اتصل بنا
 

بعد تبخر تريليون دولار.. هل اقتربت 'فقاعة الذكاء الاصطناعي

نيسان ـ نشر في 2025-08-22 الساعة 15:48

بعد تبخر تريليون دولار.. هل اقتربت
نيسان ـ اهتزت أسواق المال العالمية على وقع خسائر غير مسبوقة في أسهم التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي منذ عدة أيام وتبخر تريليون دولار من القيمة السوقية للشركات العاملة في قطاع الذكاء الاصطناعي حيث أشعل هذا الاضطراب العنيف للسوق المخاوف من احتمال مواجهة الأسواق «فقاعة الذكاء الاصطناعي» في ظل مخاوف متزايدة من مبالغة في التسعير مقارنة بوتيرة بطيئة في تحقيق العائد من الاستثمارات الضخمة، وربما آخر تقرير صادم كان الذي أصدره معهد ماساتشوستس التقني قبل أيام وخلص إلى أن 95 من المشاريع المتعلقة بالذكاء الاصطناعي لم تحقق أي عوائد حقيقية.
اللافت هو ظهور مضاربة رابحة ضد أسهم التكنولوجيا في الأسواق، وهي ظاهرة جديدة منذ ثورة صعود الذكاء الاصطناعي الأخيرة في عام 2022. وأظهرت إحصائيات أن المكاسب المحققة من صفقات المضاربين ضد أسهم مايكروسوفت وإنفيديا وميتا جنت خلال يومين فقط أكثر من 2.8 مليار دولار. وتجاوز مجموع صفقات البيع على المكشوف 5.6 مليار دولار.
تُظهر تغطيات رويترز تقلبات ملحوظة في «ناسداك» وتراجعًا في أسهم الرقائق والبرمجيات مع اقتراب «جاكسون هول» وترقب نبرة الاحتياطي الفدرالي، فيما تداولت وسائل أخرى تقديرات لخسائر إجمالية تقارب التريليون على مدى أيام قليلة. هذه الهزّة جاءت على خلفية أسئلة جوهرية: هل يواكب العائد الفعلي الإنفاق الهائل على الذكاء الاصطناعي؟ وهل بدأت التوقعات تسبق الأساسيات؟
سجلت «وول ستريت» أسوأ أداء أسبوعي لها منذ أشهر وخسرت شركات كبرى مثل إنفيديا، مايكروسوفت، وبلانتير، التي كانت حتى وقت قريب أيقونات الازدهار، مئات المليارات في أيام معدودة. هذه الصدمة السريعة فتحت باب المقارنة التاريخية مع فقاعة الإنترنت في مطلع الألفية.
لماذا الحديث عن «فقاعة»؟
إنفاق رأسمالي تاريخي: تشهد شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم موجة إنفاق ضخمة على الذكاء الاصطناعي، فالمبالغ المجدولة لهذا العام تصل إلى 400 مليار دولار، وهو مبلغ يفوق ما أنفقه الاتحاد الأوروبي على الدفاع في عام 2024 بأكمله.
وفق تقرير لـ«وول ستريت جورنال»، تخصص شركات مثل مايكروسوفت وغوغل وأمازون وميتا، الجزء الأكبر من هذه الأموال لبناء بنية تحتية هائلة للذكاء الاصطناعي، تشمل مراكز بيانات وخوادم ومعالجات متطورة. ووفقًا لتوقعات مورغان ستانلي، فإن هذه الشركات ستنفق نحو 2.9 تريليون دولار بين 2025 و2028 على هذه الاستثمارات، التي يُتوقع أن تضيف ما يصل إلى 0.5% لنمو الاقتصاد الأميركي خلال العامين الحالي والمقبل.
كهرباء الذكاء الاصطناعي: تتوقع «غولدمان ساكس» ارتفاع طلب مراكز البيانات على الطاقة 50 % بحلول 2027، وحتى 165 % بحلول 2030 مقارنة بعام 2023؛ ما يعني أن البنية التحتية الطاقية نفسها قد تتحول إلى عنق زجاجة. ويمثل الذكاء الاصطناعي حوالي 4% من استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة في عام 2025، مع توقعات بارتفاع هذه النسبة إلى 12-15% بحلول عام 2030.
العوائد: حذرت تقارير «غولدمان ساكس» باستمرار من معضلة «إنفاق ضخم/عائد محدود»، وتحدثت تقارير أخرى عن عوائد منخفضة باتت تغذي شكوك السوق حول سرعة تحويل الإنفاق إلى إيراد.
السيناريوهات المحتملة
سيناريو «تصحيح إيجابي»: وفق تقييم غولدمان ساكس، تتراجع التقييمات إلى نطاقات أكثر اتساقًا مع نمو الإيرادات، بينما يستمر إنفاق البنية التحتية ولكن بوتيرة عقلانية. تدعم هذا الرؤية تقديرات أبحاث ترى أن «الأساسيات متينة، والطفرة حقيقية لكن بوتيرة أبطأ».
سيناريو «انكماش ممتد»: استمرار فشل المشروعات المؤسسية في تحقيق عائد ملموس مع تراجع شهية الإنفاق الرأسمالي، فيقود ذلك إلى هبوط أوسع في أسهم «الذكاء الاصطناعي» و«المعسكر المحيط بها».
سيناريو «إعادة تسعير انتقائي»: تتباين النتائج بين البنية التحتية والبرمجيات؛ فتحتفظ الأولى بتقييمات أقوى نسبيا بينما تتعرّض الثانية لموجات ضغط متكررة بحسب دليل الإيرادات الفعلي.
رغم ذلك، تستبعد تحليلات وتقييمات موثوقة تكرار سيناريو فقاعة الإنترنت عام 2000، حيث لدى الذكاء الاصطناعي استخدامات مثبتة واتساع في البنية التحتية، رغم أن سرعة تحقيق العائد تظل نقطة الشك الكبرى. أما خلال فقاعة الإنترنت فقد قفزت التقييمات مدفوعة بوعود ثورية للتكنولوجيا، قبل أن تنهار بسبب غياب نموذج ربحي متماسك. الاختلاف الجوهري اليوم هو أن الذكاء الاصطناعي أثبت بالفعل بعض الاستخدامات العملية في الطب والبحث والتعليم، لكن السوق قد يكون بالغًا في تقدير السرعة التي يمكن أن تتحول بها هذه الابتكارات إلى أرباح ضخمة.
وتميل تقارير بحثية لبنوك الاستثمار لتأكيد أن العناصر القوية طويلة الأمد في الذكاء الاصطناعي أقوى من سيناريو «الفقاعة»، رغم الاعتراف باحتمال تصحيحات مؤلمة.
في المحصلة، هل ما يجري هو مجرد تصحيح طبيعي بعد موجة صعود تاريخية، أم أن الأسواق أمام فقاعة ذكاء اصطناعي ستعيد رسم المشهد المالي العالمي؟ وفق تقييمات أولية، ما حدث هذا الأسبوع لا يثبت وجود «فقاعة» نهائية لكنه يكشف عن هشاشة القطاع وصعوبة تحويل الإنفاق إلى «دخل وربحية»، مما يبقي على مخاطر الفقاعة عالية.

نيسان ـ نشر في 2025-08-22 الساعة 15:48

الكلمات الأكثر بحثاً