اتصل بنا
 

متى يا الله… متى؟

نيسان ـ نشر في 2025-08-11 الساعة 20:22

نيسان ـ يا الله
نحن نعرفك كما لم يعرفك سواك.
نعرف أنك الواحد الأحد، الفرد الصمد لم يلد ولم يولد، ولم يكن لك كفؤًا أحد
ونعرف أنك الجبّار القهّار الرحمن الرحيم الملك الحق المبين
ونعرف أنك لا تترك المظلوم حتى لو بدا أن الأرض تركته.
لكننا نسألك – لا جدالًا بل رجاءً – من قلب يذوب حزنًا، وعين أضناها السهر:
لماذا الظالم يتبختر في شوارع الأرض
والقاتل ينفخ صدره
والمستكبر يبيع دم الأنبياء على أرصفة الأمم؟
لماذا أهل غزة يلفّهم الجوع ككفن
ويشربون ماءً أزرق كدموع البحر
ويضعون أطفالهم في قبور أصغر من قلوبهم
وأنت الصمد الحي القيوم تسمع وترى؟
متى… متى تمد يدك فتطوي صفحات هؤلاء القتلة؟
متى تُسقط عروشهم كأبراج رمل في عاصفة؟
متى تكتب على جباههم: هؤلاء خانوا الحياة؟
ونحن نعرف حكمتك وقرأنا وعدك:
ولا تحسبن الله غافلًا عما يعمل الظالمون
لكن يا مولاي نحن بشر
والبشر حين يتألم، لا يقيس الزمن بميزانك، بل بميزان الدم الذي يسيل.
يا الله… إن في عبادك من لبس ثوب الصهيوني وهو يظن أنه يصلي لك
ومن سجد في محرابك، لكن قلبه سجد في تل أبيب،
ومن غسّل يديه من القضية ثم غسل وجهه في ماء النفاق
ومن صمت حتى صار صمته أبلغ من خيانة العلن.
لكن هناك – في أقصى الأرض –
من لم يقرأ الفاتحة ولم يعرف الركوع
لكنه حمل غزة في قلبه كما نحمل نحن أسماء أمهاتنا
من لم يسمع الأذان، لكن سمع صرخة طفل تحت الركام فلبّاها،
من لم يسجد في مسجد، لكن سجد في ميدان ورفع راية الحق حتى لو سقط هو.
أرأيت يا الله؟
أصبح الغرباء أوفى من الإخوة
وأصبح الغرب يصرخ باسم فلسطين
وبعض العرب يتثاءبون على شاشة الأخبار كأن المأساة فيلم قديم أُعيد بثّه.
فمتى يا الله؟
متى تسقي عطش العدالة بدم الطغاة؟
متى تردّ الحجر إلى يد الطفل؟
متى تكتب لنا فجرًا لا نرى فيه مقابر جديدة؟
أنت تعلم أن دمعة غزة ليست دمعة عابرة
بل نهرًا يصبّ في ميزانك
وأنت تعلم أن صبرهم ليس استسلامًا
بل صمودًا يستحي منه جبال الأرض.
فإن أخّرت نصرهم، فاجعل التأخير تكتيكًا سماويًا
وإن عجلت فاجعل النصر صفعة على وجه كل من خان
وامسح برحمتك على رؤوس اليتامى،
حتى يعلم العالم أن العدل… لا يموت وإن تأخر.
يا الله… نحن لا نطلب إلا أن تقول لنا:
الآن قد حانت ساعة الفرج.
وحينها ستبكي غزة فرحًا ويخرّ كل الشرفاء سجدًا
ويعلم كل متصهين وصامت أنه… كان واقفًا في الصف الخطأ من التاريخ.

نيسان ـ نشر في 2025-08-11 الساعة 20:22


رأي: د. وليد العريض

الكلمات الأكثر بحثاً