأردنية
كامل نصيرات
كاتب صحافي
نيسان ـ نشر في 2025-06-29 الساعة 09:05
نيسان ـ الإنسان الأردني لا يستيقظ مبكرًا لأنه ملتزم، بل لأن «أمّه صحتُه»، أو لأن الجار قرر يشغّل الدريل الساعة 7 صباحًا من باب حب الجيران. وإذا استيقظ، لا يعني ذلك بداية يوم، بل مجرد مرحلة انتقالية بين حلمٍ نسيه وكوب شاي يغلي منذ 10 دقائق على النار. الساعة التاسعة صباحًا في الأردن هي التوقيت العالمي الموحّد للسؤال الأهم: «شو طابخين اليوم؟»
النشاط الحقيقي للأردني يبدأ حين تبدأ شعوب الأرض بالنوم. في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، يسطع النور من شاشات الهواتف في كل بيت، وتُفتح صفحات الفيسبوك وتُعاد قراءة رسائل الواتساب القديمة وكأنها نصوص مقدسة. يبدأ الأردني يفكر: لماذا الحياة؟ من هو أول شخص قرر يعمل كبسة؟ ولماذا لم أدرس هندسة نووية بدل الإعلام؟
ولأن التفكير مرهق، يتناول الأردني قهوته في منتصف الليل، مع قطعة كنافة باردة وكأنها محفز عصبي. وبعدها، يقنع نفسه أنه سيخلد إلى النوم مبكرًا، فيبدأ مسلسلًا من ثمانين حلقة ويقرر أن يشاهد «بس أول ربع ساعة»، وينام في الحلقة الخامسة وهو يحضن الريموت وكأن بينهما قصة حب.
حين يتعلق الأمر بالمناسبات، تعمل الساعة البيولوجية الأردنية وفق نظام الطوارئ. عند العزاء، يصحو الإنسان قبل الأذان بنصف ساعة ويتأكد أن الحذاء الأسود لا يزال يلمع. وعند الأعراس، تتأخر الساعة داخليًا 3 ساعات كي يضمن الأردني وصوله وقت الزفة بالضبط، ليظهر في الفيديوهات دون جهد. وفي رمضان، تنقلب الساعة رأسًا على مقلوبة، فيصبح النوم بالنهار عبادة، والسهر بالليل فريضة، والإفطار لحظة تأمل جماعي عميق.
الساعة البيولوجية الأردنية ليست اختلالًا في النظام، بل نظامٌ خاص يحتاج إلى باحثين نفسيين وجغرافيين لفهمه. الإنسان الأردني لا يتبع الوقت بل يقوده. وإن قيل لك إن الجسم البشري يعمل بدقة الساعات الذرية، فاعلم أن هذا لا يشمل الأردني الذي يعيش حياته بفيزياء خاصة.
النشاط الحقيقي للأردني يبدأ حين تبدأ شعوب الأرض بالنوم. في الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، يسطع النور من شاشات الهواتف في كل بيت، وتُفتح صفحات الفيسبوك وتُعاد قراءة رسائل الواتساب القديمة وكأنها نصوص مقدسة. يبدأ الأردني يفكر: لماذا الحياة؟ من هو أول شخص قرر يعمل كبسة؟ ولماذا لم أدرس هندسة نووية بدل الإعلام؟
ولأن التفكير مرهق، يتناول الأردني قهوته في منتصف الليل، مع قطعة كنافة باردة وكأنها محفز عصبي. وبعدها، يقنع نفسه أنه سيخلد إلى النوم مبكرًا، فيبدأ مسلسلًا من ثمانين حلقة ويقرر أن يشاهد «بس أول ربع ساعة»، وينام في الحلقة الخامسة وهو يحضن الريموت وكأن بينهما قصة حب.
حين يتعلق الأمر بالمناسبات، تعمل الساعة البيولوجية الأردنية وفق نظام الطوارئ. عند العزاء، يصحو الإنسان قبل الأذان بنصف ساعة ويتأكد أن الحذاء الأسود لا يزال يلمع. وعند الأعراس، تتأخر الساعة داخليًا 3 ساعات كي يضمن الأردني وصوله وقت الزفة بالضبط، ليظهر في الفيديوهات دون جهد. وفي رمضان، تنقلب الساعة رأسًا على مقلوبة، فيصبح النوم بالنهار عبادة، والسهر بالليل فريضة، والإفطار لحظة تأمل جماعي عميق.
الساعة البيولوجية الأردنية ليست اختلالًا في النظام، بل نظامٌ خاص يحتاج إلى باحثين نفسيين وجغرافيين لفهمه. الإنسان الأردني لا يتبع الوقت بل يقوده. وإن قيل لك إن الجسم البشري يعمل بدقة الساعات الذرية، فاعلم أن هذا لا يشمل الأردني الذي يعيش حياته بفيزياء خاصة.
نيسان ـ نشر في 2025-06-29 الساعة 09:05
رأي: كامل نصيرات كاتب صحافي


