الغابة التي لا يُستجاب فيها الدعاء(6)
نيسان ـ نشر في 2025-07-06 الساعة 18:43
نيسان ـ مجلس الحكماء الكسالى
في أعالي الهضبة الوسطى من الغابة الكبرى، كان يقع مبنى قديم مكسو بالطحالب، تعيش فيه مجموعة من الحيوانات العجوز، يُعرفون باسم "مجلس الحكماء". في بداية الأمر، كانت الغابات كلها تحترم هذا المجلس، وتُنصت لكلمته كما تُنصت الطيور لتغريدة الفجر. لكن مع مرور الزمن، تحول المجلس إلى مجرد قاعة انتظار بطيئة للقرارات التي لا تُتخذ.
كان فيه سلحفاة رئيسة، بومة نائبة، وقرد خبير في التشريع، وثعلب قديم يشغل منصب المراقب العام.
حين اندلع الحريق الكبير في الغابة المنسيّة، اجتمع المجلس بعد ثلاثة أسابيع من بدء النيران. دخلت السلحفاة ببطء، ونادت: "نحن نستنكر بشدة، ولكن نحتاج إلى دراسة أعمق قبل أن نتحرك."
ردّت البومة: "نعم، لا يجب أن ننجرّ إلى العواطف، نحن مؤسسة عريقة، ولسنا سرب حمام."
وقال القرد: "نقترح إرسال لجنة تقصي… بعد انتهاء موسم الرياح."
أما الثعلب، ففتح دفتره وقال: "وفق البند الرابع من الفصل السابع للمادة الثامنة، فإننا بحاجة إلى موافقة موقّعة من اثنتي عشرة غابة قبل إصدار أي موقف ملزم."
وهكذا استمر الاجتماع خمسة أيام متواصلة، ناقشوا خلالها لون الورق المناسب للبيان، وعدد الكلمات التي لا تُغضب الوحش، وصياغة تُرضي الضبع الموقع.
وفي نهاية الجلسة، خرجوا بقرار نهائي: "نُعرب عن قلقنا البالغ، ونؤكد على أهمية ضبط النفس، ونأمل من الجميع ممارسة أعلى درجات الحكمة."
وتم ختم القرار بالشمع الأحمر، ووضع في أرشيف المجلس، إلى جانب آلاف البيانات السابقة التي لم تغير شيئًا سوى وزن الورق في خزائن التاريخ.
وسجّلت كتب الغابة: أن مجلس الحكماء، رغم اسمه، كان مجرد مأوى لمن يملكون .... لا الجرأة.
في أعالي الهضبة الوسطى من الغابة الكبرى، كان يقع مبنى قديم مكسو بالطحالب، تعيش فيه مجموعة من الحيوانات العجوز، يُعرفون باسم "مجلس الحكماء". في بداية الأمر، كانت الغابات كلها تحترم هذا المجلس، وتُنصت لكلمته كما تُنصت الطيور لتغريدة الفجر. لكن مع مرور الزمن، تحول المجلس إلى مجرد قاعة انتظار بطيئة للقرارات التي لا تُتخذ.
كان فيه سلحفاة رئيسة، بومة نائبة، وقرد خبير في التشريع، وثعلب قديم يشغل منصب المراقب العام.
حين اندلع الحريق الكبير في الغابة المنسيّة، اجتمع المجلس بعد ثلاثة أسابيع من بدء النيران. دخلت السلحفاة ببطء، ونادت: "نحن نستنكر بشدة، ولكن نحتاج إلى دراسة أعمق قبل أن نتحرك."
ردّت البومة: "نعم، لا يجب أن ننجرّ إلى العواطف، نحن مؤسسة عريقة، ولسنا سرب حمام."
وقال القرد: "نقترح إرسال لجنة تقصي… بعد انتهاء موسم الرياح."
أما الثعلب، ففتح دفتره وقال: "وفق البند الرابع من الفصل السابع للمادة الثامنة، فإننا بحاجة إلى موافقة موقّعة من اثنتي عشرة غابة قبل إصدار أي موقف ملزم."
وهكذا استمر الاجتماع خمسة أيام متواصلة، ناقشوا خلالها لون الورق المناسب للبيان، وعدد الكلمات التي لا تُغضب الوحش، وصياغة تُرضي الضبع الموقع.
وفي نهاية الجلسة، خرجوا بقرار نهائي: "نُعرب عن قلقنا البالغ، ونؤكد على أهمية ضبط النفس، ونأمل من الجميع ممارسة أعلى درجات الحكمة."
وتم ختم القرار بالشمع الأحمر، ووضع في أرشيف المجلس، إلى جانب آلاف البيانات السابقة التي لم تغير شيئًا سوى وزن الورق في خزائن التاريخ.
وسجّلت كتب الغابة: أن مجلس الحكماء، رغم اسمه، كان مجرد مأوى لمن يملكون .... لا الجرأة.
نيسان ـ نشر في 2025-07-06 الساعة 18:43
رأي: د. وليد العريض


