اتصل بنا
 

هل تلقى 'إنتل' مصير 'نوكيا'؟.. السقوط تحت عجلات قطار التكنولوجيا!

نيسان ـ نشر في 2025-08-09 الساعة 12:53

هل تلقى إنتل مصير نوكيا؟.. السقوط
نيسان ـ في عالمٍ اقتصادي يتغير بسرعة تفوق إدراك البشر، لا مكان للثبات أو الرتابة. فحتى عمالقة التكنولوجيا لا يُستثنون من سنّة التغيير القاسي. والابتكار وحده هو ما يمنح الشركات تذكرة البقاء. لكن، ماذا يحدث حين يترنح عملاق مثل «إنتل»؟ هل يتكرر سيناريو «نوكيا»، الشركة التي كانت في يوم من الأيام مرادفًا للهاتف المحمول ثم انهارت على حين غرة؟
في أوج مجدها، كانت نوكيا تسيطر على نصف سوق الهواتف المحمولة عالميًا. ولكن رفضها تبنّي نظام أندرويد في بدايته وتمسكها بنظام تشغيلها «سيمبيان»، ثم لاحقًا انتقالها إلى «ويندوز موبايل»، كشف عن نمطٍ من العناد وعدم التكيّف مع التحولات الجوهرية في السوق.
وبين عامي 2007 و2013، فقدت نوكيا تقريبًا كل شيء، تجاهلت اتجاه الهواتف الذكية ذات الشاشات اللمسية، ولم تدرك أهمية التطبيقات الخارجية في جذب المستخدمين، وهو ما جعلها تسقط سقوطًا مدويًا، رغم اعتقاد الكثيرين حينها أنها "أكبر من أن تفشل".
ورغم استمرار اسم نوكيا في السوق عبر أجهزة محدودة تعمل بنظام أندرويد، إلا أنها لم تستعد أبدًا هيبتها أو موقعها السابق، وباتت مجرد تذكير مرير بأن الغطرسة والجمود قد يطيحان بأي كيان، مهما بلغ حجمه.
إنتل على الطريق
تاريخ شركة إنتل حافل بالنجاحات، فهي حجر الأساس في صناعة المعالجات لعقود، لكن في السنوات الأخيرة، بدأت مؤشرات الانحدار تظهر، عانت من قرارات تقنية خاطئة، مثل تبنيها معمارية Netburst التي ظهرت في معالجات Pentium 4، والتي عانت من مشاكل في الأداء والحرارة، ثم تكررت الكارثة مع مشروع Itanium الفاشل، ومحاولة بناء بطاقة رسوميات عبر مشروع Larrabee الذي أُغلق قبل أن يرى النور.
ويحذر المحلل التقني سيدني باتلر من أن إنتل لم تتعلم من إخفاقاتها السابقة، بل باتت تسير بحذر مفرط، تحاول تجنب الأخطاء من خلال تجنب المخاطرة كليًا. وهو ما يعتبره باتلر «الخطأ الأكبر» في مسيرتها.
الضربة الأقسى
رفض إنتل تحديث بنيتها المعمارية بسرعة كافية جعل أبل تتخذ قرارًا استراتيجيًا بتطوير معالجاتها الخاصة القائمة على بنية «آرم». وبهذا خسرت إنتل أحد أهم عملائها.
وتواجه الآن خطر خسارة عملائها في سوق الحواسيب الشخصية أيضًا، إذ بدأت مايكروسوفت التعاون مع شركة «كوالكوم» لإنتاج معالجات بنية «آرم» للحواسيب المحمولة، وإذا ما تمكنت كوالكوم من تحسين أدائها لتضاهي معالجات أبل، فقد تتخلى شركات الحواسيب الأخرى عن إنتل، خاصة أن معالجات آرم تستهلك طاقة أقل وتنتج حرارة أقل، ما يقلل الحاجة لتقنيات تبريد مكلفة، إلا أن ذلك الانتقال سيؤدي لكثير من الحزم للمطورين لإعادة برمجة تطبيقات تعمل وفقاً لتلك المعمارية والتخلي عن معمارية x86، التي تطلق إنتل حزمها للمطورين، في المقابل فبرمجة ويندوز هي الأخرى كنظام تشغيل ستكون في حاجة لتبني المعماريات الجديدة لإنتل في حال سارت إليها وفقما هو متوقع.
أزمة القيادة
أضيفت أزمة جديدة إلى مشاكل إنتل، هذه المرة بقيادة رئيسها التنفيذي الجديد «ليب بو تان»، ففي مارس الماضي، تولّى تان قيادة الشركة، لكن سرعان ما ظهرت اتهامات بشأن علاقاته مع شركات صينية مرتبطة بالجيش الصيني، ما أثار قلقًا واسعًا لدى السياسيين الأميركيين.
السيناتور الجمهوري توم كوتون أرسل رسالة إلى مجلس إدارة إنتل يشير فيها إلى أن تان يمتلك حصصًا في شركات ذات ارتباطات عسكرية صينية، بل ويتهمه بالمشاركة في خرق ضوابط التصدير الأميركية حين كان يقود شركة «كادنس ديزاين سيستمز.
وتبع هذا الهجوم دعوة صريحة من الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عبر منصة «تروث سوشيال» لإقالة تان فورًا، مما دفع سهم الشركة إلى التراجع بنسبة 3% في يوم واحد، رغم أداء إيجابي لباقي أسهم التكنولوجيا.
هل من خلاص؟
بين القرارات التقنية المتخبطة، والركود الابتكاري، وفقدان العملاء، وأزمات القيادة، تقف إنتل على مفترق طرق حاسم، فإما أن تعيد ابتكار نفسها وتستعيد دورها في قيادة قطاع المعالجات، أو أنها ستلحق بنوكيا في خانة الأمجاد الزائلة.
السؤال الآن لم يعد هل يمكن أن تسقط إنتل؟ بل: هل ستبقى على قيد الحياة بما يكفي لتنجو من الطعنة الأخيرة؟ العالم التقني لا يرحم، ولا يؤمن بأي أحقية لـ"الكبار"، كقطار سريع يدهس كل من لا يجاريه في سرعته ويلاحقه.. فهل ستنجو إنتل من تحت عجلات القطار؟!

نيسان ـ نشر في 2025-08-09 الساعة 12:53

الكلمات الأكثر بحثاً