اتصل بنا
 

الحالة العربية والأمراض المزمنة

كاتب صحافي

نيسان ـ نشر في 2025-09-07 الساعة 10:27

نيسان ـ السياسة العربية اليوم أشبه بغرفة عناية حثيثة: أجهزة قياس الضغط معلقة على جدار الخطابات، والسكر يتقافز في دم التحالفات مثل فنجان قهوة بلا ملعقة. كل قرار يشبه تحليل دم: أرقام كثيرة، لكنها بلا معنى إلا للطبيب المكلّف بكتابة التقرير.
المفاهيم السياسية تحولت إلى أعراض مرضية: الديمقراطية تعاني من فقر دم مزمن، الحرية عندها هشاشة عظام، والشفافية مصابة بالمياه البيضاء في العين. أما العدالة الاجتماعية فهي على جهاز تنفس صناعي منذ نصف قرن.
وحين تسمع مصطلحات مثل «الأمن القومي»، تشعر أنها وصفة دواء غامضة تُباع تحت الطاولة، لا أحد يعرف مكوناتها، لكنها تُستعمل في كل حالة، من وجع الرأس إلى السكتة الدماغية. أما «الوحدة العربية»، فهي مثل إبرة الأنسولين: تُحقن يوميًا بالكلام حتى لا تدخل الغيبوبة، لكنها لم تعالج المرض أصلًا.
الإعلام العربي لا يقوم بدور الطبيب، بل بدور موظف المختبر الذي يلوّن الشرائح ليُظهر النتائج أجمل مما هي، فيُقال إن المريض «صحيّ ونشيط»، بينما هو بالكاد يتنفس. أما الاقتصاد العربي، فنتائجه في التحاليل مثل كولسترول مرتفع: الكل يعرف الخطر، لكن الجميع يواصل التهامه بلا حساب.
المواطن العربي هو المريض الحقيقي: ضغطه مرتفع من الغلاء، سكره مضطرب من الوعود، وشبكيات قلبه مثقوبة من كثرة الخيبات. لكنه رغم ذلك لا يزال حيًّا، يتنفس السخرية كأكسجين مجاني، ويواصل حياته كأنه يقول: المرض مزمن لكن الضحكة دواء فعّال بلا وصفة.

نيسان ـ نشر في 2025-09-07 الساعة 10:27


رأي: كامل نصيرات كاتب صحافي

الكلمات الأكثر بحثاً